لقد كانت محرقة ساحة الحرية بتعز تجميعاً لأحقاد متراكمة وتصفية حسابات قديمة جديدة مع مدينة الثورة والتمرد الذي ظنوا أنهم أخمدوها وأذابوها بسياسات الإقصاء والإذلال طويل الأمد والتفريق بين أبنائها. كانت الساحة مزدهرة بالقوة والثورة والعنفوان وحب الشهادة ومع أن الثوار كانوا يشمون رائحة الشواء قبل المحرقة لكن أحداً لم يفكر في الفرار وإيثار السلامة ، الجميع أصر على مواجهة النار والموت ليصنعوا المستقبل والكرامة لليمن الجديد .. ارتفعت الأصوات بسلمية الثورة ولم يفكر أحد بمسألة الدفاع عن النفس مع أن المؤامرة وخبر الاقتحام قد وصلهم بتواتر. لم يعد للخوف مكان في قواميسهم ولم يتزحزح أحد من مكانه بل توافدوا أثناء الاقتحام لافرق بين رجل وامرأة ، هنا سنموت ونصنع الحياة لليمن وهتفوا أمام النار والموت سلمية سلمية ، وكان المفترض أن لا يستمر البلاطجة بقتل شعبهم وهو عاري الصدر، لكنهم لم يكونوا أكثر من عصابة تفتقد حتى لأخلاق اللصوص وقطاع الطرق.. كانت رؤوس الأفاعي تسابق الزمن وهم يديرون المحرقة التي بدأت من الثالثة أو الرابعة عصر يوم 29 -5-2011م إلى الساعة الرابعة فجر اليوم التالي واشتركت فيها أكثر من عشر معسكرات و جهاز أمني ،تم فيها إحراق الخيام والمصاحف والشهداء وتبادل القتلة التهاني بينهم: لقد دهسناهم وسحقناهم مثل الصراصير ولن تقوم لهم قائمة ، وفي الساعة التاسعة من اليوم التالي كان قادة القتل في تعز يحتفلون على أنقاض الساحة والجثث المحروقة ويطلقون النار فرحاً ومعهم للأسف الشديد من أبناء المحافظة يشتركون في الوليمة ليعبروا عن أنفسهم . كانت كارثة نزلت على كل اليمن لقد طعنت الثورة في القلب وكان الخوف يزداد عند السؤال.. هل ستستمر الثورة بتعز ،وكيف ستكون الثورة بدون تعز؟.. لم يلحق القتلة لكي يستمتعوا بالنصر الأحقر في تاريخ اليمن فلم تمض سوى أيام حتى حولت تعز المحنة الى منحة والهزيمة الى نصر وأصبحت المحرقة كابوساً للقتلة وقوة للثوار تمنى بعدها القتلة لو أنهم لم يقدموا على جريمتهم التي أدت الى دخول تعز عصر الساحات الثورية ومرحلة الاستعصاء والوحدة النضالية المبدعة ومازالت تقود الركب والقافلة حتى تصل اليمن الى بر الأمان ودائرة الحضارة والكرامة غير المنقوصة. [email protected] عن الجمهورية