في أمانة العاصمة: السطو ونهب الأراضي مسلسل تراجيدي مستمر دون نهاية في الآونة الأخيرة ازدادت مشاكل الأراضي في اليمن بشكل لم يتصور حتى باتت تشكل ناقوس خطر يدق وقنبلة موقوتة تهدد أمن واستقرار المجتمع ككل. كاشفة عن امتداد تاريخي لنزاعات يغذيها إرث ثقافي سلبي ونظام يستضعف الناس في هذا المستنقع الآسن، نهب وسطو لأراضي الدولة والأوقاف، وأخيراً وصل الأمر إلى ممتلكات المواطنين الذين لاحول لهم ولا قوة.. وكل ما تحتاجه لهذا السطو والاستيلاء والنهب في ظل الثورة والديمقراطية فقط أن تكون قائداً عسكرياً ذات مرافقين أو شيخاً قبلياً ذات نفوذ أو صاحب مركز وظيفي يساعدك على السطو والاستيلاء دون مساءلة وبدون رقيب أو حسيب. أوامر رئاسية وهبه مقبول المصباحي.. امرأة مسنة قد بلغت من الكبر عتياً، شاب رأسها ونحل جسدها وجف ريقها على أبواب الحكام والمسئولين بما فيها باب دار الرئاسة الذي ترددت عليه (وهبه)، كما تقول طيلة فترة تزيد عن تسع سنوات لتخرج بثلاثة أوامر رئاسية كلها تفي بإنصاف (وهبه) وإعطائها حقها الأرض بمذبح الأمر الذي جعلها تقوم بعد ذلك ببناء منزل شعبي لها ولأفراد عائلتها رافعة فوق ذلك المنزل المتواضع صوراً لرئيس الجمهورية كرد فعل للجميل بعد الإنصاف، كما تقول إلا أن فرحة (وهبه) لم تكتمل بعد.. إجراءات تدرجت من وزارة الأوقاف إلى الهيئة العامة للأراضي والمساحة تم بعدها الحصول على ترخيص بالبناء وسلامة تلك الأرض بالإفادات العديدة من الجهات المختصة وهذا ماجعل (وهبه) محل أنظار نافذي الأراضي حيث تم تهديدها بعد ذلك بتقاسم أرضها إذا لم تذعن لمطالبهم التي طرحوها عليها وبعد الرفض وقعت (وهبه) ضحية لتلك الشروط العنجهية ليُهدم منزلها وتسقط صور الرئيس التي كانت رفعتها (وهبه) على سطح منزلها مع أوامر ثلاثة موقعة بقلم رئيس الجمهورية.. من قام بالهدم أجاب على (وهبه) قائلاً: تلك الأوامر الرئاسية ذوّبيها في الماء واشربيه فهي أوامر لا توجد عليها علاماتها السرية التي تعطي أمراً صريحاً لتمكنك من أخذ حقك.. وبعد كل هذا لم يبق أمام (وهبه) وأسرتها كاملة إلا بقايا أحجار هدمت لتبقى على شكل ركام من البلك والإسمنت، أصبحت تعيش فوق ذلك الركام مع أسرتها من النساء والأطفال لتبقى تلك الأسرة ضحية المتنفذين من عمال الأوقاف والمتسللين بالمنطقة عبر خفافيش الوقف الذين يعملون على تقاسم تلك الأرض بينهم وبين قضاة وضباط من أجل التستر عليهم وإخراجهم من قضايا عدة، بالرغم أن معظم تلك الأرض هي ملك المساكين وقفوا عاجزين عن حمايتها بعد أن تقطعت بهم السبل للدفاع عنها من الفيد والاجتياح الذي مازال يداهمهم حتى يومنا هذا في ظل غياب السلطة وعجز الهيئة العامة للأراضي عن حماية أرض الدولة والأوقاف فضلاً عن حماية أرض المواطنين.. وهذا بحد ذاته يعد خرقاً صارخاً للقانون ومخالفة شرعية وقانونية تؤدي إلى ضياع الحقوق، وانتهاك حقوق الإنسان المصانة في الكتاب والسنة، أضف إلى أنها مخالفة جسيمة لوصايا الواقفين وخيانة كبرى أوجب القانون معاقبة كل من لهم صلة بذلك النهب والسطو القسري فإلى تلك النصوص والمواد القانونية المختصة بهذا الجانب. حيث جاء في المادة (75) أنه من حق الجهات المعنية أعطائها بممارسة مثولي الوقف أما المادة (76) فقد أوجبت على متولي الوقف تقديم حساب مؤيد بالمستندات للجهات المختصة كل عام، وكذلك المادة (77) حيث اشترطت لقبول حسابات المتولي للوقف بشأن الصرف أن تكون بسند واضح، بينما المادة (80) فهي تجيز للجهة المختصة إيقاف متولي الوقف عن مباشرة عمله وتنصيب آخر. خوف وقلق من المتنفذين أما يحيى صالح قائد مواطن يمتلك أرضاً في مذبح منذ مئات السنين ورثها من آبائه وأجداده هو واثنتين من إخوانه أراد يوماً أن يقسم الأرض للورثة وتمكين إخوانه من قطعة أرض للسكن عليها.. إلا أن يحيى يتفاجأ بعد ذلك بأن أرض شقيقته قد تعرضت للتخطيط بواسطة الجص الأبيض كعلامات لاقتطاع عمال الوقف المتعاقدين في تلك المنطقة، كما يقول يحيى، وهذا ما جعله ينتصر لأخته بالحراسة المستمرة للأرض لحمايتها من النهب والبناء عليها.