الفساد هو تلك الظاهرة المعقدة في تجلياتها ، الواضحة في تأثيراتها ، المتعارضة مع الأسس والقيم الدينية والاجتماعية ، والسياسية ، والفساد يعد المصدر الرئيسي لإخفاق جهود التنمية على مدى 33 عاما مضت مما كان سببا تكريس الظلم والجهل الفقر ، فهو يلتهم ثروات الشعوب ويعيق الاستثمار ويعطل حكم القانون ، وتتضاءل قدرة الدولة في تحقيق أهدافها التنموية ذات الصلة برفاهة المواطن ، لذلك يشكل الفساد عائقا بالغ الخطورة أمام بناء الدولة المدنية الحديثة بعد ثورة الشباب التى قامت من أجل مكافحة الفساد فى مفاصل الدولة التى كانت تحمى بقانون من مجلس النواب والشورى في عدم محاسبة من يكون بدرجة وكيل وزارة إلا اذا بلغ النصاب ثلثي المجلس وهذا كان بمثابة شرعنه للفساد الذي يقوم عليه النظام البائد الذي أطاحت الثورة الشعبية. ويعد الفساد في اليمن عقبة رئيسية أمام تحقيق التنمية البشرية والحكم الرشيد ، كونه يضعف ثقة المواطنين بالدولة وسياساتها تجاه ، ويرفع كلفة الاستثمار في القطاع الخاص بشكل ملحوظ. وقد أخفقت الحكومات اليمنية السابقة في محاربة الفساد وعدم جعل مكافحته كأولوية لإستراتيجيه للإصلاح والتنمية . ولذلك اشتعلت الثورة الشبابية نتيجة ما وصلت إليه اليمن من فساد في شتى المجالات السياسية والاقتصادية ، وخاصة بإجراءات عدم الجدية في مكافحة الفساد التي كانت تتبعها الحكومة اليمنية لتشمل إصلاح الإجراءات ألإدارية وتحديث الخدمة ألمدنية إعادة هيكلة النظام العام للإدارة المالية والسلطة الفضائية وعدم تعزيز دور السلطة التشريعية ، التي كانت بحاجة إلى مزيدا من المتابعة والتنفيذ العملي في إحالة ملفات الفاسدين إلى نيابة الأموال حتى صار المعروف لدى كل يمني إذا أنت سارق ولديك ملفات فساد فإن الحاكم سيوصلك إلى أعلى مرتب الدولة سابقا .
وما نلاحظ اليوم وبعد انتصار الثورة وصدور قرار منسقيه الثورة الشبابية الشعبية لرفع الخيام وإلغاء الساحات بعد قرارات النصر الحاسمة والتى أنهت حكم الفرد الفاسد وجاءت بحكومة ورئيس شرعي منتخب ولذلك لابد من صدور قرارات اخرى تلغى مجلس الشورى والنواب لان شرعيتهما انتهت بموجب المبادرة الخليجية التى نصت على التوافق والحوار والخروج بشكل الدولة المدنية الحديثة التى تحقق اهداف الشباب ، فما حصل فى مجلس الشورى من مؤامرة خبيثة تنبئ بخيبة أمل بأن مجلس الشورى لم يستفيد من الاحداث التى افرزتها الثورة الشبابية والمبادرة الخليجية حيث تعمد على اختيار شخصيات محسوبة على النظام السابق بفسادها ولا يوجد فيها اى مقومات النزاهة والشفافية ولا داعي لذكر الاسماء فأغلبها تمثل جزء من الفساد السابق الذين كانوا يسترزقون المال الفاسد من النظام السابق مقابل الدفاع عن فساد الحاكم ومؤدية طوال ايام الثورة ، ولذلك فلايمكن للشباب ان يقفوا مكتوفي الايدي بعد إخلاء الساحات ورفع الخيام إلا التوجه نحو التصعيد الثوري لإسقاط فساد المؤسسات ومنها مجلس الشورى والنواب والوزارات التى لم تتعظ من المرحلة ولا زالت تمارس فساداها بكل هوادة
نسوا قول الله تعالى " ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها " الأعراف 65) ولم يحترموا الاتفاقية الدولية للأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتى وقعت عليها اليمن ولذلك يقول تعالى عن هؤلاء (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) وقد نَفر الخالق سبحانه وتعالى من المفسد بمقارنته بالمنافق أحيانا وبناقض الميثاق أحيانا وبمن يهلك الحرث والنسل أحياناً أخرى في قوله (وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد) .
ولذلك لم تحقق هيئة مكافحة الفساد طوال الفترة الماضية اى ايجابيات تذكر غير انها كانت بمثابة غطاء وحصانه للمفسدين فى عهد نظام المخلوع واليوم هناك من يسعى الى استغلال السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة ولذلك لا يمكن ان تكون الحصانه بموجب المبادرة الخليجية ملاذا لكل الفاسدين فى شتى المؤسسات الحكومية ولم يتيقنوا ان حكم الفساد ولى وذهب ونحن الان فى ثورة مستمرة
ولذلك فالتصعيد الثورى مستمر من كل مكان سعيا لا إسقاط ما تبقى من منظومة الفساد الباقية ومحاسبة كل من تلطخت أياديهم بجرائم الفساد سواء كان الفساد السياسي ومصادرة الحقوق والحريات العامة التي كفلتها الشرائع السماوية و كفلها دستور الوحدة ، لذلك أول مقومات الدولة المدنية هو عدم تعيين مراكز قيادية في الدولة لمن لهم سوابق واتضح في ملفاتهم أنهم كانوا سببا في ضياع أموال الشعب والبطالة التي وصلت إليها البلاد ، والعمل على إعادة الأموال المنهوبة والمسروقة من أموال الشعب والسعي لتجميدها من خلال مطالبات الجهات ذات العلاقة بحجزها وإرجاعها إلى خزينة الدولة المدنية ،كما يجب العمل على إختيار الشخصيات الوطنية المتصفة بالنزاهة والشفافية وفق المبادرة الخليجية وليس وفق ما يريدة مجلس الشورى والنواب كونهم جزءا من النظام السابق المتباكين عليه وعلى فسادة .
ولذلك لابد من إعادة اختيار الهيئة لتكون خادمة للشعب والوطن لا للمفسدين من خلال اختيار دماء جديدة تتميز بالنزاهة والخبرة بعيدا عن العصبيات والتوجهات الحزبية كما يجب أن تكون هيئة مكافحة الفساد مستقلة مثلها مثل القضاء المستقل.
فالثورة مستمرة والرقابة الثورية هي التى ستعمل على اجتثاث الفساد من كل مؤسسات الدولة من خلال ثورة المؤسسات والتى اعطت الفرصة الكافية للحكومة اليمنية والقيادة السياسية لاستكمال التدوير ولكنها لم تحقق شئ امام التغيير نحو بناء الدولة المدنية وفق الحكم الرشيد ومكافحة الفساد.