تشتعل شوارع القاهرة بالمتظاهرين بصورة غير مسبوقة ساعة كتابة هذا المقال ليلة الاربعاء هناك أزمة سياسية، وليست ثورة، بدليل الشوارع المتقابلة التي تزيد المؤيدة عن المعارضة، هناك خلل في المنظومة السياسية والأحزاب المصرية التي فشلت في التعايش تماما ....وفتحت الباب أمام النظام السابق وأعداء مصر للعبث بالشعب ومستقبل مصر ... لم يعد هناك معنى للثورة في التحرير ورموز النظام السابق في المنصة وقتلة الثوار يديرون المظاهرات بغطاء ثوري، الإقصاء هو الثقافة واللغة التي ميزت القوى المصرية، هناك ملاحظات عديدة: الملاحظة الأولى أن الحزب الحاكم (الإخوان وحزب الحرية والعدالة) هم من تحرق مقراتهم مع حزب الوسط الحليف، وتقتل عناصرهم، وهذا أمر غير مألوف، مع تمسكهم بالسلمية، وقدرة فائقة في ضبط النفس، وهذا محسوب للقوى الإسلامية التي طالما اتهمت بالعنف. هناك ملاحظة أخرى وهي زيادة منسوب العنف والإقصاء من قبل أحزاب تدعي الحداثة والمدنية عن طريق نسف قواعد الديمقراطية وإسقاط الرئيس بوسائل غير شرعية إضافة إلى لغة الإقصاء والعنف الموجه فهناك لغة تدعو بصورة فجّةٍ ومتخلفة لإقصاء الاسلامين وكيانات وطنية كبيرة والدعوة بأن محلَّهم السجون وحرمانهم من حقوق المواطنة، وهذا يوضح مدى التطرف المسيطر على هذه القوى، متناسين أن الإقصاء هو المسئول عن التطرف والإرهاب والفساد وكل الخراب، وكان عليهم أن يلاحظوا أن اكبر جماعات العنف هي اليوم في الشارع غادرت العنف وتهتف: سلمية سلمية، فالعنف لم يكن إلا نتيجة للقمع والإقصاء والتخلف الثقافي والسياسي ؟ لقد فتحت هذه الثقافة الإقصائيه الباب أمام أعداء مصر ليعبثوا بالبلاد ويحاولوا تقزيمها عن طريق من كانوا يدعون أنهم ثوار. أزمة مصر غير بعيدة من إسرائيل، ولا أجندة الدول المذعورة من قوة مصر، والتي تعمل على تقزيم وتصغير مصر بكل الوسائل ولا يستحي بعض مسئوليها من التصريح بذلك علنا؟... المعركة اليوم تدارمن قبل قوى إقليمية وعالمية تحاول خنق مصر من خلال بعض أبنائها الذين فقدوا الاعتدال والحس الوطني وذهبوا ضحية ذواتهم وعدم قبولهم للآخر الوطني هل أقول هنا أن اللقاء المشترك في اليمن هو تجربة رائدة علينا ان نحافظ عليها كتجربة حضارية وثقافية قبل أن تكون سياسية وأن التعايش وقبو ل الآخر هو التحدي الحضاري الحقيقي الذي يجب أن ننجح فيه، بل إن غياب التعايش ورفض الآخر هو سبب السقوط الحضاري العربي الذي سيظل ينحدر كلما بقت ثقافة الإقصاء ورفض الأخر ثقافة متجذرة. [email protected]