شكل الانقلاب العسكري الذي حدث في مصر انتكاسة حقيقة بالنسبة للتجربة السياسية المتمثلة بالعمل الديمقراطي بدائي المنشأ والذي لم يلبث سوى عام واحد فقط ناهيك عن التشرذم والانقسام القائم في الشارع المصري بين مؤيد ورافض لما حدث الامر الذي اتاح فرصة سانحة لعودة فلول الدولة العميقة الى المشهد مرة اخرى منتهزين فرصة الخلاف في خلط الاوراق واللعب بادوار رئيسية مصورين ما حدث بانها ثورة لا تقل اهمية عن ثورة 25 يناير لاشك ان صمود الاخوان المسلمين بهذه الوتيرة لاكثر من شهر لا يعد امرا سهلا ممكن لقوى الانقلاب تجاوزه باي حال من الاحوال لاسيما بعد سقوط عدد كبير من الضحايا الامر الذي عقد المشكلة تماما وقلل من فرص الحوار وجعل انصار مرسي يستميتون في البقاء بالميادين لان عودتهم الى بيوتهم خيار يهدد حياتهم ويجعلهم في المستقبل عرضةً للاعتقالات والاعتداءات والتهديدات والمسائلات اللا قانونية بعد ان لمسوا في الفترة الراهنة مضايقات واعتقالات وكبت للحريات ومحاصرة العمل الاعلامي على كل حال ما ستحدده الاحداث وما ستؤول اليه مستقبلا من سيرسم مسارات المشهد السياسي على ضوء المعطيات المتعاقبة وهذا ربما سيكون بمثابة خارطة طريق جديدة ممكن تعميمها على دول الربيع العربي باي حال كانت وبالتالي فالتغيرات الحالية بالتاكيد ستكون لها نتائج سلبية ومؤثرة ليس فقط على المستوى القريب فحسب بل ايضا على المستوى المتوسط والبعيد في حال تارجح كفة العسكر على الكفة الاخرى وليس هذا ببعيد لطالما هناك مباركة من الدول العظمى كالولايات المتحدةالامريكية وبعض حلفائها لا سيما بعض دول الخليج العربي في تقديم الدعم المادي والاعلامي عن طريق ابواقهم الاعلامية سيئة الذكر والمعروفة لدى الجميع في محاولة اقناع البعض وتصوير ما حدث بالثورة الشعبية جاءت عند رغبة الجماهير وليس بالانقلاب العسكري ومن هنا ممكن الاشارة الى ما حدث ليس بعمل عفوي او حالة ظرفية وانما عمل مبيت ابتدءاً بازمة تفاقمت تدريجيا كما اراد مهندسوها وصولا الى هذا الانقلاب السافر بطريقة غير مقبولة منطقيا حيث كان للاعلام الموجه الدور الابرز في هذا العمل عن طريق محاولة خلط الاوراق السياسية والتبرير في استخدام وسائل جديدة لاغتيال الديمقراطية واسقاط الحكومات المنتخبة في دول الربيع العربي تحت حجة تفشي الفساد وفشل تلك الحكومات في التعاطي مع الاحداث الراهنة ولذا كانت البداية من مصر بحكم دورها المحوري في المنطقة والمؤثر بالفعل على المصالح الغربية واسرائيل وبالتالي لجأت اسرائيل والدول العظمى في مواجهة هذا التوسع بعد ان شعرت ان الاسلامين هم الاجدر بقيادة العالم العربي ومؤهلين بالفعل من غيرهم حينها ابدت تخوفا شديدا من وصول الاسلاميين الى السلطة في هذه المرحلة بالذات حقيقةً من المفارقات الملفتة للنظر حينما يتحدث بعض الليبراليين عن علاقة الاخوان المسلمين بالادارة الامريكية مصورين تلك العلاقة بالحميمة وانها لا تقل اهمية عن علاقة النظام السابق وان الاخوان قد خسروا رهان الادارة الامريكية في عدم القدرة في الحفاظ على تلك العلاقة وعدم استطاعتهم القيام بالمهام المؤكل اليهم من قبل الادارة الامريكية والملخص في حفظ السلام مع اسرائيل والحفاظ على مصالحها في المنطقة العربية لعل من الواضح ان انقلاب على نظام ديمقراطي كالنظام المصري شكل في واقع الحال خيبة امل بالنسبة للتوقعات التي كان يآملها شباب الربيع العربي لكن لا ننسى في المقابل انه قد عمق هذا الحدث في قلوب اولئك الشباب فكرة الثورة الربيعية لاسيما بعد ان انكشف وتعرى من حضروا لهذا الانقلاب من قبل غالبية ابناء الشعب المصري الشرفاء في الوقت الذي اظهروا افلاسهم في الاصطفاف الى جانب الفلول والاستنجاد بالعسكر تحت شعارات زائفة لا تمت الحقيقة بمعنى على كلا بقاء مؤيدي مرسي بهذه المعنوية العالية ومحاولة الطرف الاخر المتمثل بالقوى الانقلابية فض الاعتصام بقوة السلاح حسب اعتقادي لا يحل الازمة القائمة مطلقا بل سيعمق الخلاف وهذا سيؤدي حتما الى تقليص فرص الحوار والحد من ايجاد مصالحة وطنية تجمع كافة الاطراف على العموم يظل السؤال قائما هل ستسمو شرعية الديمقراطية على شرعية الشارع ام العكس وهل ستنتصر السلمية على الرصاص ؟؟ فالمستقبل ملئي بالأحداث فالننتظر معا . تغريدة : عندما تلد مشاعرنا نموذجا رائعا من الوعي الكفيل بتخطي الوهم المتأصل في واقعنا سنكون بالفعل بمقربة من واقع حضاري خال من الزيف والانتهازية ... عيد مبارك وكل عام وانتم بخير