عندما نصحت الولاياتالمتحدة قادة الانقلاب العسكري الدموي الفاشي أن يرفعوا شعار لافتة مكافحة الإرهاب والاستجابة للمطالب الشعبية عنوانًا على إنهاء الحكم المدني؛ نسوا أن أميركا نفسها لم تستطع أن تضحك على العالم وهي تدمر أفغانستان والعراق والصومال باسم مكافحة الإرهاب، وتجاهلوا أن الانقلاب قدم دليل إدانته حية وعلى الهواء مباشرة وهو يطبخ المصريين الأبرياء في ميداني رابعة العدوية والنهضة ورمسيس بعد أن طبخ وجبات سابقة أصغر قليلاً في دار الحرس الجمهوري والمنصة والمقطم والمنصورة وبقية المحافظات. اتهام الشعب المصري بالإرهاب حيلة قديمة خائبة لا تنطلي إلا على من فقدوا عقولهم، ولا يدركون من طبيعة الواقع السياسي والاجتماعي شيئًا. صحيح أن الانقلابيين الدمويين يملكون جهاز دعاية ضخمًا من تلفزة وإذاعة وصحافة، يبذل فيها عملاء العسكر جهدًا ضخمًا على مدار الساعة لإقناع البسطاء والطيبين أن من يعارضون انقلابهم إرهابيون، ثم إنهم يعملون على قلب الحقائق، وتزييف الوقائع، والتدليس على الجمهور كي يكسبوه إلى جانبهم ويمرورا جرائمهم، ولكن الحقائق المرة تتأبي على الذوبان، ولا يمكن طمسها أو إخفاؤها، فالانقلاب العسكري بعد أن استدعى الجلادين من قهوة الشمس وربوع الحاج ضاحي خلفان قام مثلا بخطف الرئيس المنتخب ولا أحد يعرف مكانه حتى الآن، كما أعلن على الملأ أنه أنهى الحكم المدني إلى الأبد بتعطيل الدستور، وإلغاء المجلس التشريعي، ومصادرة إرادة الشعب التي عبر عنها في انتخابات واستفتاءات كانت تحت حماية الجيش وشهد لها العالم كله بالحيدة والنزاهة والشفافية. ثم قام الانقلاب العسكري الدموي الفاشي بسلسلة من المذابح أشهرها مذابح ميداني النهضة ورابعة العدوية ورمسيس وجامع الفتح، ودار الحرس الجمهوري والمنصة والمنصورة وعواصم المحافظات مثل السويس والبحيرة والغربية والفيوم والمنيا وأسيوط ودمياط... وقام الانقلاب العسكري الدموي الفاشي بغزواته الكبرى لسحق الأهالي بالمدرعات والدبابات والهليوكبتر في قريتي دلجا وكرداسة، فضلاً عن مدن سيناء وقراها ويستعد لسحق أهالي الصف ومن تحدثه نفسه بمعارضة الانقلاب ومذابحه بحجة أنهم إرهابيون دون أن يعثر على إرهابيين بالمعني الدولي للإرهاب، وأثبت بجدارة أن الانقلاب هو الإرهاب بعينه، وقد اعترف رئيس حكومة الانقلاب أنه فعل مثلما فعلت الولاياتالمتحدة بقتل عشرات الآلاف من الفيتناميين.
الانقلابيون الدمويون الفاشيون عسكروا كل شيء في الوطن ووضعوه تحت رحمة الإرهاب الحكومي وجعلوا للجلادين اليد العليا في مصائر البلاد والعباد. فقد صارت الأمور كلها بأيديهم: القضاء والإعلام والثقافة والحكومة والإدارة المحلية (المحافظون العسكر صاروا أغلبية ساحقة!)، وبدأت الترتيبات ليكون قائد الانقلاب رئيسًا للجمهورية (غصب عنه كما يقول الموالون له من الفلول والعلمانيين).
الحكومة التي صنعها الانقلاب الدموي الفاشي تتحرك وفقًا لمشيئته وتحت سطوة الجلادين لمحاربة الإسلام بالسيطرة على المساجد، والمدارس والجامعات والمؤسسات، والجلادون في كل الأحوال لهم القول الفصل، حتى الرئيس المؤقت الذي لا يملك من أمره شيئًا يخضع لإملاءاتهم وقد أصدر مؤخرًا تعديلاً للحبس الاحتياطي كي يكون بلا نهاية، إرهابًا لكل من يعارض الانقلاب وانتقاما منه ومن أقاربه، وصار تلفيق التهم الجاهزة وفي مقدمتها القتل والتحريض عليه أمرًا عاديًّا، وكان الدستور قد حدد مدة الحبس الاحتياطي واستفاد منها من أجرموا في حق الشعب المصري قبل ثورة يناير، مثل مبارك ورجاله.
وزراء الحكومة الانقلابية يقومون الآن بما يسمى تطهير وزاراتهم من الأخونة، ويقصدون فصل كل من يعارض الانقلاب سواء كان من الإخوان أو غيرهم، وتجاوز الأمر الوزارات إلى الجامعات فرأينا بعض الجامعات تفصل عددًا من الأساتذة بحجة الغياب دون إنذارات أو تحقيقات، ويقوم الجلادون باعتقال كثير من الأساتذة بينهم عمداء للكليات، ويروجون الآن لإقالة رؤساء الجامعات الذين انتخبهم الأساتذة لأنهم معارضون للانقلاب الدموي الفاشي، وما يجري في الجامعة جرى مثله في الصحافة؛ حيث تمت إقالة رؤساء تحرير ومجالس إدارة لكل من رفض الانقلاب أو لم يكن على هوى الانقلابيين.
عملية انتهاك الحرمات وتدمير البيوت والمساكن واعتقال المعارضين للانقلاب الدموي الفاشي تتم ليلاً ونهارًا، في محل العمل أو في البيت، بل يلقى القبض على أسر بأكملها، واعتقال الأقارب من الرجال والنساء والأطفال حين لا يوجد المطلوبون. ووصل الإرهاب إلى مدى غير مسبوق باعتقال النساء المعارضات للانقلاب الدموي، ولأول مرة يصل عددهن إلى ما يقرب من خمسين ومائتي امرأة وفتاة! مع تعذيب المعتقلين أو وضعهم مع المسجونين الجنائيين بصور تقشعر لها الأبدان!
ومع بداية العام الدراسي وتظاهرات الطلاب ضد الانقلاب الدموي بدأ اعتقال المدرسين والطلاب الصغار في الثانوي والإعدادي والابتدائي، وصدرت الأوامر الشفهية ليقوم نظار المدارس بالإبلاغ عن الطلبة والطالبات ليتم القبض عليهم وإهانتهم وتعذيبهم وفصلهم (فصل الانقلاب حتى الآن أكثر من 18 طالبة واعتقل أكثر من 150 طفلاً بسبب التعبير عن الرأي!).
لقد تمادى الجلادون في غيهم وظلمهم وإجرامهم لدرجة القبض على الطلاب الذين يرفعون أيديهم بشعار رابعة العدوية (الأصابع الأربعة) ناسين أنها صارت شارة عالمية تعبر عن صمود الشعب المصري في وجه الانقلاب والجلادين جميعًا.
ومع ذلك يخرج كذاب يتحدث باسم الحكومة الإرهابية ويزعم أنه لا يوجد في مصر معتقلون، ويدعي الإرهابي الحكومي أن الموجودين في السجون متهمون جنائيون. عشرون ألفًا من خيرة أبناء مصر جنائيون يا كذاب؟
والأغرب من هذا أن يزعم مدرس بوليسي بأكاديمية الشرطة أن الدولة البوليسية لن تعود، ويتجاهل أنه يعمل من خلالها وينطق باسمها! ثم يزعم صاحبنا أن الشرطة المصرية تصحح في الأخطاء والمفاهيم القديمة عنها، مشددًا على أنه لو حلم رجال الشرطة بما وصلوا إليه الآن لما صدقوا أنفسهم من حالة الالتحام والحب من الشعب المصري باعتبار عودة الشرطة لحماية الشعب دون حمايتها لنظام حاكم! وأترك للقراء الحكم على ما يقوله الرجل عن فلسفة الشرطة الجديدة كما يتوهم،حيث يزعم أنها تعمل في منظومة تقوم على الشرف وليس على الخسة والنذالة.
من المؤكد أن الدولة العسكرية البوليسية الفاشية تخدع نفسها حين تظهر في ثوب البريء الطيب، بينما يداه ملوثتان بالدم والعار والجريمة. وفي كل الأحوال نقول لهم: حضرات الجلادين: حكومتكم إرهابية!.