أسواق شعبية فقيرة وأحياء صفيح تنبعث منها رائحة الفقر، تختلط أوجاع الناس بمطالبهم البسيطة، أحداق الباعة المتجولين والعاطلين على الأرصفة وحتى البائعين في محلاتهم ثمة قلق يغلف وجوههم من ارتفاع في المعيشة وتدهور مريع في دخل الأسرة وتفاقم الغلاء.. جولات وأرصفة وشوارع وحتى أبواب جوامع وشركات تجارية وجمعيات خيرية شاهدة على مأساة فقر كافر يتشكل بفعل الغلاء وتدهور المعيشة إلى حد الكارثة.. يصدمك ليل رمضان ونهاره وخاصة مع اقتراب الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك.. مشاهد كثيرة يلحظها الزائر للحديدة في شهر رمضان الكريم.. ثمة سباق مع الزمن بحثا عن رغيف خبز أو قطع قماش حيث مئات الأسر تتجول مع أطفالها في الأحياء بحثا عن لقمة وهدمة.. الآلاف من المتسولين تكتظ بهم الشوارع والجولات والأسواق ودور العبادة، احتشاد للنساء والأطفال والعجزة والمرضى والمعاقين وأصحاب العاهات والحاجات الأساسية بحثا عما يقولونه انه البحث المضني عن لقمة الخبز.. تجد المرارات تتكور في حلوق الأسر المتعففة التي تجالد فقرها بصمت وصبر في أحياء صفيحية مسكونة بأوجاع الفقر والفاقة.. ضاعف من معاناة السكان الأمطار التي تحدق مياهها الضحلة بالأحياء في مختلف المدينة وتخوفات من ازدياد معاناة الفقر ليضاف إليها المرض والأوبئة.. بينما محدودو الدخل يتساءلون عما إذا كانت إكرامية رمضان ستصرف لتخفف من معاناتهم، السؤال الذي يشعر بقسوة الظروف المعيشية التي تعصف بالجميع هنا.. "الصحوة " تجولت مساء الأحد الماضي في عدد من أحياء الصفيح والأحياء المهمشة واستمعت إلى أوجاع هؤلاء الذين يتكئون على آلام فقرهم لكنهم رغم ذلك أشد احتفاءً بشهر الصوم . أحياء مسكونة بالفاقة والفقر ففي حي السلخانة، وهو من أشد الأحياء فقرا في الحديدة، ثمة سوق صغير وفقير في حاجاته البسيطة التي تتناسب مع القدرات الشرائية للسكان.. يقف عبدالله عبد الرحمن أمام بسطة محل بيع عصير الليم، يحمد الله على ما هو عليه ويدعو الله أن يريحه من تعب هذه البلاد، قالها بصوت مذبوح، يا ولدي صدقني هنا خلف كل بيت مأساة، بعض الأسر تأكل وجبة واحدة، رغم فقرنا إلا أننا نحاول ومن خلال التكافل الاجتماعي وحق الجار نتبادل ما نقدر عليه من المأكولات البسيطة والأسرة التي على الحدِيدَة نعطيها مما أعطانا الله ادخل للبيوت وسترى بعينك أحوال الناس هناك من دفعته الظروف للتسول والذي يستحي يدفع بأطفاله وأنت ترى الحديدة كيف التسول فيها. جاره بائع الخبز، يقول لا شيء هنا يستحق الحديث عنه، أسر تبحث عن القوت الضروري وكلنا نبحث عنه.. الغلاء أخمدنا يا أخي وأنت ما الذي ستعمله لنا، الناس ملوا الانتخابات، الناس يشتوا القوت الضروري الذي يا أكلوه مع أطفالهم، الأعمال ما في والبطالة كما ترى تنتشر في الشباب ايش يعملوا ؟ ما في عمل ونحن نعيش بستر الله".. سألت الوالدة أم عائش عن العائد من بسطتها حيث تبيع بعض البهارات في السوق، قالت خليها على الله، حياتنا لا تطاق، لا كهرباء ولا ماء ونعيش في الزنج بين الحر والظلام، ورمضان كريم، هناك من الناس الخيرين يزورون هذه الأسر في رمضان ونتمنى من الدولة أن تزورنا أيضا وتدي العيش الكريم للمواطنين. يجالدون الفقر وفي سوق الصبالية أحد أشهر الأسواق الشعبية في الحديدة تجد ثمة فقرا باديا على وجه المواطنين، هنا الباعة منهم والمشترين.. صالح عبد الله الجلف يتذكر أن هذا السوق كان الناس يأتون إليه ليتذوقوا الأكلات الشعبية كالحنيذ والفته بالعسل والمرق والصيادية أو ما يسمونه بالمقلى وهو عبارة عن أكلة سمك اشتهر بها هذا السوق.. ويمضي صالح بالقول "إن الغلاء المتزايد كل عام أثر على البائعين وحتى المشترين ومقارنة بالعام الماضي مثلا البيع هنا اقل والازدحام الذي كنا نألفه لم يعد موجودا هنا والشكوى إلى الله مذله، أين نذهب من الفقر والغلاء، ما في دولة تهتم بالمواطن مثلما تهتم بجلب الضرائب والرسوم من المواطن". محمد السلموني يقول إن الفقر في هذا الحي يزداد بشكل كبير والناس هذا العام لم يأخذوا كفايتهم من المتطلبات الرمضانية لأن الراتب تأخر والبعض كان يعول على المكافأة الرمضانية التي يقولوا إنها حق الرئيس، واليوم لم تعد تكفي قيمة ملابس الأطفال.. لكن المواطنين هنا يتبادلون المأكولات البسيطة والأسر الفقيرة تحظى بالدعم والمساندة من مختلف الأسر في الحي وتعال مع قرب ساعات مغيب الشمس سترى بعينك الأطفال والنساء كل واحد منهم يحمل صحن أو صحنين للبيوت الجيران والفقراء وهذا التكافل خفف الكثير من متاعب الأسر الفقيرة ولم تعد بعض هذه الأسرة تشكوا الحرمان من الأساسيات لأنها تحظى بدعم من الجيران ومن بعض الميسورين. حي الربصا للفقر صور متعددة أما في حي الربصا، إلى الشرق من مدينة الحديدة فيوجد سوقان شعبيان، سوق الخير وسوق المرعي، وهو سوق جديد، بائعة اللحوح تقول إنها تعول أسرة كبيرة وأنها تبيع اللحوح في رمضان ومع الأيام العادية إلا أنها تبيع بشكل أكبر في رمضان حيث يزداد إقبال الناس عليها لتقديمها كشفوت وهي وجبة غذائية معروفة في رمضان بالذات.. وتمض سعدية الحودلي بالقول، "إن غلاء الدقيق والحنطة هذا العام أثر على بيع اللحوح وأصبحنا نضع المخمر عليها بشكل كبير لأن الناس يقولون غالية إذا بعنا اللحوحة 70 ريالا فاضطربنا إلى بيعها ب 50 ريالا ونصغر الحجم... يا ابني البلاد لم تعد كما كانت عليه، كل سنه أسوا من أختها يقولون إنهم با يرخصوا الأسعار وهي تزداد، البلاد فالته متروكة مهملة لم يعد هناك يشعر بمسؤوليته وما في دولة ؟ أين الدولة يا أخي وأنت تشوف بعينك ماء مطر مش قادرين يشفطوه ؟ اليوم سعر الدقيق والزيت والحليب كثير ونحن المواطنين لم نعد نتحمل والناس في كربة وهم وغم لا في عمل للرجال، صدقني إني اشتغل على أسرة فيها رجلان عاطلان عن العمل رأس 7 الأيام يحصلوا عمل ما تكفي قيمة فواتير الماء والكهرباء.