القبائل تُرسل رسالة قوية للحوثيين: مقتل قيادي بارز في عملية نوعية بالجوف    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة في حادث مروري بمحافظة عمران (صور)    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    التفاؤل رغم كآبة الواقع    رسميا.. الكشف عن قصة الطائرة التي شوهدت تحلق لساعات طويلة في سماء عدن والسبب الذي حير الجميع!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    انهيار وشيك للبنوك التجارية في صنعاء.. وخبير اقتصادي يحذر: هذا ما سيحدث خلال الأيام القادمة    الحقيقة وراء مزاعم ترحيل الريال السعودي من عدن إلى جدة.    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    مطالبات حوثية لقبيلة سنحان بإعلان النكف على قبائل الجوف    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    4 إنذارات حمراء في السعودية بسبب الطقس وإعلان للأرصاد والدفاع المدني    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    صعقة كهربائية تنهي حياة عامل وسط اليمن.. ووساطات تفضي للتنازل عن قضيته    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تعز.. وقفة ومسيرة جماهيرية دعمًا للمقاومة وتضامنًا مع الشعب الفلسطيني    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صعدة .. محافظة تحاول أن تنهض على أنقاض الركام
"الصحوة" في جولة إلى معاقل الحوثيين
نشر في الصحوة نت يوم 05 - 09 - 2010

في الأسطر التالية سنحاول أن ننقل حقيقة ما هو حاصل في جزء من المناطق التي تقع تحت سيطرة الحوثيين، وحاولنا الإجابة عن واقع تلك المناطق؟ وكيف يحكمونها؟ وأين يقف المواطنون من الحوثيين والدولة؟ وكيف يمارس المواطنون أعمالهم التجارية والزراعية؟.
كما حاولنا الإجابة على الكثير من الأسئلة التي تدور في أذهان الكثير من اليمنيين حول الواقع في صعدة، من خلال نقل ما رأيناه على الأرض، ومن خلال لقاءاتنا ببعض الشخصيات والقيادات بصعدة، آملين أن نكون قد وفقنا في نقل جزء من الحقيقة في هذه المحافظة المعزولة عن أعين الإعلام.
استطلاع/ فؤاد العلوي – مصطفى الصبري
قبل الانطلاق إلى صعدة من مقر نقابة الصحفيين بصنعاء كان التردد يساور الكثير من الزملاء، وتراجع البعض عن السفر عندما رأوا أن الرحيل أصبح حقيقة بعد أن كان مجرد قرار قابل للنقض.
ساور الكثير من الزملاء مخاوف كثيرة نتيجة الأوضاع الأمنية التي تعيشها صعدة منذ 2004 بفعل الحروب الست .. حيث بدأ الجميع يرى بأن السفر إلى صعدة مغامرة حياة أو موت، خصوصا بعد إدراك البعض غياب التنسيق المسبق مع الجهات الأمنية والحوثيين من أجل تسيير القافلة الصحفية التي كان مقررا مشاركتها في مؤتمر السلام بصعدة والاكتفاء بتأكيدات فارس مناع بتأمين القافلة.
تلك المخاوف تعززت لدى الصحفيين بعد ساعتين من انطلاق القافلة عندما نصح سائقو الباصات الثلاثة والتي كان على متنها 26 صحفيا بأن ننفي صلتنا بالصحافة، حيث بدأ البعض يتحدث عن العودة من منتصف الطريق لكنهم وبعد تطمينات السائقين ربطوا على قلوبهم وواصلوا الرحيل.
عند وصولنا إلى صعدة لم يكن يعرف الصحفيون أنهم سيصلون إلى مناطق يحكمها الحوثيون، ولم يستوعب البعض أنه سيظل 48 ساعة على
صورة لمدينة صعدة المدمرة (الصحوة نت)
الأقل تحت حماية حوثية، وذلك بفعل الانطباع المسبق عن الحوثيين أولا وعن الوضع الأمني ثانيا.
البعض من الزملاء الصحفيين وبفعل الضغوط النفسية الشديدة بعد وصول أخبار احتجاز الدفعة الثانية من الصحفيين في الجبل الأسود من قبل الجيش سارعوا للعودة سرا إلى صنعاء عبر البيجوت بعد خمس ساعات فقط من وصولهم إلى صعدة.
وبالعودة إلى ساعات قبل الوصول إلى صعدة والتي امتدت لسبع ساعات ليلية، كانت الطريق الممتدة ل 240 كيلو متر من صنعاء تفاجئ الصحفيين بالكثير من الحقائق حول حرب صعدة، كما أن سائقي الباصات لم يتوانوا في شرح ما جرى على مسافة تلك الطريق خصوصا المناطق التي جرت فيها الحرب من منطقة حرف سفيان وحتى نقطة العين بصعدة.
بعد خروجنا من نقطة الأزرقين كانت النقاط الأمنية تستوقفنا بين كل تجمع سكاني وآخر ابتداء من مفرق مدينة عمران صعدة وانتهاء بنقطة الجبل الأسود بسفيان آخر نقطة للجيش قبل الوصول إلى صعدة، حيث نكون هناك قد تعدينا أكثر من نصف المسافة بين صنعاء وصعدة، وبحسب تأكيد السائقين فإن هذه النقطة تبتعد عن صنعاء ب 140 كيلو متر.
خلال تلك النقاط الأمنية توقفنا لأكثر من مرة من قبل الجنود، وكانت نقطة الجبل الأسود هي النقطة الأخيرة والفاصلة بين الحوثيين والدولة .. بعدها مباشرة بكيلو مترات قليلة أعلن سائق الباص الذي كنا برفقته ويدعى الصيفي أن القافلة الصحفية دخلت المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون والمتمثلة في سفيان دون أن ندرك نحن دخولنا فيها، لعدم وجود نقاط تفتيش لهم في الطريق كما كنا نتخيل، وعندما سألناه عن سبب عدم وجود نقطة تفتيش أو تقطع للحوثيين قال: إن النقاط التابعة للحوثي لا تتمركز في وسط الطريق إلا عندما يكون لديها بلاغ مسبق عن رحلة ما، مؤكدا أن النقاط الحوثية تكون غالبا على جانب الطريق.
.. بالفعل وعلى مسافة 100 كيلو متر يسيطر عليها الحوثيون من سفيان إلى صعدة لم تستوقفنا أية نقطة تفتيش سواء كانت من قبل الحوثيين أو من قبل قطاع الطرق، ولم نتوقف إلا لمرة واحدة عندما نزل البعض لقضاء حاجتهم، وحينها مر علينا أحد الأطقم تابعة للحوثيين - بحسب تأكيد السائق الصيفي - وعرضوا علينا المساعدة إذا كانت هناك أية مشكلة في رحلتنا تلك.
كان المرور ليلا وكان الصحفيون يتمنون لو أنهم مروا نهارا حتى يلتقطوا صورا لآثار الحرب في سفيان، لكن ورغم الظلام فإن آثار الحرب تبدو واضحة جدا فقد وجدنا مدينة سفيان أشبه بمدينة أثرية دمرتها السنون، إلا من بعض الحوانيت التي استعاد أصحابها بناءها بشكل مستعجل لتقديم الخدمات الضرورية للمسافرين.
وما لفت انتباهنا لأول مرة هي تلك العبارات التي رسمها الحوثيون فيما تبقى من جدران لم تصل إليها نيران الحرب، حيث كالت تلك العبارات الاتهامات للولايات المتحدة الأمريكية بأنها وراء ما تتعرض له صعدة من حرب.
ولم تخل العبارات من الهجوم على تنظيم القاعدة، والتي اعتبرته صناعة أمريكة وصهيونية بهدف تنفيذ مخططاتهم.
كانت أسئلة الصحفيين خلال الطريق في مناطق الحوثي كثيرة، وكان السائق الصيفي لا يتردد في الإجابة عليها، كما أنه كان لا يتردد في شرح المناطق التي جرت فيها المواجهات، فقد نفى الصيفي عن الحوثيين الكثير من التهم التي يتداولها غالبا الإعلام الرسمي والتي منها جباية الزكاة بالقوة من المواطنين، وزواج المتعة، فيما أكد أن الحوثيين لا يترددون في تقديم العون لأي مسافر على الأراضي التي سيطروا عليها فهم بتأكيده في حال تعطل السائقين يقومون بمساعدتهم كي يعاودون المسير.
الصيفي أكد خلال سيرنا أن الحوثيين يسعون حاليا لإنارة مديريات صعدة التي تحت سيطرتهم بالكهرباء، مشيرا إلى أنهم قاموا بشراء مولدات كهربائية، وأناروا مناطق كثيرة منها مناطق في سفيان وجدناها مضاءة، وبحسب تأكيده فإن الحوثيين قاموا بإنارتها لأول مرة منذ قيام الجمهورية، مؤكدا أنه يتم استثمار عائدات الكهرباء لصالحهم.
السائق الصيفي خلال طريقنا إلى صعدة تحدث كثيرا عن الوضع في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وأكد أن الحوثيين يمارسون سلطات الدولة، فهم يقومون بحل المشاكل بين الناس، وتأمين المواطنين، مشيرا إلى أن الحوثيين استطاعوا حل مشاكل ثأر لأكثر من 50 عام.
عندما وصلنا إلى صعدة وبعد مرورنا ل 100 كيلو متر على الأقل في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون وصلنا أخيرا إلى النقطة الرئيسية إلى مدينة صعدة التي يسيطر عليها الجيش وتدعى نقطة العين، وفيها تم توقيفنا لمدة ربع ساعة تم خلالها التحقيق معنا عن طبيعة أعمالنا، وتفتيش بطائقنا، ولم يتم الإفراج عنا إلا بعد تواصل النقطة الأمنية مع أحد المسئولين عن النقطة الذي سمح لنا بالمرور.
المدينة القديمة.. أطلال ودمار
عندما دخلنا مدينة صعدة عند الساعة 2.45 دقيقة قبل الفجر وجدناها مدينة ممتلئة بالحياة والحركة، كما وجدناها مدينة أكثر تنظيما من كثير من المحافظات التي زرناها..وجدنا في هذه المدينة الحياة الطبيعية الآمنة، بعكس ما كنا نتصور، فجميع الناس يمارسون أنشطتهم التجارية في ذلك الوقت المتأخر من الليل بكل أمان، وجميع المتاجر مفتوحة على جانبي الطريق، ولم ننس روائح الأكل الشهية التي استقبلتنا عند مضينا من شوارع المدينة باتجاه مدينة الطلح التي يسيطر عليها الحوثيون.
وأثناء مضينا في شوارع المدينة كان بعض الزملاء يتحدثون عن أجواء مشابهة كثيرا بأجواء المحافظات الجنوبية، كما أن الأجواء كانت تبدو أشبه بأجواء الأراضي الساحلية مع فارق درجات الحرارة.
عند خروجنا من المدينة المضاءة التي تقع تحت سيطرة الدولة، كنا نتوقع أننا سنعود للمبيت في أحد فنادقها بحسب ما قيل لنا أثناء انطلاق الرحلة، لكن السائقين مضوا باتجاه منطقة الطلح التي كانت تبدو مظلمة إلا من بعض البيوت المضاءة "بالمواطير" رغم التصاقها بالمدينة صعدة، وعند خروجنا إليها واجهتنا آخر نقطة أمنية تفصل بين مناطق الدولة والمناطق التي تقع تحت سيطرة الحوثيين، وتم في هذه النقطة التأكد من هوياتنا للمرة الأخيرة قبل عودتنا إلى صنعاء بعد 48 ساعة قضيناها في منطقة الطلح التي تقع تحت سيطرة الحوثيين.
عندما دخلنا إلى المنطقة التي يسيطر عليها أتباع الحوثي عند الثالثة صباحا لم نجد نقاطا للحوثيين في مقابل النقاط الأمنية، ومضينا دون أي اعتراض رغم وجود أطقم الحوثيين على جانبي الطريق، ولم نعرف أن هناك أطقما للحوثيين على جانبي الطريق إلا عندما رأيناها نهارا عند زيارتنا للمدينة القديمة.
كان السائقون يتجهون بنا إلى منزل أحد المشائخ للمبيت ويدعى دغسان أحمد دغسان- أحد أعضاء لجنة الوساطة بين الدولة والحوثيين- بدلا عن الفندق الذي كنا نتوقع المبيت فيه، ومضينا مسافة ثلاثة كيلو مترات بين مدينة صعدة ومكان مبيتنا، وكان في استقبالنا الشيخ دغسان الذي رافقنا منذ وصولنا وحتى الرحيل.
كانت الساعة عند وصولنا إلى المنزل تشير إلى ال3.15، وهذا الوقت في صنعاء يعني بداية التجهيز لتناول طعام السحور، لكننا بعد الوصول انتظرنا لأكثر من ساعة حتى جاء موعد السحور، حيث فارق الأذان عن صنعاء يصل إلى ربع ساعة حيث يبدأ دخول الفجر في صعدة عند الساعة 5.50 دقيقة.
كنا بعد أخذنا قسطا من الراحة والنوم حتى الثالثة عصرا على موعد مع زيارة ميدانية للمناطق التي تعرضت للقصف للإطلاع على آثار الحرب السادسة، وعندما صحونا تفاجأنا بمغادرة عدد من الصحفيين إلى صنعاء، كما تفاجأنا باستمرار احتجاز بقية الزملاء من قبل نقطة الجبل الأسود التابعة للجيش.
خرجنا عصرا للتجول في مناطق ضحيان وكانت بداية الجولة من سوق الطلح الذي يعتبر أكبر سوق للسلاح في اليمن بشكل عام، لكنه كان مغلقا ذلك الوقت، وكان الدمار الناتج عن قصف الطيران واضحا في هذا السوق.
مررنا بذلك السوق دون أن نرى الأسلحة، لكن مواطني المنطقة أكدوا أن السوق يبيع جميع أنواع الأسلحة من المسدس إلى البازوكة، مرورا بالقنابل اليدوية والرشاشات، كما يوجد في السوق مصانع خاصة ببعض الأسلحة منها الألغام الأرضية فيما يقوم السوق بإعادة تجهيز الأسلحة المتهالكة وتطوير القديم منها.
بعد خروجنا من السوق كان الشيخ دغسان أحمد دغسان يقود القافلة الصحفية نحو منطقة ضحيان المعقل الرئيسي للحوثيين، وقبل أن تصل إلى ضحيان لابد أن تمر بمنطقة آل الصيفي بعد خروجك من الطلح، وفي آل الصيفي وجدنا الكثير من الدمار على جانبي الطريق الذي يعتبر الممر الرئيسي إلى السعودية، وكل ذلك الدمار كان في الحرب السادسة. في آل الصيفي وجدنا بيوتا كثيرة مدمرة بفعل القصف الجوي.
ضحيان.. معقل الحوثيين
دخلنا إلى منطقة ضحيان معقل الحوثيين، حيث وجدنا مدينة مدمرة إلا من بعض المنازل التي إن لم تقصف بالطيران لم تخطئها آثار الرصاص، حتى المساجد كانت هي الأخرى عرضة للدمار بفعل هذه الحرب.
وما رأينا منزلا مدمرا إلا ووجدنا عليه عبارات للحوثيين معظمها تقول إن الدمار الحاصل هو من صنع أمريكا، ومن هذه العبارات "أمريكا تنشر استخباراتها المسماه بتنظيم القاعدة من أجل أن تحول اليمن مثل العراق بالتفجيرات واستهداف الناس بشكل عام" "تنظيم القاعدة هو ذراع أمريكا" "هذه جرائم أمريكا" "تنظيم القاعدة هو ذراع إجرامية وشيطانية لأمريكا" "إثارة الخلافات والنزاعات بين المسلمين بعناوين كثيرة مؤامرة أمريكية" "القاعدة مسرحية أمريكية فاشلة لا تنطلي على من يستنيرون بنور الله".
مدينة ضحيان وبقدر ما بها من الدمار إلا أننا وجدناها مدينة تريد أن تنهض للحياة من جديد، فمواطنوها على جنبات الطريق يمارسون أعمالهم وآمال كبيرة تحدوهم في أن يستمر السلام، وتتلاشى عن أبصارهم مناظر الدمار وعن أسماعهم أصوات الرصاص وأزيز الطائرات.
في ضحيان يقبع شخص أو شخصان ممن يسمون أنفسهم بالمجاهدين عند كل تجمع تجاري للمواطنين، وليس لهم مكان محدد في ذلك التجمع، وهؤلاء المجاهدون هم أشخاص جندوا أنفسهم لحماية الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، ويقومون بتنظيم أعمال الناس وفض النزاعات بينهم وتنظيم سير المركبات.
المجاهدون ليس لهم زيا محددا، لكنهم يعرفون من خلال ما يحملونه على أكتافهم من سلاح الكلاشنكوف المرسوم عليه شعارهم المعروف "الموت لأمريكا- الموت لإسرائيل- اللعنة على اليهود- النصر للإسلام".
وبينما نحن في طريق ضحيان اعترضتنا إحدى الدوريات التابعة للحوثيين، حين كنا نقوم بتصوير الدمار الذي خلفته الحرب السادسة.
وتعرف دورية الحوثيين بأنها بلا لوحة، كما أن الذين عليها يحملون أسلحة كلاشنكوف، ولا زي محدد يميزهم عن بقية المواطنين فزيهم هو الزي اليمني الثوب والجنبية والكوت.
قبل أن نتوقف أشار لنا أحد جنود الحوثي الذين كانوا على ظهر الطقم بأن نمتنع عن التصوير رافعا يده إلى عنقه بمعنى أننا سنتعرض للخنق في حال خالفنا.
استوقفنا الطقم لدقائق دون أن ينزل أحد من أفراده ونزلنا نحن إليهم، وحينها وجه لنا سائق الطقم سؤالا عن الترخيص بالتصوير، فقلنا له أننا لم نتلق إذنا بالتصوير من أحد، لكنه بعد ذلك وجهنا من على طقمه بالإمتناع عن التصوير حتى يأتي أذن من «السيد» بالتصوير وسمح لنا بالمغادرة مكتفيا بالتوجيه الشفوي.
الباص الآخر ضمن الرحلة الصحفية أكدوا أنهم تعرضوا للتوقيف ومحاولة نزع الكاميرات عنهم من قبل أحد جنود الحوثي في سوق ضحيان، إلا أنه وبعد تدخل الشيخ دغسان أحمد دغسان سمحوا لهم بالمغادرة.
ما لفت انتباهنا تجاه طقم الحوثيين أن جنوده على الطقم وهم 8 جنود كلهم أطفال لا يتعدون عمر 16، باستثناء من يقود الطقم والمرافق له الذين لا يتجاوزون سن الثلاثين.
وبحسب أبناء المنطقة فإن ألئك يدعون أنفسهم المجاهدين، وهؤلاء جندوا أنفسهم للعمل مع السيد دون مقابل مادي شهري، لكن الحوثي- بحسب أبناء المنطقة- يتكفل برعايتهم ورعاية أسرهم، بالإضافة إلى توفير القات ومصاريف الطقم.
واصلنا طريقنا باتجاه العودة إلى الطلح وبعد أن عرجنا على مزارع الغميد وعودتنا إلى الطلح تفاجئنا باعتراض طقم الحوثيين لنا من جديد، لكنه في هذه المرة أبلغنا أن هناك إذنا بالتصوير وبإمكاننا التحرك بكل حرية في أي مكان في ضحيان لكن الوقت لم يعد يتيح لنا مواصلة التصوير نظرا لقرب وقت المغيب.
توقيفنا من قبل طقم الحوثي أثار استياء الصحفيين، لكن قيادة الحوثي التي بلغها أمر التوقيف بادرت بالإعتذار للصحفيين، طالبين منا البقاء لمقابلتهم أو العشاء سويا معهم، لكن إصرار البعض من الزملاء على العودة إلى صنعاء لم يمكننا من مقابلة قيادات الحوثي رغم أننا كنا نطمح لذلك لمعرفة ما يريده الحوثيون عن قرب.
وأثناء وصولنا إلى الطلح دخلنا إلى منزل فارس مناع- تاجر السلاح المعروف- الذي دمر تماما بفعل القصف الجوي.
تبلغ مساحة سور المنزل أكثر من 2000 لبنة، وكان الغرض من المجيء بنا إلى منزله هو الإطلاع على حجم الدمار الناجم عن القصف الجوي.
هذا المنزل أو ما يسمونه بالقصر تعرض ل27 غارة جوية أنهت ذلك القصر الذي يتكون من أربعة بنايات وجعلتها ركاما واحدا، وأتت على كل شيء فيه.
وبحسب فارس مناع فإن إجمالي الخسائر جراء هذه الضربات أكثر من 100 مليون دولار، وعندما سألناه عن سبب كل هذا قال إن الدولة لا تريد أن يحسب لمناع أي نصر يحققه تجاه الحوثيين، مشيرا إلى أن جنوده كانوا قد تمكنوا من تحقيق إنجازات كثيرة على الأرض ضد أتباع الحوثي.
في ذلك المنزل ما زالت أعلام الجمهورية اليمنية ترفرف على الأبواب، كما رأينا بقايا أعلام للجمهورية اليمنية إلى جانبها عبارات للحوثيين وشعاراتهم.
مشاهدات
ما لاحظناه في المناطق التي تقبع تحت سيطرة الحوثيين خلال زيارتنا هو غياب النقاط التابعة للحوثيين في وسط الطريق كما هي النقاط التابعة للجيش.
كما وجدنا الناس يتنقلون بشكل طبيعي دون مخاوف، ولم نر أيا منهم يحمل أسلحة نارية كما هو عليه الحال في الكثير من المدن اليمنية وخصوصا مناطق الصراعات القبلية مثل ما هو في صعدة، وعندما سألنا عن سبب ذلك أكد المواطنون أن الحوثيين يمنعون حمل السلاح إلا بتراخيص خاصة منهم.
- في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون هناك رجال مخصصون لتنظيم المرور بالزي الشعبي، غالبا ما يركبون دراجات نارية، وسبق أن اعترضنا أحد عناصر الحوثي الذين يقومون بتنظيم المرور عندما توقفنا بشكل خاطئ قبيل دخولنا سوق الطلح، حيث طلب منا رجل المرور الوقوف بطريقة صحيحة حتى لا نعيق طريق المواطنين.
- ما لفت انتباهنا أيضا هي تلك المزارع الخضراء، التي تحوي من صنوف الفواكه والخضروات ما يدلل على جودة تربتها وخصوبتها المنقطعة النظير.
- عندما جلسنا مع المواطنين وجدناهم لا يطلبون أكثر من دولة تحقق لهم ولو شيئا نسبيا من الاستقرار، ووجدناهم أكثر امتثالا للنظام والقانون ومع من يحققه لهم سواء كان الحوثيون أو الدولة.
- هناك رضا نسبي لدى المواطنين عن الحوثيين، لكن ذلك لا يعني أنهم ضد الدولة، فبتأكيدهم هم مع الدولة، والدليل على ذلك التصفيقات الحارة التي ارتفعت أثناء مؤتمر السلام الوطني بصعدة الذي حضرته أكثر من 2000 شخصية من مختلف مناطق صعدة والذي انعقد تحت مناطق الحوثيين، فعندما تحدث راعي المؤتمر فارس مناع عن أهداف المؤتمر وقال تنطلق من الثوابت الوطنية المتمثلة في الجمهورية اليمنية والوحدة والدستور والقانون كانت حرارة التصفيقات تملأ قاعة المؤتمر.
عندما سألناهم عن أسباب رضوخهم لسيطرة الحوثيين وسر تمسك الحوثيين بالمناطق التي يسيطروا عليها، يردون عليك بأن الحوثي لا يطالب بأكثر من دولة نظام وقانون وهو الآن يطالب بحقوق الناس والإفراج عن المعتقلين.
وجدنا تلك الإجابات عند الكثير ممن جلسنا معهم، باستثناء طفل في الرابعة عشر من العمر يدعى «ف – ق» التقطنا له صورة وهو يلصق في كوته شعار الطير الجمهوري، حيث كان الطفل يتنقل بشكل طبيعي في منطقة الطلح دون خوف من أحد.
اقتربنا وسألناه عن أسمه والصف الدراسي فقال إنه في الصف السادس، ولولا الحوثيون بتأكيده فإنه سيكون في الصف الثامن.
الطفل «ف - ق» أكد لنا أنه لا يخاف من الحوثيين وأنه يطمح أن يواصل دراسته الثانوية، وأن يلتحق بكلية الطيران كي يعود ويقصف الحوثيين.
ويضيف: «الحوثيين بيخوفونا كثير في المدارس، لكن قد تعودنا على الحرب، فهم يأتوا إلى عند المدارس ويتقاتلوا قدامنا وإحنا نفتجع».
في صعدة وجدنا أن كرت يمن موبايل أيضا ب550 فقط، فيما يباع في العاصمة صنعاء مركز الشركة الرئيسية ب600 ريال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.