في ظل التمترس الفكري والعسكري ، هناك مجال لفضول الاعلاميين في التوغل في الشأن الحوثي عن قرب .. تقرير يرصد تفاصيل لم تظهر بعد للملأ من الشمال البعيد لليمن ، حيث يقبع هناك الفكر الحوثي ..ويشهد تفاصيل الحياة اليومية لمناصريه .. صحيفة وموقع الجمهور .. ينشر تقريرا مفصلا عن صعده من واقع الحياة اليومية .. يعيد حشد نت نشره .. يوم الأحد 20/6/2004م اندلعت شرارة الحرب الأولى في محافظة صعدة إثر تكليف قوة عسكرية باحضار حسين بدرالدين الحوثي من منطقة “مران” المتحصن فيها على خلفية مواجهات وقعت في منطقة “آل الصيفي” بعد خلافات نشبت بين السلطة والحوثي بسبب ترديد الشعار المعروف ضد أمريكا والتمرد على السلطات المحلية. ويوم الأحد الفائت 22/8/2010م كنا هناك في صعدة.. 16 صحفياً يمثلون عدداً، من الصحف والمواقع الالكترونية بدعوة من اللجنة التحضيرية لمؤتمر السلام الوطني، وذلك لحضور المهرجان التأسيسي الذي سيقام اليوم التالي في مدينة الطلح وبمشاركة واسعة من أبناء صعدة القادمين من مختلف مديريات المحافظة.. مشائخ وعلماء ووجهاء وأعيان ومواطنون ومن مختلف الفئات والشرائح؛ جميعهم ينشدون السلام والأمن والاستقرار وعودة السلطات المحلية إلى مناطقهم. شيء طيب وخطوة في الاتجاه الصحيح ان نرى وكيل شركة “ميج” الروسية للتصنيع والتسليح وأبرز تجار السلاح في الوطن العربي الشيخ فارس مناع يقود مؤتمراً للسلام في صعدة.. وأين؟!!.. في منطقة الطلح حيث أكبر أسواق السلاح في اليمن.. أوليس أكبر جائزة دولية هي جائزة “نوبل” مخترع الديناميت.. عندما نظر وحس بتداعيات سلعته المأساوية خصص جزءاً كبيراً من أمواله للسلام. وبمثل ما أن يوم الاثنين 21/6/2004م اليوم الفعلي لاندلاع المواجهات بين السلطة والحوثيين، الذين أعلنوا التمرد رافعين السلاح في وجه الدولة عندما لم تتمكن من القبض على حسين الحوثي ودخلت في حرب محدودة في مديرية حيدان، وكانت بصورة أكبر في عزلة “مران” وبعض مناطق مديرية ساقين المجاورة، وأيضاً مناطق مديرية سحار كمنطقة آل الصيفي، كان يوم الاثنين 23/8/2010م هو اليوم المحدد للمهرجان التأسيسي لمؤتمر السلام الوطني، وفي منطقة الطلح التي اندلعت منها شرارة الحرب الثانية.. فبعد ان توقفت الحرب الأولى نصف عام تقريباً بمقتل حسين بدر الدين الحوثي وصدر خلال تلك الفترة عفو عام، ووصل بدر الدين الحوثي – والد حسين الحوثي- إلى صنعاء ثم عاد إلى منطقة الرزامات بعد زيارة عبدالله عيظة الرزامي رفيق درب حسين الحوثي إلى صنعاء، وبالتزامن مع عودتهم دارت في سوق السلاح بالطلح مواجهات بين رجال الأمن وعدد من أتباع الحوثي الذين قصدوا السوق لشراء الأسلحة وسقط حينها ستة قتلى من الجانبين وكانت الشرارة التي أشعلت جذوة الحرب الثانية في 19/3/2005م. وهكذا لم تكن تهدأ صعدة من الحرب إلا لتشهد حرباً أخرى أكثر شراسة وفي كل مرة كانت الحرب تتسع رقعتها حتى شملت مختلف مديريات صعدة الخمس عشرة. الحرب الثالثة اندلعت من منطقة الخفجي عندما نصب الحوثيون كميناً لطقم عسكري بتاريخ 28/11/2005م لتنتهي في 28/2/2006م، لتأتي الحرب الرابعة التي شكلت منعطفاً وتحولاً في الحرب من منطقة مذاب بتاريخ 27/1/2007م لتنتهي باتفاق الدوحة 2/2/2008م ، غير ان الاتفاق لم يصمد اكثر من اربعة أشهر لتندلع الحرب الخامسة في مايو 2008م وتنتهي يوم 17 يوليو 2008م، ويوم 11/8/2009 اندلعت الحرب السادسة الاكثر ضراوة لتنتهي يوم 11/2/2010م. الوساطات والسلام المنشود جميع الوساطات محلية وخارجية فشلت في مهامها فبعد الحرب الأولى شكلت وساطة برئاسة الشيخ صالح الوجمان، وهو من أبناء صعدة مع بعض الوجهاء واستمرت اثناء الحرب الثانية حتى الحرب الثالثة. وأثناء الحرب الثالثة عُين العميد يحيى الشامي محافظاً لصعدة وبعدها تدخلت دولة قطر للوساطة، وبعد الحرب الخامسة شكلت لجنة وساطة برئاسة وزير الإدارة المحلية حينها عبدالقادر علي هلال ثم اللواء عبدالعزيز الذهب، وصولاً إلى الشيخ فارس مناع والشيخ دغسان احمد دغسان اللذين يقودا حالياً مؤتمر السلام الوطني في صعدة.. الأول رئيساً والثاني أميناً عاماً، فيما خالد الظهار نائباً أول للرئيس وضيف الله رسام نائباً ثانياً بتزكية جميع المشاركين في المهرجان التأسيسي لمؤتمر السلام الوطني الذي قال مناع في كلمته أنه سينطلق من الثوابت الوطنية المتمثلة في الجمهورية اليمنية والوحدة والدستور والقانون، وأن من اهدافه حرمة المساس بالدم اليمني والعقيدة.. وباعتبار صعدة محافظة حدودية فإن أمن جيرانها- السعودية- من أمنها، لافتاً أن أولى مهام مؤتمر السلام الوطني تشكيل لجان ميدانية لإرساء السلام.. "الجمهور" في أحد معتقلات الحوثيين وسط ضحيان الساعة الثالثة والربع عصر الأحد كنا على مدخل مدينة ضحيان – هي لدى الحوثيين بمثابة النجف الأشرف لدى شيعة العراق- وعلى يمين الداخل إليها قادماً من آل الصيفي “مديرية سحار” تقع مزرعة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر –رحمه الله- والتي لا تكاد تذكر مدينة ضحيان دونها نظراً لمساحتها الشاسعة. 16 صحفياً على متن ثلاثة باصات (وسط) يتقدمنا في رحلتنا إلى ضحيان الشيخ دغسان احمد دغسان – أمين عام مؤتمر السلام الوطني- بسيارته نوع “لاند كروزر” أو ما يطلق عليها شعبياً “مونيكا”، فيما شقيقه علي والمرافقون المسلحون يتبعونه بسيارة أخرى “حبة طربال”. لم نكن موزعين على الباصات الثلاثة بالتساوي، أنا وثلاثة فقط على متن الباص الثالث المتأخر قليلاً.. وعندما بدأ السائق يؤشر بيديه يساراً ويميناً إلى آثار الدمار الذي لحق ببعض البنايات، طلبت منه التوقف أمام فندق شرم الشيخ، وكان لنا ذلك.. فيما واصل الشيخ دغسان ومعظم الزملاء سيرهم باتجاه مجز. تذكرت وأنا أمام الفندق ذلك اليوم من أيام الحرب الأخيرة عندما اتصل بي أحد الاخوة من أبناء صعدة، يطلعني بخبر فرار جنود كانوا معتقلين لدى الحوثيين في الطابق الأرضي “البدروم” في ذات الفندق “ شرم الشيخ”.. قيل حينها ان الطيران الحربي قصف الفندق بعد حصولهم على معلومات دقيقة تفيد بوجود قيادات حوثية كبيرة فيه. حتما لم يكن في علم القاعدة الجوية وجود معتقلين في الطابق الأرضي للفندق وإلا لما أقدموا على قصفه، ولكن كما يقال رب ضارة نافعة.. لقد التهم القصف الطوابق العليا للفندق فقط وربما بمن كان فيها من اتباع الحوثيين، الأمر الذي مكن المعتقلين من الفرار وصولاً إلى مركز المحافظة مشياً على الاقدام، كما قيل لنا، ولعل من حسن حظهم ان الطريق من ضحيان إلى مدينة صعدة كانت خالية تماماً من عناصر الحوثي الذين كانوا منتشرين على رؤوس الجبال البعيدة. في قبضة الحوثة كاد جهدنا يذهب ادراج الرياح، فبعد ان التقطنا صوراً لواجهة الفندق من الشارع الرئيسي، اقتربت أكثر وبدافع الفضول للنظر إلى فتحة خلّفها القصف، منها يكون النظر والتقاط الصور للطابق الأرضي “البدروم” حيث كان الجنود معتقلين، أخذت حاجتي وعدت مسرعاً نحو الباص غير ان أحد اتباع الحوثي كان أسرع. تفاجأنا بشاب يحمل على كتفه آلي “كلاشينكوف” وبإحدى يديه ورقة ملفوفة، فهمت من السائق أنه أحد المعينين من قبل الحوثي كمسؤول على السوق، وعرفت من شباب آخرين كانوا ينادونه من باب أحد المحال التجارية ان اسمه “عبدالوهاب”. وبلهجة لا تقبل النقاش قال: من سمح لكم تصورون؟.. وتابع: وقفوا مكانكم.. جنبوا الباص، أخبرناه أننا نتبع الشيخ دغسان احمد دغسان أتينا لحضور المهرجان التأسيسي لمؤتمر السلام الوطني. لم يكترث بما قلناه.. وأعاد نفس الكلام والأوامر: وقفوا.. ثم أدار ظهره نحونا، واتصل بشخص آخر عرفنا من خلال حديثه معه ان اسمه ابو ايلاء “الاسم الحركي”.. ايضاً نحن لم نقف مكتوفي الأيدي، اتصلنا بالشيخ دغسان الذي عاد بدوره مسرعاً من “مجز” ليتزامن وصوله مع وصول سيارة “شبح” على متنها ستة شباب مسلحين إلى جانب السائق وقائدهم “ابو ايلاء”..
الشيخ دغسان الذي انزعج كثيراً من هكذا اجراء من قبل الحوثيين تجاه صحفيين أتى بهم من صنعاء لنقل صورة حقيقية عن صعدة، حل الاشكال مع قائدهم “ابو ايلاء” على ان نكتفي بما قد لدينا من صور. فرصة أثناء انشغال “ابو ايلاء” ومن معه بحديثهم مع الشيخ دغسان تمكنت من التقاط صورة بدون فلاش من داخل الباص يظهر فيها الأخ عبدالوهاب الذي استوقفنا وسيارة “ابو ايلاء” القائمة بأعمال “دورية عسكرية”. إمام جامع الهادي العلامة محمد حسن الحوثي:أنا من أتباع مجد الدين المؤيدي شيخ الاسلام وحجة الزيدية.. وادعو عبدالملك الحوثي إلى السير نحو تثبيت السلام بعد عودتنا من ضحيان “مديرية مجز” إلى الطلح “مديرية سحار” وكانت الساعة تقترب من الخامسة مساءً، اتجهنا لزيارة قصر الشيخ فارس مناع.. القصر الذي طاله قصف الطيران في الحرب السادسة، وقيل حينها وفقاً للرواية الرسمية ان القصف كان بالخطأ، هو عبارة عن مجموعة مباني متجاورة ومخازن يحيطها سور يبلغ ارتفاعه أضعاف سور دار الرئاسة بالعاصمة صنعاء وربما يجاريه في الطول. وبعد جولة سريعة في أطلال القصر وكافة ملحقاته الاجتماعية والتجارية، وحين كنا نهم بمغادرة المكان حيث وقت الافطار يداهمنا لفت انتباهنا وجود العلامة محمد حسن الحوثي إلى جانب صاحب القصر.. سألناه عن وجهة نظره حول آفاق السلام في محافظة صعدة فوجدناه متفائلاً مثله مثل عدد كبير من أعيان المحافظة، الذين حضروا للمشاركة في المهرجان التأسيسي لمؤتمر السلام الوطني، حيث قال: “صعدة يا ولدي ما عاد ينقصها دمار وهلاك، 6 حروب كفاية، الحرب ما تجلب إلى الدمار”.. وتابع: “الأوضاع الآن في صعدة هادئة وادعو كافة الأطراف ذات العلاقة عبدالملك الحوثي والسلطة وكل الناس، العمل على الخير والسلوك الحسن وتثبيت السلام والأمن والاستقرار في صعدة.. وعلى كل الخيرين من داخل المحافظة وخارجها تذليل الصعاب التي تقف أمام عجلة السلام”.وعن دور علماء محافظة صعدة في الحرب والسلم قال وهو يتحدث لصحيفة “الجمهور”: “نحن ضد أي حرب وكل مسلم وكل عاقل يجب ان يكون بل ويسخر قدراته ضد الحرب”.. وأضاف: “موقف العلماء واضح منذ البداية.. الحرب جاءت على غير اختيارهم.. العلماء أدوا واجبهم.. نصحوا وعملوا جهدهم وما على الإنسان إلا جهده”. أنا من أتباعه حاولنا نجر معه في الحديث والعودة إلى البدايات التأسيسية للمشكلة في صعدة منذ تأسيس ما عرف بمنتديات الشباب المؤمن مطلع التسعينات وخلافاتهم مع العلامة، غير انه قاطعنا ولم نكن قد أكلمنا السؤال قائلاً: “لا داعي للحديث عن خلافات وما خلافات وكيف؟! ولماذا؟!، نحن الآن ندعو الكل للسلام.. الكثير من أبناء صعدة لا علاقة لهم بالحرب لكنها طالت في دمارها الكل”. لم نتركه وحاله، بل ألحينا عليه أن يحدثنا ولو باقتضاب عن علاقته بالعلامة الراحل مجد الدين المؤيدي الذي خاض وأتباعه صراعات فكرية مع من عرفوا بالشباب المؤمن – نواة الحوثيين- فقال وكان يحث الخطى باتجاه سيارته: العلامة مجد الدين المؤيدي – رحمة الله عليه- هو شيخ الاسلام وإمام الزيدية وقدوتهم. وعن دور اتباع المؤيدي في الحروب الستة التي شهدتها صعدة قال: “أنا من اتباع العلامة مجد الدين، ولا علاقة لنا بالحرب، وحتى وان كان حصلت هناك أخطاء وتجاوزات هنا وهناك إلا ان اتباع المؤيدي قعدوا في بيوتهم اقتداءً به.. العلامة مجد الدين – رحمة الله عليه- لم يكن يوماً ما داعي حرب وإنما هو داعي سلام”.وعن الخلافات الجوهرية الفقهية بين الحوثيين واتباع الراحل مجد الدين المؤيدي قال إمام جامع الهادي: “ما به شيء، المنهج واحد، الدعوة واحدة، ما بلا فيه أشياء الله أعلم”. سألناه ما هي؟.. فقال: “ما استطيع افسرها” قالها مبتسماً وكان ذلك خاتمة حديثه معنا. حفيد العلامة مجد الدين المؤيدي:حالياً لا أحد يحكم صعدة.. وأملنا كبير في تثبيت السلام محمد حسين مجد الدين المؤيدي القائم بأعمال رئيس حزب الحق في صعدة كان حاضراً معنا جلسة المقيل إلى جانب الشيخ فارس مناع في المخيم المعد لاستقبال القادمين من مختلف مديريات المحافظة للمشاركة في المهرجان التأسيسي لمؤتمر السلام الوطني.. استغلينا حضوره لنعرف وجهة نظره عن مستقبل الأوضاع في صعدة ومدى امكانية تثبيت السلام هناك، سيما وان وسائل إعلامية عدة تناقلت خلال الأسابيع القليلة الماضية وعلى إثر تداعيات المواجهات الأخيرة بين قبائل البرلماني بن عزيز والحوثيين في حرف سفيان، خبر بوادر حرب سابعة.. وهو ما نفاه نجل العلامة المؤدي قائلاً: لا بوادر حرب ولا شيء، الناس ملت الحروب، وكل الأطراف الآن هادئة والكل ينشد السلام، ويدعو إلى تثبيته وأملنا في بلوغ ذلك كبير. وفي رده عن سؤالنا بخصوص من يحكم صعدة باعتبار ان من يحكمها هو من بيده تثبيت السلام قال: “حالياً لا أحد يحكمها.. والسلام با يتحقق بأهله.. بأهل صعدة.. إذا قاموا وقالوا كلمة حق، بحيث يقال للمخطئ أنت مخطئ، لحظتها سيعم السلام.. وان جلسوا يجاملون فهي مشكلة”. صارحناه: أستاذ محمد الحوثيون يسيطرون على معظم مديريات صعدة، وقبل ان نكمل سؤالنا أجاب: والحوثي هو من البلاد.. وإذا كان هناك نوايا فعلية للسلام وتثبيته في صعدة يجب ألا نحكم على شخص أو جهة بأنها لا ترغب في السلام.. لا بد ان يعمل كل جهده وبقدر استطاعته والباقي على أرحم الراحمين. الحوثي يتولى أمن المهرجان والكل يسلم سلاحه قبل الموعد بساعة أو أكثر كانت الساحة المعدة لاحتضان الفعالية تكتظ بالمدعوين القادمين من مختلف مديريات محافظة صعدة، ولأن قاعة المهرجان في منطقة واقعة تحت سيطرة الحوثيين “منطقة الطلح” كان ولا بد من موافقة الحوثي على الفعالية، بل، وهذا ما علمنا به من المقربين من اللجنة التحضيرية، ان الحوثيين استلموا الساحة “قاعة المهرجان” منذ منتصف ليل الأحد وان الجانب الأمني مسؤوليتهم مسؤولية كاملة. وبغض النظر، ثمة جانب ايجابي في تولي الحوثيين أمن الساحة التي تحتضن أعداد كبيرة من مشائخ ووجهاء ومواطنين مسلحين قادمين للسلام من مختلف مديريات صعدة، ولا أعتقد ان أحداً - لا الشيخ فارس مناع ولا غيره - قادر على ضبط الجميع واقناعهم ترك أسلحتهم لدى لجنة الأمانات خارج الساحة. ثلاثة شباب ليس أكثر اثنان منهم يقفان أمام البوابة الرئيسية والوحيدة لدخول الساحة، يؤشران لكل القادمين ممن بحوزتهم سلاح أخذ مكانهم في الطابور الطويل لتسليمها، فيما يتولى الثالث وهو شاب صغير – كما هو ظاهر في الصورة- مهمة استلام السلاح واعطاء أصحابها قسيمة صغيرة فيها الاسم ونوع السلاح والرقم. السلاح في صعدة ثقافة.. ولا يزال ثمة متسع للمرح السلاح في محافظة السلام “صعدة” يحمله الكبار والصغار وكما لو أنه من ضروريات الحياة. لا شك أن 6 جولات حرب قد جعلت من ثقافة السلاح الأوفر حظاً. في الصورة طفل من أبناء مدينة الطلح يحمل كلاشنكوف (صنع اسرائيلي) في مزرعة عنب كبيرة، وفي الجانب الآخر صورة لطفلة من أبناء صعدة القديمة تلعب مع رفيقاتها في الحديقة الواقعة خلف سور المدينة القديمة من جهة الشمال. كانت الساعة تقترب من السادسة مساء الاثنين والناس يتهيئون للافطار، عندما كنا على متن الباص متجهين صوب باب نجران “أحد حارات صعدة القديمة” للاطلاع على مدينة أثرية طالها الضرر. ورغم ضيق الوقت إلا ان الحديقة المكتظة بالأطفال استوقفتنا ولسان الحال يقول: رغم كل ما حل وكل ما حصل ومكانة السلاح لا يزال في صعدة متسع للهو والمرح. في استديو تابع للحوثيين: الذخيرة نوع حارق خارق ب150 والعادي ب100 كان ولا بد ان نزور مكتبة أو محل تسجيلات صوتية تابعاً للحوثيين، أخبرت سائق الباص وعلى الفور طار بنا إلى استديو في مدينة الطلح يعمل فيه اثنان من الشباب مسلحين، الكبير فيهم كما لو أنه في (مترس) حرب محتزم بالجعب (مخازن الذخيرة) والآلي (كلاشينكوف) إلى جانبه.. صافحتهما واخبرتهما أنني زرت مدينة ضحيان ووجدت الأوضاع هادئة ومستقرة.. ابتسما وقال كبيرهم: “الحمد لله، لقد مكننا الله على امريكا واسرائيل”. كل شيء في صعدة – من وجهة نظر الحوثيين- هو صنع أمريكي، وكما لو ان أمريكا ما وراهاش حاجة غير صعدة، وللعلم ربما اشاطرهم الكره لأمريكا ولكن ليس إلى الحد الذي يجعلني اتهم كل من يخالفني الرأي بأنه عميل للأمريكان. في الاستديو أشرطة “كاسيت” وسيديهات خطب ومحاضرات مؤسس الحوثيين، وأناشيد وزوامل حماسية ونشرة “الحقيقة” وهي وسيلة اعلامية رائجة في أوساط الحوثيين وأتباعهم، وضمن المحتويات ميداليات وأوسمة أشبه بتلك المكتوب عليها “اليمن أولاً” مكتوب عليها “الموت لأمريكا.. الموت لاسرائيل”. كنت أتوقع ان أجد هذا وأكثر في استديو تابع لجماعة خاضت باسم الدين 6 حروب إلا أنني لم أكن اتوقع مطلقاً ان يباع في الاستديو ذخيرة. رغبت في الشراء بحق وحقيقي إذا كانت أسعارها مناسبة وهو ما لم يكن: الحارق خارق ب150 والعادي ب100 ريال.. ألم أقل لكم ان السلاح في صعدة أضحى ثقافة.