جمعة الكرامة هي عنوان لانتصار الثورة كما هي عنوان بارز للضمير اليمني الحي الذي انتفض كالملسوع محروقا على دماء الشعب التي سالت على الشارع الثوري بهمجية بربرية لم تعرفها اليمن فهب اليمنيون عسكريون ومدنيون ليلبوا نداء الشهداء الذي أطلقوه في جمعة الكرامة بدمائهم فكان ذلك اليوم فارقا بين الكرام واللئام، ومازالت المعركة مستمرة بين الفريقين. وبسقوط أول شهيد في جمعة الكرامة كان كرسي (صالح ) الذي أسسه بمال وعرق ودماء اليمنيين طيلة عقود يترنح ساقطا بدون شرف ولا كرامة... لقد عفرت الدماء الطاهرة وجه الطغاة وصنعت فيضا من إرادة شعبية لا تقهر .... كانوا يريدونها صدمة رعب للآباء والأمهات وكل من تسول له نفسه ان يهتف (يرحل ) فوقعت عليهم الصدمة ؟ (يرحل؟؟ مَن يرحل؟؟) قالها المستبد وهويغرق في دماء الشهداء حائرا يسأل: من هؤلاء؟ من أين جاء هؤلاء؟ وكأنهم نزلوا عليه من الفضاء الخارجي غير مصدق بأنهم تفجروا قلب الوطن وأوساط البسطاء بجمعة الكرامة قرر عدم الرحيل فكانت دماء الشهداء هي صاحبة القرار، أسست لعهد جديد من إرادة لا تعرف الخوف ...كان شهداء الكرامة بتلك الملحمة التي يجب أن تعرف الأجيال تفاصيلها المبهرة يطوون فراش الاستبداد ومعه يطوون صفحة الخوف: المسئول الأول عن حالة الاستبداد وخذلان الشعوب عبر التاريخ. نعم.. عدو الشعوب القيم السلبية التي أفقدتهم قوتهم وليس قوة المستبد الذي يتهاوى أمام صدور عارية وإرادة تأبطت الموت لتصنع فرائح الحياة وفطائر الكرامة يتغذى بها الأطفال حتى لا يكون هناك مكان ولا مجال للظلم والاستبداد والاستعباد بعد اليوم .... بعد ثلاث سنوات من موقعة الكرامة ها هو الشعب اليمني ثائرا مستيقظا يقاوم كل المشاريع المضادة المفزوعة من قدرة اليمن ودولة اليمن وحضارة اليمنيين القادمة ؟بعد ثلا ث سنوات يحز في النفس أن تجد القتلة مازالوا طلقاء وثوارا مازالوا سجناء ؟ لكنها مسيرة الانعتاق الطويلة والمهم أن تبقى الثورة مشتعلة لنهدم كل يوم جدارا اسود ونزرع فسائل خير قادم ... يبدو من حسن حظ اليمنيين ان تتجمع المشاريع السوداء في إناء واحد من ملكيين وعائلة وانفصاليين.. إنهم ثلاثي البلاء وعلى الشعب اليمني أن يكمل ثورته فالثورة ليست إزالة أشخاص من مواقع ليعودوا مثلهم ..إنما إزالة مشاريع سوداء واستئصال أفكار العبودية والاستعباد وبناء دولة المواطنة المتساوية والكريمة والدولة المدنية العادلة والخادمة للشعب، وهذا يحتاج إلى أن تتحول الثورة إلى ثقافة شعبية والمقاومة للمشاريع الصغيرة الى عبادة واخلاق ودين نتعبد به الله، وعندها لن يخيفنا كل هذه الأوهام والتهويمات ستسقط تباعا , ما يهمنا هو أن يبقى الشعب كريما.. أن لا يدخله الإحباط.. ولا يداخله اليأس، وان يبقى متسلحا بالإرادة والتصميم الذي يفتت كل مشاريع الهمج ومشاريع الإمامة، وحتى لا يفكر لصوص الثورات بالاقتراب... إن يوم الكرامة هي قاعدة اليمن الجديد الذي نلمحه في الأفق الجميل القادم على أكتاف الرجال وقوة النساء وعرق العمال وعبقرية الشباب ووحدة الشعب ووعيه ...مستقبل خالٍ من الفساد والاستبداد والأفكار الرجعية البالية التي تنتقص من حرية الإنسان وكرامته ...مستقبل يجاهد فيه الشعب حتى لا يبقى سيد في هذه البلاد إلا الله ولاحاكم إلا الشعب.