انزعج الناس أيما ازعاج للأخبار التي تحدثت عن عزم الحكومة لانزال جرعة، ومن حق الناس أن يتخوفوا من خبر كهذا، وخاصة في مثل هذه الظروف المعيشية للمواطنين. ما يستلفت النظر أن إعلام الرئيس السابق تناول الحديث عن الجرعة المزمعة بطريقته الخاصة من حيث الإثارة والتحريض والتمترس حول خبر كاذب لتصفية الحساب وما يستلفت النظر بالتحديد في التناولات الاعلامية لدى الإجهزة الاعلامية التابعة للمخلوع أو المتعاطفة معه هو أنها جميعها تتعاطى مع الموضوع وكأنها ستكون ( لو تمت) أول جرعة في تاريخ اليمن ناسين أو متناسين أن تاريخ حكمهم وبالأخص في السنوات الاخيرة قبل ثورة 11فبراير كانت كلها جرع ظاهرة وباطنة ناهيك عن النهب والسلب للثروة الوطنية وبصورة دائمة ومنظمة بل إن بعض مصادر النهب تلك ما تزال تصب في جيوبهم حتى الساعة، وملاحظة أخرى أنك ترى في تناول هؤلاء للحديث عن الجرعة انهم يتمنون الإعلان عن الجرعة بل ويستعجلون انزالها لأسباب عدة منها استغلالها لإثارة فوضى والتمترس خلفها للانتقام من الثورة والثوار، ومنها أن الشخص الجرب يريد الناس كلهم جربين، فلا تكون الجرعة مسجلة حصريا على نظام المخلوع فقط. وثالثة لربطها بالإصلاح وكأنه هو الحزب الحاكم المتفرد بالسلطة ولذلك قد بدأوا بهذه الفرية الكاذبة منذ أيام وبافتراء فاجر على الإصلاح الذي أعلن بوضوح موقفه الرافض لأي جرعة تمس حياة ومعيشة المواطنين. بقي أن ندرك أن سياسة الجرع المتبعة منذ أن تفرد المؤتمر الشعبي بالحكم هي السياسة الاقتصادية العقيمة التي أوصلت البلد إلى هذه الأوضاع المعيشية لأنها جميعها لم تنعكس ايجابا على حياة المواطن بل انعكست سلبا على حياته المعيشية وما يزال المواطن يدفع ثمن تلك السياسات المؤتمرية الحمقاء حتى اليوم. إن المواطن اليمني اليوم بحاجة إلى من يخفف من معاناته لا إلى من يضيف معاناة جديدة عليه. وبالتالي فهناك حاجة ماسة إلى قرارات تحرر كل المصادر والموارد المالية وبما يضمن أن تصب جميعها إلى خزينة الدولة، كما أننا بحاجة الى قرارات حازمة تنظف كشوفات المرتبات من الأسماء الوهمية والمكررة سواء في السلك المدني أو العسكري، وقرارات أخرى تحد من بل تمنع الصرفيات والانفاق العبثي ومخصصات المسؤولين ومخصصات الترضيات والمداهنات. فالخوف مثلا من ردود أفعال أصحاب الكشوفات والأسماء الوهمية من المتنفذين وغيرهم لن تكون ولا تساوي ردة فعل المواطن المحروم الذي ظل يتحمل وحده أعباء الجرع طيلة حكم الرئيس السابق دون أن يستفيد شئيا يذكر. القيادة السياسية والحكومة مطالبون باتخاذ قرارات مسؤولة تحصر الجرعة في دائرة الفساد والفاسدين فقط وسيجدون الشعب كله ملتفا حولهم.