لم يكن الأمر صادماً على الأقل علينا نحن مواطني اليمن السعيد, كما حدث طبعاً مع أولئك الذين كانوا حاضرين مؤتمر المانحين, حين فجّر لهم وزير الخدمة المدنية في بلد العجز الدائم للموازنة المالية, بلد الأزمات, والبطالة, والفقر, وغياب التنمية, والخدمات, مفاجأة فقدان تريليون ريال سنوياً من خزينة الدولة, والمال العام, لا يعرف الوزير كيف تصرف؟ ولمن؟ فاجأ الوزير أيضاً المانحين بأنه تم حصر 900 ألف موظف فقط من جهاز الدولة بالبصمة, من أصل مليون وسبعمائة ألف موظف, وكشف لهم عن صعوبة استكمال حصر, ورصد كامل موظفي الدولة بواسطة البصمة، وهو الأمر الذي سيضعنا مؤكداً في أول طريق إيجاد تلك التريليون المفقودة. الأمر لم يكن خفياً, ومخيفاً علينا كمواطنين, ووزراء بالتأكيد كما كان الحال على المانحين الذين سيترددون تريليون مرة في تبديد منحهم المالية في بلد تفقد فيه تريليون كما لو كانت غبرة في كومة قش, قش فساد أغرق البلد, والعباد, وللأسف دونما حسيب, ولا رقيب, على الرغم من وجود «هيئة مكافحة الفساد» لم تقدم ومنذ إنشائها وحتى اليوم فاسداً, ولو كان آخر فاسد في هرم الفساد, فاسد يشفى فيه العاطلون, الباحثون عن فرصة عمل ويحملون أسفار شهاداتهم، وقدرات صقلوها أملاً في فرصة لخدمة يوماً ما، وصدموا بواقع وظائف مقيدة بأسماء مجهولة, هي حل لغز التريليون المفقودة. لغز التريليون المخيف, والمؤلم يضعنا جميعاً أمام مسئولية وطنية, لمواجهة فساد بلغ الزُبى, وإهدار للأموال العامة, وصل حداً لا ينبغي السكوت عنه, خصوصاً والبلد في أمس الحاجة إليها, مفاجأة الوزير لابد أن تكون بداية مواجهة حقيقية مع الفساد, والفاسدين, لتدارك التدهور الاقتصادي, والتوصل لحلول, وسياسة تمنع هذا العبث, والإهدار, وعدم الاكتفاء بعذر الصعوبات, لابد أن تتبنى الحكومة اليوم سياسة واضحة, وجديدة أساسها المصداقية, والجدية أكثر لمواجهة غول الفساد الذي ينهش كل مفاصل الدولة, كي ننقذ ما يمكن إنقاذه, ونقرب من ساعة فجر اليمن الجديد الذي طال انتظاره, يمن الفرص العادلة, والمتساوية, يمن بلا فساد, والحقيقة التريليون ريال المفقودة لم تكن صدمة, بقدر ما كانت أعذار في مواجهة هذا العبث, والفساد, حتى و بعد الثورة صدمة أكبر, وأشد ,لأن «المال السايب يعلم السرقة». في الأخير.. أهنئ الجميع بحلول الشهر المبارك، وأخص بالتهنئة الفاسدين, وأجد المناسبة فرصة لندعو لهم بالهداية ,والتوبة عن المال العام, رمضان مبارك, ودُمتم بخير!! *الجمهورية