يسرنا في دائرة التوجيه والإرشاد بالتجمع اليمني للإصلاح أن نهنئ شعبنا اليمني وسائر شعوب العالم الإسلامي بحلول شهر رمضان المبارك سائلين الله تعالى أن يهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام وأن يوفق الأمة الإسلامية للاستفادة من هذا الشهر العظيم في تصحيح مسارها وتقوية صلتها بربها وتحقيق العبودية له وبهذه المناسبة فإننا نذكر إخواننا وأحبابنا بقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة:183). رمضان أيها الإخوة قد نزل بكم وأظلكم بخيراته وبركاته، فأحسنوا استقباله واغتنموا أوقاته ، وشمروا عن سواعد الجد. فرمضان محطة إيمانية جعلها الله لعباده ليتزودوا منها زاد التقوى والإيمان لتتهذب نفوسهم وتتزكى وتسمو وترتقي وتتطهر حتى تكون صالحة لمجاورة خالقها في جنته التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر . أيها الأخوة المؤمنون: حققوا إيمانكم وأحسنوا استقبال شهركم وأروا لله من أنفسكم خيرا، تفقدوا أنفسكم وقوموها، فرمضان فرصة عظيمة لأن نصلح أحوالنا، فكلنا خطاءون وخير الخطائين التوابون وقد دعانا الله ربنا وخالقنا وهو أعلم بأحوالنا دعانا للتوبة فقال سبحانه:﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (النور:31) رمضان شهر التوبة وتكفير الذنوب فمن لم يغفر له في رمضان فمتى يغفر له ؟ ومن لم يتب في رمضان فمتى عساه يرجع إلى ربه؟ فما أحوجنا إلى التوبة والمسارعة إلى مغفرة الله ورضوانه﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (آل عمران:133) إننا بحاجة إلى الله فقراء إليه نحتاج إلى عونه وتوفيقه، محتاجون إلى رحمته وجوده. رمضان موسم عظيم وهبه الله لعباده وتفضل عليهم به، الوجود كله يحتفي بهذا الشهر لما حباه الله من خصائص وفضائل، فعلى المؤمن أن يغتنم كل لحظة من لحظاته. تأمل وتدبر في هذه الأحاديث التي قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان وهو يرغب الأمة ويحثها على اغتنام هذا الشهر ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :"إذا جاء رمضان فتحت أبوب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين". وفي سنن الترمذي عنه رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم :" إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة". إنه فضل عظيم وكرم جزيل من الله تعالى لعباده، غير أن العوائق كثيرة، والمشاغل كبيرة، التي تقف في طريق المسلم لتبعده عن الله وتحول بينه وبين مرضاته، يصنعها ويضعها شياطين الجن والإنس. غير أن الأمر يسير على من يسره الله عليه، فرمضان شهر الصبر والمصابرة، شهر الجهاد والمجاهدة، شهر الانتصارات والفتوحات؛ وأول انتصار يجب أن نحققه هو أن ننتصر على أنفسنا الأمارة بالسوء ونجاهدها ونروضها حتى تنقاد لأمر الله ورسوله فإذا تحررت النفوس من شهواتها وتعلقت بربها وخالقها هداها الله سبلها وتولاها وكان معها بحفظه ورعايته ونصره وتأييده قال تعالى:﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (العنكبوت:69).
احرصوا أيها الإخوة على الصلاة جماعة في المساجد، وحافظوا على السنن الراتبة وصلاة التراويح فإنها شعيرة من شعائر المسلمين، وأكثروا من قراءة القرآن في شهر القرآن تأملا وتدبرا، وزكوا وتصدقوا، وأبذلوا المعروف، صلوا أرحامكم وأحسنوا إلى جيرانكم، وأدعو غيركم إلى الخير الذي وفقكم الله إليه والدال على الخير كفاعله.
أكثروا من الدعاء والضراعة إلى الله في ليلكم ونهاركم أدعو الله لأنفسكم ولا تنسوا الدعاء لأمة الإسلام بأن ينصرها الله على أعدائها ويمكن لها في الأرض، حافظوا على صومكم من اللغو والرفث والفحش والسباب والزور وقول الزور، قاطعوا قنوات الشر والهدم والفساد، أحفظوا أبصاركم وصونوا أسماعكم وأقبلوا على ربكم بكل قلوبكم، واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير .
اللهم وفقهنا لصيام رمضان وقيامه واجعلنا ممن قبلتهم وغفرت لهم وأعتقتهم من النار ياعزيز ياغفار.