لم يكن يدور بخلد الطفل محمد ذو العشر سنوات أن يأتي يوم يصبح فيه يتيماً ونازحاً مرة واحدة لكنها الحرب التي يدفع فيها المدنيون الثمن الأكبر مثلما هو حاله مع آخرين في محافظة الجوف شمالي اليمن. وروى محمد – في شهاده وثقتها مؤسسة الجوف للإعلام والتنمية(غير حكومية) –فصول مأساة أسرته التي بدأت بمقتل والده من قبل الحوثيين بعد رفضه طلبهم دخول منزله ثم تفجيره وصولاً إلى تهجيرهم من منطقتهم في مديرية الغيل. وتدور مواجهات منذ مطلع أغسطس/آب الجاري,بين قوات الجيش المدعومة من القبائل وبين الحوثيين في مناطق الصفراء والغيل,خلفت عشرات القتلى والجرحى من الجانبين,لم تفلح جهود لجنة الوساطة الرئاسية في إيقافها. ويشكو محمد مثل غيره من النازحين من عدم وجود مأوى أو مساعدات من أي جهة ما دفعه للجوء إلى عند أقاربه في مدينة الحزم عاصمة المحافظة إلى استضافة أسرته منذ نزوحهم من مديرية الغيل. معاناة النازحين وتقدّر الأممالمتحدة عدد النازحين بنحو أكثر من أربعة ألف شخص,أغلبهم من مديرية الغيل والمناطق القريبة من مركز المحافظة ويتوزعون على مديريات الحزم والمصلوب والخلق بعضهم عند أقاربهم والبعض الآخر في المدارس والعراء. وقال المسئول الإعلامي لمكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية بالعاصمة صنعاء,عبد الاله تقي,إن عدد النازحين جراء المواجهات يتراوح ما بين 600 إلى 2000 عائلة بما يعادل أكثر من 4600 ألف شخص. وأوضح في حديث ل"الصحوة نت",أن النازحين يعيشون أوضاعاً إنسانية غاية في السوء بسبب عدم توفر أماكن الإيواء أو المساعدات الغذائية والدوائية اللازمة. واشتكى المسئول الأممي من عدم وجود دعم من قبل المانحين لتنفيذ خطة الاستجابة الإنسانية للعام الجاري والبالغة 592 مليون دولار,حيث لا تكفي الموارد المتوفرة تغطية 40% من الخطة. وناشد تقي جميع أطراف المواجهات إعلان هدنة مؤقتة للسماح للمنظمات الإنسانية تقديم الاحتياجات للنازحين وتخفيف المعاناة عنهم. تجاهل رسمي ويفاقم معاناة النازحين عدم اهتمام الجهات الرسمية بقضيتهم في ظل تركيز جهود مساعيها من خلال لجنة الوساطة الرئاسية على وقف إطلاق النار والتوصل لاتفاق سلام دائم. واعترف الشيخ محمد درعان,عضو لجنة الوساطة الرئاسية المكلفة بإنهاء المواجهات,بعدم إيلاء الدولة أي اهتمام بقضية النازحين وتقديم كافة الاحتياجات اللازمة لهم لتركيز مساعيها على إنهاء المواجهات في الوقت الراهن. وأشار في حديث ل"الصحوة نت",إلى أن النازحين يعانون أوضاعاً صعبة جراء حالتهم المادية المتدهورة أصلاً وتفاقمها بعدم توفر أماكن للإيواء ومساعدات تخفف معاناتهم. ووعد درعان بتضمين قضية النازحين في أجندة لقاءاتهم مع الجهات الحكومية المختلفة,مناشداً المنظمات الإنسانية التحرك العاجل لتقديم المساعدات الضرورية. حالة مأساوية من جانبه,قال رئيس مؤسسة الجوف للإعلام والتنمية,مبارك العبادي,إن النازحين يعيشون حالة مأساوية لعدم وجود أي اهتمام بقضيتهم رغم افتقارهم لأبسط مقومات الحياة. وأشار في حديث ل"الصحوة نت",إلى أن مئات الأسر نزحت عن منازلها خوفاً من الموت وبعضها لتهدم منازلها جراء قصفها خاصة من قبل الحوثيين الذين فجّروا ثلاثين منزلاً في مديرية الغيل. وأوضح أن أغلب النازحين يقيمون عند أقاربهم رغم فقرهم حيث تتكدس تسع أسر في منزل صغير,وبعضها لم تجد مكاناً غير المدارس وأخرى في الأعشاش بالعراء. وانتقد العبادي غياب الدور الرسمي والمنظمات الإنسانية تجاه أوضاع النازحين وعدم قيامها بواجباتها في المسارعة بتوفير أماكن للإيواء والمواد الغذائية المطلوبة. يذكر أن عدد النازحين وغالبيتهم في المحافظات الشمالية وصل العام الماضي إلى 306 آلاف شخص,وفق تقرير أصدرته الأممالمتحدة,في أبريل/نيسان الماضي.