خرج الآلاف من سكان صنعاء رجالاً ونساء عقب صلاة العصر، في مهمة نضالية مستمرة لرفض انقلاب المليشيات الحوثية واحتلال مؤسسات الدولة، وفي مقدمة مطالبهم تحرير العاصمة التي أضحت تضيق بأبنائها عقب انتشار المليشيات في أرجاءها وتحويلها إلى عاصمة محتلة. كان المتظاهرون يتوافدون وفي أيديهم لافتات ذات خلفية سوداء؛ أرادوا أن يعبروا بها عن الحال الأسود الذي أصبحت فيه صنعاء، وكتبوا بعض مؤشراته بعبارات ضد الانقلاب ورفض التعذيب الوحشي والانتهاكات، وفي بعضها تنديداً بمصير الشهيد صالح البشري الذي قضى تحت التعذيب الهمجي في سجون المسلحون الحوثيون منتصف الشهر الحالي. في المقابل كانت مليشيات الحوثي تنشر بشكل مكثف وغير مسبوق ، حيث شوهدت أطقم وبجانبها مليشيات ؛ بشكل بدا منظم على مداخل الشوارع الفرعية على امتداد شارع الزبيري ، في حين لوحظ تواجد كثيف لمليشيات الحوثي عند الهيئة العامة للطيران المدني والإرصاد تسندها مجموعات أخرى على متن عشرات الأطقم العسكرية بعضها تتبع جهات عسكرية وأمنية (من غالبية الوحدات والمعسكرات) في حين كانت بعضها لا تحمل أي لوحات معدنية ، مدججين بأسلحة متنوعة بين آر بي جي وكلاشنكوف . تحركت المسيرة من أمام المؤسسة الاقتصادية بباب اليمن وانطلقت حناجر المتظاهرين بهتافات ضد الانقلاب أبرزها "على غير على غيري ، خلس الزنة ولبس ميري" في إشارة إلى وضع المليشيات التي تم إدماجها في المؤسسات الأمنية والعسكرية والتي قدرها بيان مجلس الأمن بأنها تصل نحو "75 ألف" فرد ينتمون لمليشيات الحوثي، في حين كانت الهتافات تتوالى استهداف المدنيين والقادة السياسيين، هو عمل الإرهابيين ، يا قطعان الحوثيين، وعصابات الهمجيين" وأخرى هتفت " ابشر ابشر يا قحطان شباب الثورة طوفان سيحرر أغلى الاوطان تضامناً" مع محمد قحطان عضو الهيئة العليا للإصلاح الذي تفرض عليه المليشيات الحوثية حصاراً في منزله منذ مساء أمس. وعند وصول الحشود أمام هيئة الطيران المدني والطيران، تحركت مجموعات كانت قد بين المتظاهرين تصرخ بوجود عبوات ناسفة ؛ يقول المصور الصحفي سليمان النواب " كنت في المقدمة وفي لحظة محاذاة المسرة للمسلحين الحوثيين سمعنا هتافات وصراخ من داخل المتظاهرين تقول بصوت فيه ذعر :عبوات ناسفة عبوات ناسفة، ولم يكملوا الصراخ حتى انفجرت قنابل صوتية شديدة الانفجار في مقدمة المسيرة سببت الذعر وأدت إلى تراجع المتظاهرين وتدافعهم إلى الخلف". كان الحوثيون قد أعدوا خطة محكمة لما تم ، ففي اللحظة نفسها بدأت إطلاق النيران في الهواء ، تزامن مع هجوم محموم للمليشيات الراجلة وفي أيديها الهراوات والأسلحة البيضاء والعصي ، واندفعوا بالعشرات في أوساط المتظاهرين بالضرب والركل وقذفهم بكل ما في أيديهم، في نفس الوقت وقف المسلحون الحوثيون وقطعوا الطريق نحو شارع الزبيري بحاجز كثيف تسنده أطقم العسكرية حوله وسياج من الجنود المدججين على الجانبين أمام هيئة الإرصاد. يقول الصحفي عبد الله المنصوري "تم الاعتداء على المتظاهرين بشكل جنوني كانوا ينهالون علينا بالضرب بأعقاب البنادق والهراوات ورشقنا بالحجارة والزجاجات، أصابوا متظاهرين بجروح مختلفة ، لقد شاهدت أمام عيني متظاهراً أصيب في رأسه بجرح غائر" كان المصابون بالعشرات. في تلك الأثناء اعتدت مجموعات مسلحة من المليشيات على المصورين والصحفيين ، حيث تم تكسير كاميرات على مراسلي وكالات وصحفيين ، كما تم سرقت تلفونات متظاهرين كانوا يرصدون الانتهاكات الوحشية لمليشيات الحوثي. وتواصلت الاعتداءات في النصف الساعة الأولى من تحرك المسيرة ما شهدت تموج للمتظاهرين استغلتها المليشيات الحوثية لتختطف العشرات من المتظاهرين –لم نحصل على أسماءهم بعد- مما استدعى توجه المتظاهرين وتحويل المسار باتجاه شارع تعز. في وسط المسيرة كانت المتظاهرات تهتف ببسالة "يسقط يسقط حكم الحوثي"، "حرية حرية". كانت تلك الأحداث في الساعة الأولى لحركة المسيرة من الرابعة إلى قرابة الخامسة، حينها كان المئات لا يزالون يتوافدون من بعض أحياء وشوارع العاصمة ، ففي شارع الزبيري بجوار البنك العربي اعتدت مليشيات الحوثي على مجموعة من الشباب قبل وصولهم إلى المسيرة ومنعهم من الالتحام بالمليونية. وحاصرت مليشيات الحوثي مجموعة من المتظاهرات عند المؤسسة الإقتصادية ، وأطلقن نداء استغاثة ، قبل أن يهب عدداً من الشباب لفك الحصار عنهن. ووصف متظاهرون ما حدث بأنه إنقلاب على أخلاق المجتمع وليس إنقلاباً على الدولة فحسب.