لكل يوم جديده من قوافل النازحين القادمين إلى مديرية الشمايتين حجرية، حتى ليخامرك الشك وأنت تتأمل في جموع القادمين وفي الإحصائيات المتابعة لموجات النزوح هذه أن هذه المديرية دون غيرها معنية باستقبال نازحي الحرب من مختلف المحافظات اليمنية، وقد دفعها لتحمل تبعات هذا الدور موقعها الجغرافي القريب من عدد من المحافظات كلحج والضالع وعدن إضافة لكونها العمق السكاني لمحافظة تعز وربما لليمن بشكل عام. موجات النزوح لا تزال مستمرة وبشكل متعاظم، والزائر لمدينة التربة -مركز المديرية- يلحظ الازدحام الزائد والمتنوع الذي تعيشه هذه المدينة، رغم أن مجاميع كبيرة من النازحين توزعتها مراكز إيواء مختلفة في عزل المديرية بشكل عام. ولعل القاسم المشترك بين هذه المراكز جميعها ذلك الازدحام الملفت للنظر، حيث وصل الأمر إلى تقاسم الفصل الواحد في بعض المدارس التي تحولت إلى مراكز إيواء بين ثلاث أسر، أضف إلى ذلك عدم توفر الخدمات الضرورية في هذه المراكز كدورات المياه والصرف الصحي، وقلة مصادر المياه الصحية، ونقص حاد في المواد الإغاثية بشكل عام والغذائية منها بشكل خاص. كل أسرة من هذه الأسر النازحة تحمل وجعا خاصا بها حيث تتنوع المآسي ما بين تدمير البيوت ومقتل عدد من أفراد الأسرة، وغالبا ما يكون عائل الأسرة أحدهم، وفقد مصادر الدخل، والجامع الوحيد لمختلف هذه المواجع تلك الحرب الظالمة بوجهها القبيح وبتجلياتها الشنيعة. وأمام هذه المأساة المتنامية تقف جهود خيرية جديرة بالتقدير تحاول جهد طاقتها التخفيف من وقع هذه المأساة في تقديم خدمات إنسانية لا ترقى بطبيعة الحال إلى حجم المشكلة لكنها بالتأكيد جهود مباركة تمسح دمعة هنا وتضمد جرحا هناك وتسعى في إيواء مشرد أو إطعام جائع وذلك في حد ذاته مسعى نبيل يؤكد أصالة الخير في هذا الشعب الطيب. (حملة تراحم للإغاثة الإنسانية) واحدة من أيادي الخير في مديرية الشمايتين، تدير دفتها كل من مؤسسة (معاً) التنموية وجمعية إيثار الخيرية. وقد حقّقت هذه الحملة حضورا لافتا في عدد من عزل المديرية مثل: ذبحان- شرجب- بني غازي- المشارقة- القحفة- وقبل ذلك مدينة التربة. ولتسليط الضوء على هذه الحملة زارت الصحوة نت عددا من مراكز النازحين المستهدفة، والتقت بالأستاذ زعيم أحمد قائد المقطري رئيس حملة تراحم رئيس مؤسسة (معا) الذي وقف بنا على حجم المأساة وعلى طرف من الجهود الخيرية المبذولة إزاء ذلك. المقطري اوضح ان الحملة نُفِّذت عبر مرحلتين: تضمنتا: عمل استبيانات إحصائية لمعرفة أعداد النازحين واحتياجاتهم، ومع أن المؤشرات أعطت نتائج مخيفة إلا أنها ظلت في تزايد مستمر حيث وصل عدد الأسر النازحة إلى أكثر من سبعة آلاف أسرة في مدينة التربة والعزل القريبة منها بينما بقيت عزل بعيدة كالزعازع والمساحين وراسن وغيرها بعيدة عم هذا المسح الإحصائي. كما تضمنت المرحلتان توفير مراكز الإيواء من مدارس ووحدات صحية ومراكز زراعية واستراحات، تلا ذلك توفير احتياجات الإيواء من فرش وبطانيات وأدوات طباخة ونماسيات وخزانات مياه، والتنسيق مع عدد من الجهات الصحية لعمل زيارات صحية وتقديم الخدمات الضرورية في هذا الشأن. كما تضمنت المرحلتان توزيع المواد الغذائية والمواد الصالحة للشرب. ويبدي المقطري ارتياحا كبيرا من المنجز الخيري للحملة والمرصود في تقارير مختلفة تتضمن الجهات الممولة مؤسساتٍ وأفرادا والأسر المستفيدة لكنه يبدي في ذات الوقت امتعاضا كبيرا من نقص الجانب المادي، ومن قلة الجهات الداعمة والعاملة في هذه المديرية على وجه التحديد، داعيا أهل الخير إلى تقديم ما يمكن تقديمه تخفيفا لمآسي هؤلاء المنكوبين المشردين. ورغم إشادة المقطري بدور المجتمع في تفهّم ظاهرة النزوح وتفاعله معها تفاعلا إيجابيا إلا أنه يرى أنه من الضروري أن تنتظم الجهود الخيرية في ناظم جامع يعمل على إيصال الجهود الإغاثية إلى كل الجهات المستهدفة، وهذا يستدعي من الجهات العاملة في المجال الإغاثي نوعا من التنسيق لتحقيق التكامل والتعاون. ويختتم المقطري تصريحه بدعوة رجال الإعلام إلى إيلاء ظاهرة النازحين حقها من التناولات الصحفية والمتابعات الإعلامية، تعريفا وتوصيفا، ومعالجة، لما للإعلام من دور مهم في إبراز هذه القضايا الإنسانية.