أغلقت نحو أربعين ألف لجنة انتخابية في مختلف أنحاء مصر أبوابها مساء أمس بعد يوم طويل شهد العديد من أعمال العنف والمواجهات التي أسفرت عن وقوع قتيلين على الأقل والعديد من الجرحى، بالإضافة إلى مئات الشكاوى من مرشحي المعارضة ومنظمات المجتمع المدني من منع الحكومة لمندوبي المرشحين والمراقبين من دخول لجان الانتخابات، ما يسهل عمليات التزوير حسب زعمهم. ورصدت 'القدس العربي' انتهاكات واضحة في العديد من لجان القاهرة التي بدت شبه خالية إلا من عناصر الشرطة والبلطجية الذين سيطروا على مداخل المقرات الانتخابية، في دوائر مصر الجديدة حيث يترشح سامح فهمي وزير البترول، والسيدة زينب حيث يترشح الدكتور فتحي سرور رئيس البرلمان المنتهية ولايته، والزيتون حيث يترشح الدكتور زكريا عزمي امين رئاسة الجمهورية، والامن المساعد للحزب الوطني الحاكم. ومن بين الانتهاكات السماح لمندوبي الحزب الحاكم بتوزيع الدعايات الانتخابية داخل اللجان، وفي حضور البلطجية، وكذلك استمرار الدعاية الانتخابية في الشوارع، رغم ان اللجنه العليا للانتخابات امرت بوقف كل اشكال الدعاية منذ منتصف ليل السبت. وكان مندوبون للحزب الحاكم يوزعون بطاطين مجانا في عدة دوائر بشرط ابراز البطاقة الانتخابية الحمراء. إقبال ضعيف وتفقدت 'القدس العربي' مقرات انتخابية بالقاهرة في مدارس سراي القبة الثانوية للبنات والقبة الثانوية والخليفة المأمون والنقراشي مصر الجديدة وشبرا الخيمة وغيرها قبل ساعات قليلة من اغلاق الصناديق، وهو الوقت الذي قالت وسائل الاعلام الحكومية انه شهد اقبالا واسعا، وكانت اللجان شبه خاوية. وبينما بلغ عدد المسجلين في الجداول بمقر مدرسة القبة والتي تضم خمس لجان فرعية نحو خمسة الاف ناخب، كان عدد الناخبين المتواجدين لا يزيد عن اربعة اشخاص. وامتنعت فتاة كانت تحمل اوراق دعاية للمرشح المستقل عصام الهندي، وهو ينافس زكريا عزمي عن التعليق على ما يحدث في المقر بعد ان نظرت الى البلطجية القريبين منها، كما رفضت سيدة اخرى الحديث بعد ان كانت تشكو من عدم العثور على اسمها في اي لجنة انتخابية. وقال احد المواطنين انه عضو في الحزب الحاكم، وابرز توكيلا موقعا من عزمي ليكون مندوبا عنه داخل اللجنة، وانه سيعطيه صوته لانه قدم العديد من الخدمات للمنطقة، منها اقامة مستشفى وتطوير مناطق عشوائية. ولقي نجل مرشح مستقل مصرعه في منطقة المطرية اثر اعتداء من بلطجية، وسارعت اللجنة العليا للانتخابات ووسائل الاعلام باتهامه بانه (توفي اثر مشاجرة بعد قيامه بمعاكسة احدى الفتيات) رغم ان النيابة لم تبدأ التحقيق في الحادث بعد، وقالت إن المواطن الآخر لقي مصرعه في مدينة تلا بالمنوفية نتيجة 'ازمة قلبية'. وكانت اللجنة الانتخابية العليا أوقفت الانتخابات في اثنتي عشرة لجنة انتخابية نتيجة لتجاوزات، ثم عادت وسمحت بها مع تمديد زمن التصويت، وتوقع متحدث باسمها ان تبلغ نسبة المشاركة نحو سبعة وعشرين بالمئة، معتبرا إنها نسبة جيدة مقارنة بنسب الماضي، ولم يذكر كيف تمكن من التكهن بنسب المشاركة قبل انتهاء التصويت. انسحاب مرشحين وأعلن عدد من رموز المعارضة بينهم حمدين صباحي (ناصري) وجميلة اسماعيل (ليبرالية) وصبحي صالح (اخوان) انسحابهم من الانتخابات احتجاجا على الانتهاكات الصارخة من جانب الحزب الحاكم، وزعم الاخير انه تعرض لاعتداء من أشخاص مجهولين. وفي خضم ذلك انسحب مرشح جماعة الإخوان المسلمين النائب السابق محمود عامر من الانتخابات في محافظة 6 أكتوبر احتجاجا على ما وصفه بالتزوير. كما انسحب لهذا السبب النائب المعارض حمدين صباحي المرشح في دائرة البرلس والحامول في محافظة كفر الشيخ. وكان عدد من نواب الإخوان بينهم المهندس اشرف بدر الدين ومحمد البلتاجي وغيرهما، اعلنوا الاعتصام في مقرات الشرطة مساء السبت احتجاجا على رفضها تسليمهم توكيلات المندوبين عنهم في اللجان الانتخابية، وهو حق قانوني لكل مرشح، اعتبروه دليلا على النية المسبقة للتزوير. وتوقع مراقبون ان تشهد نحو نصف الدوائر جولة اعادة، ولم يستبعدوا ان (يضحي) بأحد رموزه في محاولة للرد على اتهامات التزوير، وان ترشيح الحزب أكثر من مرشح على مقعد واحد يعبر عن صراعات داخل الحزب بين احمد عز وصفوت الشريف. وقال ناشطون في منظمات مدنية معنية بمراقبة الانتخابات (ان هذه الانتخابات تمثل انتكاسة وعودة لما قبل العام 2005 من تزوير فاضح، وان الحكومة رفضت السماح بالمراقبة الدولية ثم منعت المراقبين المحليين من اداء عملهم، كما منعت مندوبي المرشحين من الدخول، وهكذا اصبح الطريق ممهدا امام التزوير). وعلمت 'القدس العربي' ان الحزب الحاكم شكل (غرفة عمليات) لمراقبة أداء مرشحيه ورصد 'اللجان التي يحتاج فيها المرشحون للدعم' وتوجيه الدعم إليهم تجنبا للمفاجآت. ووزع الحزب أجهزة حاسب على أبواب العديد من المقار لمساعدة الناخبين على العثور على لجانهم الانتخابية. تزوير موثق في هذه الأثناء قالت جماعة الإخوان المسلمين إنها رصدت ما وصفته بعمليات تزوير واسعة في عدد من الدوائر الانتخابية، لكن الحزب الوطني الحاكم نفى وقوع أي عمليات تزوير. وفي دائرة فارسكور بمحافظة دمياط شمال مصر، اقتحم أنصار مرشح الحزب الوطني الحاكم لجنة "أولاد خلف". وقام عدد من البلطجية في حراسة الأمن بتزوير الأصوات في خمس لجان لصالح مرشحي الحزب الوطني على مقاعد العمال والفلاحين مما أثار حفيظة الأهالي الذين اقتحموا لجان الاقتراع وقاموا بتحطيم نوافذها وإلقاء صناديق الاقتراع في الشارع. من جهتها ذكرت القوى والأحزاب المعارضة في وقت سابق أن أنصارهم منعوا من الإدلاء بأصواتهم في العديد من الدوائر. وأضافت أن عناصر يحملون أسلحة بيضاء تتواجد قرب بعض اللجان الانتخابية في الدقهليةوسوهاج ومدن أخرى لإرهاب أنصار المعارضة. مراكز مغلقة وكانت مصادر حقوقية مصرية قالت إن عددا من مراكز الاقتراع بقي مغلقا أمام مندوبي المرشحين من المعارضة والمستقلين وجماعة الإخوان المسلمين في غالبية المحافظات. ونقل أحد مراسلي الجزيرة عن الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي قولها إن سلطات الأمن منعت 350 من مراقبيها من دخول مراكز الاقتراع. في غضون ذلك قتل شخصان أحدهما نجل مرشح في حي بالقاهرة، وأصيب عدة أشخاص في حوادث عنف متفرقة، رغم نشر السلطات تعزيزات أمنية لمواجهة تلك الأحداث. وقالت وزارة الداخلية المصرية إن القتيل الأول توفي في ملابسات شخصية تتعلق بمعاكسته إحدى الفتيات، بينما توفي الثاني بسكتة قلبية. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن أجهزة الأمن المصرية تأكيدها اعتقال 75 من أنصار مرشحي جماعة الإخوان في محافظة بورسعيد. محاولة قتل ومن جهته نقل مراسل الجزيرة نت بالإسكندرية أحمد علي عن مرشح الإخوان في المدينة اتهامه أنصار مرشحي وزير التنمية المحلية اللواء عبد السلام المحجوب بالاعتداء عليه ومحاولة قتله قبل نقله إلى المستشفى للعلاج. وأشار الناطق باسم الجماعة إلى أن مدن سمنود وكفر الزيات بمحافظة الغربية تشهد مصادمات بين أنصار الإخوان والشرطة خلفت إصابة ستة من أنصار الإخوان. وفي مدينة نويبع جنوبسيناء، دخلت قبيلة المزينة في اشتباكات مع الشرطة بسبب ما وصفته بتزوير العملية الانتخابية. وفي سياق متصل أصيب ثلاثة أشخاص في دائرة قسم شرطة سوهاج جراء إطلاق نار من جانب نائب الحزب الوطني ومرشحه. وأصيب ثلاثة أشخاص في مدينة الشيخ زويد بشمال سيناء في إطلاق بين أنصار مرشحين للحزب الوطني. ونقلت رويترز عن عزازي علي عزازي رئيس تحرير صحيفة الكرامة الأسبوعية المعارضة قوله إن مصابين سقطوا في اشتباكات بين الشرطة وأنصار مرشح معارض في مدينة بلطيم بمحافظة كفر الشيخ بدلتا النيل. وتأتي هذه الأحداث رغم تكثيف السلطات الإجراءات الأمنية تحسبا لأعمال شغب قد تندلع في الانتخابات ونفيها تدخل الأمن في هذه العملية. يذكر أنه تنافس في هذه الانتخابات 5058 مرشحا من الأحزاب السياسية والمستقلين على 508 مقاعد بينهم 64 مقعدا مخصصة للمرأة وتتنافس عليها 378 امرأة.