للمرة الرابعة ..اليمن يستهدف عمق الكيان مجددا    بن بريك والملفات العاجلة    92 ألف طالب وطالبة يتقدمون لاختبارات الثانوية العامة في المحافظات المحررة    الجوع يفتك بغزة وجيش الاحتلال يستدعي الاحتياط    هدف قاتل من لايبزيغ يؤجل احتفالات البايرن بلقب "البوندسليغا"    يفتقد لكل المرافق الخدمية ..السعودية تتعمد اذلال اليمنيين في الوديعة    ترحيل 1343 مهاجرا أفريقيا من صعدة    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    السعودية تستضيف كأس آسيا تحت 17 عاماً للنسخ الثلاث المقبلة 2026، 2027 و2028.    النائب العليمي يبارك لرئيس الحكومة الجديد ويؤكد وقوف مجلس القيادة إلى جانبه    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    التركيبة الخاطئة للرئاسي    وادي حضرموت على نار هادئة.. قريبا انفجاره    أين أنت يا أردوغان..؟؟    مع المعبقي وبن بريك.. عظم الله اجرك يا وطن    حكومة بن بريك غير شرعية لمخالفة تكليفها المادة 130 من الدستور    العدوان الأمريكي يشن 18 غارة على محافظات مأرب وصعدة والحديدة    اعتبرني مرتزق    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    رسائل حملتها استقالة ابن مبارك من رئاسة الحكومة    نقابة الصحفيين اليمنيين تطلق تقرير حول وضع الحريات الصحفية وتكشف حجم انتهاكات السلطات خلال 10 سنوات    3 عمليات خلال ساعات.. لا مكان آمن للصهاينة    - اعلامية يمنية تكشف عن قصة رجل تزوج باختين خلال شهرين ولم يطلق احدهما    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    بدعم كويتي وتنفيذ "التواصل للتنمية الإنسانية".. تدشين توزيع 100 حراثة يدوية لصغار المزارعين في سقطرى    قرار جمهوري بتعيين سالم بن بريك رئيساً لمجلس الوزراء خلفا لبن مبارك    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    إنتر ميلان يعلن طبيعة إصابة مارتينيز قبل موقعة برشلونة    اجتماع برئاسة الرباعي يناقش الإجراءات التنفيذية لمقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية    وزير الخارجية يلتقي رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر    مصر.. اكتشافات أثرية في سيناء تظهر أسرار حصون الشرق العسكرية    اليمن حاضرة في معرض مسقط للكتاب والبروفيسور الترب يؤكد: هيبة السلاح الأمريكي أصبحت من الماضي    تدشين التنسيق والقبول بكليات المجتمع والمعاهد الفنية والتقنية الحكومية والأهلية للعام الجامعي 1447ه    أزمة جديدة تواجه ريال مدريد في ضم أرنولد وليفربول يضع شرطين لانتقاله مبكرا    الحقيقة لا غير    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    أسوأ الأطعمة لوجبة الفطور    سيراليون تسجل أكثر من ألف حالة إصابة بجدري القردة    - رئيسةأطباء بلاحدود الفرنسية تصل صنعاء وتلتقي بوزيري الخارجية والصحة واتفاق على ازالة العوائق لها!،    الفرعون الصهيوأمريكي والفيتو على القرآن    الجنوب يُنهش حتى العظم.. وعدن تلفظ أنفاسها الأخيرة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 3 مايو/آيار2025    صنعاء تصدر قرار بحظر تصدير وإعادة تصدير النفط الخام الأمريكي    إصلاح الحديدة ينعى قائد المقاومة التهامية الشيخ الحجري ويشيد بأدواره الوطنية    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    غارات اسرائيلية تستهدف بنى تحتية عسكرية في 4 محافظات سورية    احباط محاولة تهريب 2 كيلو حشيش وكمية من الشبو في عتق    سنتكوم تنشر تسجيلات من على متن فينسون وترومان للتزود بالامدادات والاقلاع لقصف مناطق في اليمن    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة تونس لزعماءنا العرب!!
نشر في الصحوة نت يوم 15 - 01 - 2011

ركب دماغه في (البداية).. لكنه لم يجد ما يخرجه من ورطته في (النهاية).. إنه الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، صاحب النهاية المأساوية. ركب دماغه في البداية بعدم الاستجابة لمطالب شعبه..اغتر بقوة أجهزته البوليسية وبصرامة قوته الأمنية وبجبروت سيطرته الطاغية، غير أن كل هذا تحول إلى قصاصات من ورق، فأسقطه شعبه الجبّار كما تسقط أوراق الشجر اليابسة، لا تجد من يلتقطها.
خلال ساعات فقط قدّم بن علي كل التنازلات السياسية لشعبه في يومه الأخير، علّه يهدئ من روعه.. أقال الحكومة، حلّ البرلمان، تنازل عن الترشّح مرة أخرى للرئاسة، وضع حدا للرئاسة مدى الحياة، وعد بمحاسبة الفاسدين، وأعلن إجراء انتخابات استثنائية بعد ستة أشهر، غير أن كل هذه الإغراءات السياسية لشعبه لم تنفعه لتثبيت عرشه بعد أن اهتزت الأرض من تحت أقدامه.
إلى قبل أيام فقط كانت تونس برمتها تحت القبضة الحديدية لزين العابدين بن علي، غير أنه في يوم الجمعة التاريخية لم يجد في تونس موطئ قدم تحتويه أو تؤوي أسرته، ولم يجد ما يغادر به البلاد سوى 4 مروحيات عسكرية هرّبته إلى جزيرة مالطا، كما أن طائرته المدنية التي استقلّها من هناك لم تجد بلدا يقبل هبوطها فيه، بما في ذلك البلدان الحليفة معه والداعمة لنظامه.
عرش عظيم كان بيد بن علي في تونس إلى يوم الجمعة، غير أن غروره بقوته وجبروته وسلطانه حوّلته إلى (أعمى بصيرة) لا يدرك قوة الشعب إذا انتفض، وعاصفة الشارع إذا ارتعد.. وتعامى عن هذا اليوم الذي تزلزل فيه عرشه وتحول إلى ركام، لم تمكنّه حتى من الصمود لساعات، عقب إلقاء خطابه الأخير، للملمة ما خفّ وزنه وغلا ثمنه من مكتنزاته التي نهبها من قوت شعبه طيلة 23 عاما.
كان يمكن لزين العابدين بن علي أن يتفادى مصيره القاتم الذي واجهه يوم الجمعة بأقل التكاليف، بالتنازل عن السلطة مثلا، بالاستجابة لمطالب شعبه مثلا، بإزالة أسباب الاحتقانات مثلا، بمحاسبة الفاسدين مثلا، بالتوزيع العادل للثروة والسلطة مثلا، بتوفير العدل والعيش الكريم للجميع مثلا، و.....إلخ، لكنها لعنة الكبرياء ولعنة الغرور، التي أطاحت قبله بمن هو أقوى منه وأكثر جبروتا من سلطانه.
رسالة الشارع التونسي لرئيسه بن علي، الذي خلعوه غير مأسوف عليه، وجهت إشارة قوية لكل زعاماتنا العربية، علّها تتّعض وتعتبر بمضمونها، وتدفعها إلى قراءة رسالة الشارع التونسي بعمق، قبل أن يقرأها الغير عليها وتكون هي رسائل أخرى لغيرها.
رسالة تونس عميقة، كشفت كيف أن الأنظمة السياسية تظل رغم جبروتها أنظمة هشّة، يمكن أن تطيح بها أي عاصفة شعبية إذا لم تستمد هذه الأنظمة قوتها من شعبها، وكيف أن المواطن البسيط البوعزيزي، صاحب عربة بيع الخضار في تونس، أطاح بنظام بن علي الجبّار!!!.
رسالة تونس عملية، كانت غائبة عن أذهان زعاماتنا العربية، لكنها حضرت بقوة لتفرض نفسها على واقعنا، وأربكت كل حسابات أنظمتنا العربية، ليس حساباتها السويسرية فحسب ولكن حساباتها السياسية أيضا، فما عاد التأبيد في الحكم حلم سهل المنال وما أضحى التوريث للكرسي مخطط ممكن التنفيذ، إلا إذا ركبوا أدمغتهم كما ركبه بن علي.
رسالة تونس قاسية، تمثل إنذارا مبكرا لكل قياداتنا العربية، تدفعها نحو الالتفات بعناية لهموم شعوبها، وعدم غض الطرف عن مطالبهم أياًّ كانت، قبل أن تطالها أمواج التغيير من الشارع لتجتثهم من مضاجعهم، كما اجتثت بن علي وانتزعته من براثن أركان حكمه، رغم أن نظامه كان وبدون منازع أكثر قوة وأكثر صلابة من كل الأنظمة العربية الأخرى.
رسالة تونس معبّرة، تعطي مؤشرا قويا بأن الشعب قد يُقهر، قد يجوع، قد يُعاني، قد يتشرد، قد يصمد، قد ينحني، قد يحرم من حقوقه، قد يصبر على بلاءه، لكنه لا ينسى وفي الأخير يكون مصيره الانفجار، لأن كثرة الضغط لا يولّد إلا (الانفجار).
رسالة تونس بليغة، تؤكد أن الشارع هو الشعب، والشعب هو البسطاء من العامة وهو موظفي الدولة وهو رجال الجيش وهو رجال الأمن وليس قيادات أحزاب (المعارضة)، التي يعتقد الحاكم أنه إذا ضمّها تحت إبطه، فإنه سيرتاح من إذوتها ومن أذيّة الشارع، لكي يضمن مستقبله من بعدها.
رسالة تونس قوية، تكشف أن (تفصيل) الدستور والقوانين يفترض أن يكون على مقاس البلد، على مقاس الشارع، على مقاس الجميع وليس على مقاس الحاكم، حتى لا يضيق به وبمن معه.
رسالة تونس بسيطة، مفادها أن أموال الدولة يفترض أن تسخر لرفاهية الشعب، لا لرفاهية الأسرة الحاكمة، لتنمية البلد لا لتنمية الجيوب الجشعة، لإشباع جوع الشعب لا لتخمة العصبة المستولية على الحكم.
رسالة تونس مباشرة، معنونة لكل الأنظمة العربية، لكنها قد تكون معنونة بتحديد أدق نحو النظام اليمني والمصري والسوري والسوداني والجزائري، لتشابه الوضع السياسي والاقتصادي في تونس مع أوضاع هذه الأنظمة، بل قد تكون هذه الأنظمة مهترأة وأوضاع بلدانها أكثر رداءة من تونس، وفي بلدانها عربيات لبيع الخضار أكثر مما في تونس، وفيها خريجين عاطلين عن العمل أضعاف ما هو في بلاد بن علي، ويسودها احتقان شعبي أكثر بكثير مما هو عليه الحال في المدن التونسية، وقد لا يحرقوا أنفسهم كما فعل البوعزيزي التونسي بنفسه، ولكن سيحرقون أنظمتهم ليعيشوا لحظة النصر ويستمتعوا بلذة الحياة بعده.
رسالة تونس واضحة، وهي أن زين العابدين بن علي قد لا يكون الزعيم العربي المخلوع الوحيد، بل المخلوع (رقم واحد)، ولهذا الرقم ما بعده، إذا لم تبادر القيادات العربية بخلع نفسها قبل أن تخلعها شعوبها، وقد تكون إضافة جديدة لهذا الرقم "إذا لم تحلق رؤوسها قبل أن يحلقها لها الآخرون"، كما قالها صاحبنا عليه السلام من قبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.