بعد 23 عام من الحكم الذي ظن نفسه مؤبداً في تونس اليوم يتحرر ليجبر رئيس البلاد علي التنحي والمغادرة بطريقة لن يرحمها التاريخ من التوثيق والرصد وصوراً من العنف والقهر لن تخرج من ذاكرة الزمن،، ولعل القتل والتصعيد المتتالي لم يشكل في مخيلة الرئيس بن علي ملامح الإنهيار،، اليوم الشعب التونسي وبحدث غير مسبوق عربياً يعلم الإرادة العربية والإسلامية درساً حياً في الإباء والعزة والكرامة فهل لها أن تستوعبها،، هل تملك الأمة العربية التي تحمل بين دفتيها العديد من صنوف النضال والمعاناة الممتدة، أعماراً من أجيال تعاقبت وسلطات لم تسمح لجسدها أن تقوم من كرسي، توالت أزمنة وتاريخ من الجمود يرسل أنفاسه بين أذهان أجيال تلفظها الأرحام لتكون كجيل سبق لا تغيير في لون ومذاق وشكل البيئة التي جاءوا فيها وسيخرجون منها، ولربما أنها تلد وتموت علي رأس من السلطة لا يتغير حتى لإجازة سنوية ،، هل تعي الشعوب العربية درس التغيير الذي زرعته مشاهدة أمام جماهير العالم وأرسلت صوتاً مدوياً بعد دماء أروت الأرض من تحت أقدام التونسيين، هل ترسم الملامح المقبلة في البلاد كلها عربية وإسلامية خطوطاً ذات أفاق لفك شفرة الرباط الوثيق عن سلطة الحكومات الأبدية التي تتربع جاثمة علي صدر التاريخ، هل من نهاية لدوامة الإستئثار بالحياة والوطن. ثمة تفحصاً يدعو مخيلتنا لطموح من الحرية نقتطف ثمارها كتلك التي يهنئ بها التونسيين أنفسهم اللحظة، هنيئاً لهم مذاق الحرية هنيئاَ لهم زخم التغيير الذي تنفسته السماء والتحفت به الأرض التونسية. هل يملك الشعب اليمني خطاً يشابه عزم التغيير وإرادة الخلاص التي علقت في سماء الوطن التونسي، هل يملك هذا الشعب وهو يواجه بشكل يومي برنامجاً مفرغاً إلا من الحشو والتحايل عبر مفردات من الإيماء بمستقبل يحارب الفقر الذي لا يجد له أرضاَ وإنساناً ومكان غير اليمن بأزقتها وناسها وحاوريها، هل يملك الشعب اليمني إرادة التغيير وتكون الحالة الانتخابية القادمة، هي فيصل لحياة نزيهة في اليمن، هل تزرع الأمل وتحقق النبض في حياة الناس بجمعهم الزماني والمكاني ومختلف تصوراتهم عن الحياة السياسية، هل يملك الشعب اليمني خيارات ولن نقل مشابهة! هل يملك الشارع اليمني من وسائل الضغط التي تساعده في تجاوز محنة ختم النهاية الذي يلوح من بعيد لوطن يرحل نحو المغيب، هل تملك الإرادة الشعبية الحفاظ علي اليمن أرضاً وأنساناً، هل تحجب اليمن عن أبناءها مصيراً مجهولاً لشعب ربما لن تمر عليه إرادة الشعب التونسي دونما تفكير في الحرية والتغيير والكرامة.