هل ستُصبح العملة الوطنية حطامًا؟ مخاوف من تخطي الدولار حاجز 5010 ريال يمني!    في ذكرى عيد الوحدة.. البرنامج السعودي لإعمال اليمن يضع حجر الأساس لمشروع مستشفى بمحافظة أبين    حدادا على شهيد الريح : 5 أيام في طهران و7 في صنعاء !!    مفاتيح الجنان: أسرار استجابة الدعاء من هدي النبي الكريم    الرئيس رشاد العليمي: الوحدة لدى المليشيات الحوثية مجرد شعار يخفي نزعة التسلط والتفرد بالسلطة والثروة    رئيس إصلاح المهرة: الوحدة منجز تاريخي ومؤتمر الحوار الوطني أنصف القضية الجنوبية    قيادي إصلاحي: الوحدة اليمنية نضال مشرق    الرئيس العليمي يبشر بحلول جذرية لمشكلة الكهرباء    الرئيس العليمي : قواتنا جاهزة لردع اي مغامرة عدائية حوثية    "العدالة تنتصر.. حضرموت تنفذ حكم القصاص في قاتل وتُرسل رسالة قوية للمجرمين"    "دمت تختنق" صرخة أهالي مدينة يهددها مكب النفايات بالموت البطيء!    بطل صغير في عدن: طفل يضرب درسًا في الأمانة ويُكرم من قِبل مدير الأمن!    خبير جودة يختفي بعد بلاغ فساد: الحوثيون يشنون حربًا على المبلغين؟    الونسو: اتالانتا يشكل تهديدا كبيرا    بن عديو: الوحدة تعرضت لسوء الإدارة ولا يعني ذلك القبول بالذهاب نحو المجهول    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    إيقاد الشعلة في تعز احتفالا بالعيد الوطني 22 مايو المجيد والألعاب النارية تزين سماء المدينة    محمد قحطان.. والانحياز لليمن الكبير    في ذكرى إعلان فك الارتباط.. الانتقالي يؤكد التزامه باستعادة دولة الجنوب (بيان)    أبين.. منتخب الشباب يتعادل مع نادي "الحضن" في معسكره الإعدادي بمدينة لودر    الوزير الزعوري يناقش مع وحدة الإستجابة برئاسة مجلس الوزراء الملف الإنساني    وزير الشؤون الاجتماعية يشيد بعلاقة الشراكة مع اليونيسف في برامج الحماية الإجتماعية    التعادل يسيطر على مباريات افتتاح بطولة أندية الدرجة الثالثة بمحافظة إب    القبض على متهم بابتزاز زوجته بصور وفيديوهات فاضحه في عدن    تراجع أسعار النفط وسط مخاوف من رفع الفائدة الامريكية على الطلب    الامين العام للجامعة العربية يُدين العدوان الإسرائيلي على جنين    لاعب ريال مدريد كروس يعلن الاعتزال بعد يورو 2024    المبعوث الامريكي يبدأ جولة خليجية لدفع مسار العملية السياسية في اليمن مميز    إحصائية حكومية: 12 حالة وفاة ونحو 1000 إصابة بالكوليرا في تعز خلال أشهر    الآنسي يعزي في وفاة الشيخ عبدالمحسن الغزي ويشيد بأدواره العلمية والدعوية والوطنية    الوزير البكري يلتقي رئيس أكاديمية عدن للغوص الحر "عمرو القاسمي"    تناقضات الإخواني "عبدالله النفيسي" تثير سخرية المغردين في الكويت    الحوثي للاخوان: "اي حرب ضدهم هي حرب ضد ابناء غزة"!!!!    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن حملة علاجية مجانية لمرضى القلب بمأرب    "وثيقة".. كيف برر مجلس النواب تجميد مناقشة تقرير اللجنة الخاصة بالمبيدات..؟    تقرير برلماني يكشف عن المخاطر المحتمل وقوعها بسبب تخزين المبيدات وتقييم مختبري الاثر المتبقي وجودة المبيدات    الحوثيون يعبثون بقصر غمدان التاريخي وسط تحذيريات من استهداف الآثار اليمنية القديمة    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    هل يمكن لبن مبارك ان يحدث انفراجة بملف الكهرباء بعدن؟!    قاتلكم الله 7 ترليون في الكهرباء فقط يا "مفترين"    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واقع الإعلام العربي- الرسمي- اليوم..!!يحيى الجُبيحي*
نشر في الصحوة نت يوم 07 - 02 - 2011


[email protected]
- مقدمة:-
من البديهيات إن قلنا.. أن الدين الإسلامي الخالد واللغة العربية يمثلان عاملين أساسيين ومُتلازمين- في توحيد
الأمة العربية- بل إنهما من أهم عوامل الوحدة العربية.. ماضياً وحاضراً ومستقبلاً بعون الله..
- فرغم بعض الصفات الإيجابية التي كان يتحلى بها المجتمع العربي قبل الإسلام.. كالشجاعة، والوفاء، وإكرام الضيف، والغيرة على القيم، وغيرها.. إلا أنها ظلت صفات ناقصة.. فقد كان المُجتمع العربي قبل الإسلام- مجتمعاً عصبياً- تقع الحروب فيما بينه على أتفه الأسباب وأحقرها.. إضافة إلى بعض الممارسات السلبية الأخرى وهي عديدة.. ليأتي الإسلام لمُحاربة مثل هذه الجوانب السلبية خاصة محاربة العصبية.. وإقراره لبعض الفضائل التي كانت سائدة.. كما جاء في الحديث النبوي الشريف ما معناه: (خيارُهم في الجاهليةِ.. خيارهم في الإسلام ما فقهوا)..
- مع أن اللغة العربية.. بقدر ما وحدت المُجتمع العربي بلسانٍ واحد.. بقدر ما وحدت أيضاً الثقافة الإسلامية بمُختلف عناصرها.. العربية، والفارسية، واليونانية، والهندية، وغيرها!..
- وبجانب اعتبار الدين الإسلامي واللغة العربية من أهم عوامل الوحدة العربية على مر العصور والأزمنة.. فإن هناك عوامل توحد أخرى عديدة.. منها:- عوامل الجنس، والدم، والبيئة الموحدة، والأرض المشتركة، وغيرها..
حيث تعتبر المنطقة العربية بمثابة وحدة إقليمية متميزة.. إذ أن لها حدود جغرافية مشتركة.. تمتد في قارتي آسيا وإفريقيا دون حواجز طبيعية.. وتحتل موقعاً إستراتيجياً هاماً باعتبارها تمثل حلقة وصل بين القارات الثلاث (آسيا، وإفريقيا، وأوروبا).. كما تحتوي على موارد اقتصادية.. مُتنوعة وهامة.. بما في ذلك البترول الذي يشكل أكثر من نصف احتياط العالم..
- وكانت المنطقة العربية ولا تزال، وستظل حتماً- مركزاً للأديان السماوية الثلاث.. وموطناً للحضارات الإنسانية المُتفوقة، والمدهشة.. حساً ومعنى.. إضافة إلى كونها بمثابة وطن واحد لشعوبٍ ومُجتمعات مُتقاربة في مُعظم توجهاتها الخاصة والعامة.. تنتمي إلى قومية واحدة.. ويدين أغلبها بدينٍ واحد!..
- ولذا.. يمكننا التأكيد هنا.. بأن اللغة العربية التي نزلَ بها القرآن الكريم، وكذلك الدين الإسلامي.. يأتيان في
مُقدمة عوامل تكوين وتوحيد الشعوب العربية..
- إن هذه العوامل الإيجابية التي هي جزء من كل.. والتي تمتاز بها الأمة العربية، والتي لم تتغير على مر العصور وتقلب الحدثان.. كان يمكنها أن تجعل منها قوة مادية وروحية رائدة.. كما كانت في الأمس- وليس العكس!.. حيثبات الواقع العربي اليوم في أسوأ مراحله.. وأصبحت الشعوب العربية تعيش في دويلات وكيانات واتجاهات مُتعددة ومُتنوعة.. وتواجه مشاكل سياسية، وثقافية، واقتصادية، واجتماعية بالغة الخطورة.. بل وصل الأمر إلى أن يصبح العربي المُؤهل عِلمياً وعَملياً.. غير قادر على العمل في دولة غنية- غير دولته الفقيرة.. وإنما يفضل غيره ممن لا يتكلم باللغة العربية، ولا يدين بدين الإسلام.. وهو ما ضاعف من المشاكل الاجتماعية في مثل هذه الدول العربية- الغنية- وإن حصل العربي على عملٍ ما فيها.. فإن ذلك يأتي عبر شروط.. بعضها تعجيزية!..
- إضافةً إلى كثرة الشكوك وسوء الظن بين مُعظم الأنظمة العربية ضد بعضها البعض.. والقاسم المُشترك بين مُعظمهما.. هو التنسيق الأمني فيما بينها.. والذي يأتي تحت حجج عديدة منها:- مُحاربة الإرهاب..
بينما هو ضد الشعوب بالدرجة الأولى.. وهو ما أدى إلى المزيد من الأزمات العديدة والتدخلات الأجنبية والتي كان أخطرها احتلال أهم دولة عربية في العصر الحديث من قبل الولايات المتحدة الأميركية.. وبمساعدة أو تواطؤ بعض الأنظمة العربية وصمت البعض الآخر؟!.. ليأتي الندم من الجميع.. بعد خراب- البصرة- وَلاتَ ساعة الندم؟!..
- إن هناك أسباب عديدة ومتنوعة لتلك الأزمات والمشاكل التي تُعاني منها كل الشعوب العربية، وتأتي أزمة الفجوة الكبيرة والقائمة بينها وبين أنظمتها في مُقدمة تلك الأزمات والمشاكل، والتي ترجع إلى جوانب وأسباب عديدة- محلية وأخرى خارجية.. هي بحاجة إلى إسهاب في السرد والعرض والتحليل.. لكنني.. سأكتفي هنا بذكر سبب واحد لأهميته من جهة، ولأنه هو عنوان هذه المحاضرة من جهةٍ أُخرى..
- إنه الإعلام... فالإعلام بوسائله المُختلفة، وما بات عليه اليوم من تطور تقني وتكنولوجي.. كان ولا يزال يلعب دوراً كبيراً ومؤثراً في صنع بعض إن لم يكن مُعظم تلك الأزمات والمشاكل والشكوك والفجوات بين معظم الأنظمة العربية ضد بعضها البعض.. وبينها وبين شعوبها من جهة- ثم بين الشعوب العربية وأنظمتها وبين بعض الشعوب والأنظمة الأخرى من جهة؟!..
- لذلك.. إذا أردنا حلولاً لتلك الأزمات والمشاكل وتضييق الفجوة عل الأقل بين معظم الأنظمة العربية وشعوبها- فإنه لا بُد أولاً من إصلاح وضع الإعلام العربي الرسمي بمجمله (قومياً وقطرياً) والعمل الجاد على إيجاد- إعلام عربي مشترك- صادق ومجرد ومحايد.. لكي يعمل على حل بعض تلك الأزمات والمشاكل ويخدم مُجمل القضايا العربية- العربية، والعربية- الدولية.. كما يعمل على وحدة الآراء والتوجهات، و التقريب فيما بينها وبين الشعوب العربية مع بعضها البعض بجانب نشر الوعي السياسي، والفكري، والثقافي.. انطلاقا من أهم عاملين أساسيين مُساعدين في هذا الجانب.. أعني.. الدين الإسلامي، واللغة العربية..
إضافة إلى أهمية قيام الإعلام العربي المُشترك- بالتوعية، وكيفية قيام الشعوب العربية- بالتغلب على الاستعمار بشقيه "الإستيطاني" الذي كان ولا يزال يتمثل بأهمية تحرير فلسطين من الكيان الإسرائيلي.. والذي ظل ولا يزال يمثل مرضاً سرطانياً.. يهدد كيان حاضر، ومستقبل الأمة العربية ووجودها.. وتحرير العراق من الاحتلال الأميركي- وغير الأميركي.!! ثم الثقافي- الذي يهدف إلى سلخ مجتمعنا العربي من عقيدته ووحدته وقيمه ومُثله العُليا!.. وهو ما قد حُقق بعضه ولا يزال يعمل بجد وبخطوات حثيثة لتحقيق ما تبقى عبر وسائل الإعلام المختلفة بوجه خاص.. وعبر قنوات أخرى عديدة ومتنوعة كتواجد بعض الخبراء الأجانب ممن يوضع بعضهم بأهم المراكز القيادية، وغيرهم بوجه عام..!
- وقبل الدخول إلى موضوع عنوان هذه المحاضرة: (واقع الإعلام العربي الرسمي- اليوم)..
لا بُد من التذكير بأن ما أعنيه بالإعلام العربي الرسمي بأنه هو: ذلك الإعلام المقروء والمسموع،والمرئي، والمُوجه نحو القارئ، والمشاهد، والمستمع العربي بوجه خاص..ونحو غيره داخل الوطن العربي وخارجه بوجه عام.. "أكان إعلاماً قومياً، ؟أو قُطرياً"
- وهناك تعريف شبه رسمي- أو متعارف عليه رسمياً- للإعلام العربي المشترك.. والذي يتمثل بأنه: (الوظيفة الإعلامية التي تُمارسها جامعة الدول العربية.. باسم، ونيابةً عن، وبالاشتراك مع الأقطار العربية.. وتحت إشرافها لصالح الوطن العربي مجموعه!..)
- هذا التعريف.. كما جاء في كتاب: (الإعلام العربي المشترك- للدكتور/ راسم محمد الجمال.. ص 17 ).. يعني بأن الإعلام العربي القومي هو كل ما يصدر عن جامعة الدول العربية أو عن الهيئات، والمنظمات، والمؤسسات العربية الأخرى.. ذات الطابع القومي!.. وهذا عكس- الإعلام العربي القُطري- الخاص بكل دولة من الدول الأعضاء بالجامعة العربية!..
- ومن هذا المفهوم.. فإن ما يسمى بالجامعة العربية باعتبارها منظمة قومية تخدم مصالح الدول والشعوب العربية الأعضاء فيها.. أو هو ما يجب؟!.. هي التي تقوم بوظيفة الإعلام العربي المشترك!.. ولهذا الغرض وُجدت خريطة تنظيمية لجهاز الإعلام العربي- تابع للجامعة العربية- مُمثلاً ب:-
1- ما يسمى ب "مجلس وزراء الإعلام العرب".. الذي يتألف من وزراء الإعلام العرب..ويجتمع سنوياً بمقر الجامعة العربية..
2- ما يسمى ب"اللجنة الدائمة للإعلام العربي".. والذي يتكون من رؤوسا أجهزة الإعلام في
الدول العربية.. ويجتمع مرتين سنوياً..
3- ما يسمى ب "المكتب الدائم للإعلام العربي".. الذي يتكون من المُستشارين والمُلحقين الإعلاميين بالسفارات العربية- بمقر الجامعة العربية..
4- ما يسمى ب" المكاتب الإعلامية".. التابعة للجامعة العربية في مُعظم العواصم الغربية وغيرها..
- فهذه الأجهزة وُجدت بعضها في الخمسينات من القرن المنصرم.. إضافة إلى تأسيس العديد من المجالس واللجان المُشتركة في الستينات من القرن المنصرم.. ودوائر ومكاتب إعلامية أُخرى عديدة.. مُعظمها تتواجد بمقر الجامعة العربية بالقاهرة.. وبعدة عواصم عربية وإسلامية ودولية.. والتي تشكل بمجملها خريطة تنظيمية شبه متكاملة في عرضها للإعلام العربي المُشترك!.. كما هو معروف ذلك لدى المعنيين بهذا الجانب..
- ولكن.. رُغم كل هذه المجالس واللجان والمكاتب التي ينفق عليها ملايين الدولارات من ميزانية ما يسمى ب"الجامعة العربية".. والتي تُدفع سنوياً من كل الدول العربية الأعضاء، وتتوافر فيها إمكانات مادية وبشرية وتقنية ضخمة.. فإن "واقع الإعلام العربي اليوم" على المستوى القومي- يعتبر فاشلاً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى!..
- وما يقال على الإعلام العربي- الرسمي- القومي.. يقال أيضاً على الإعلام العربي- الرسمي-القُطري.. والذي تموله الدولة وتقوم بتوجيهه والإشراف عليه لكي يخدم سياستها الخاصة.. وهو ما يتميزتباعاً لذلك بالتخلف والجمود وإخفاقه في جذب انتباه المشاهد والقارئ والمستمع إلا ما ندر.. بسبب استمرارالرقابة والتدخلات الرسمية المستمرة من جهة، وبسبب دناءة وضعف بل وانعدام كفاءة وإخلاص وإيمان القائمين عليه من جهة ثانية..!! ولتصل أزمة الثقة بين الإعلام العربي الرسمي- القطري- وجمهوره إلى عدم المصداقية حتى بالأخبار الهامشية جداً وليس فقط السياسية؟!..
- ولذا.. فإن واقع الإعلام العربي- الرسمي اليوم- أكان قومياً أو قطرياً يعتبر فاشلاً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى!!..
- فرغم ما يصرف عليه- قومياً وقطرياً.. ورغم توسعه- كماً وكيفاً، وتوغلاً وشمولياً، وتأثراً وتأثيراً.. إلا أنه لا يخرج في جوهره عن توجهات ثلاثة.. فقد يكون مجرد "إعلام رسمي- قطري".. وهو ما يرادف لدى المواطن العربي بالدعاية والتظليل- بل والكذب.. وقد يكون مُجرد"إعلام تحريضي".. يصدر عن نظام عربي ضد نظام عربي آخر.. والعكس صحيح أيضاً!.. وقد يكون مجرد "إعلام خافت أو خائف".. وهو بهذه الحالة لا يمكن أن يكون له طعم أو لون أو رائحة!.. وهذا بالنسبة للإعلام القُطري..
- أما الإعلام القومي.. فلا أُخال مُعظم الشعوب العربية تسمع عنه أو تجد له أي أثر.. رغم تلك المجالس
واللجان بل والمكاتب التي تتواجد أكبرها في العواصم الغربية الكُبرى.. حيث الاستهداف الأكبر والأشمل والمتعمد ضد كل ما هو عربي وإسلامي تقريباً، والحملات الإعلامية الصهيونية والغربية التي لا تسكت عن قضية حتى تبدأ بأخرى.. والتي منها على سبيل المثال وليس الحصر.. تلصيق تهمة "الإرهاب" على العرب دون غيرهم.. خاصة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 م.. أو أن العربي هو ذلك البدوي الذي لا يعرف من جوهر الحياة-عدا- كم زوجة يقتني، وكم سيارة يمتلك، وغير ذلك من الحملات الإعلامية المُخجلة ضد العرب والمُسلمين بوجه عام؟!.. فمكاتب الجامعة العربية الإعلامية في مثل تلك العواصم الغربية لم تتمكن من الوقوف أمام مثل تلك الحملات الإعلامية الشرسة للإعلام الغربي ضد العرب والمُسلمين..
- خاصة وإن الإعلام الغربي.. يقوم بجوهره على الإثارة والتشويق ونشر الآراء المُختلفة.. مُستغلاً حرية الرأي المسئولة والمكفولة بصورة شبه مطلقة!.. بجانب استغلاله لبعض الصراعات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية في الوطن العربي بين الأنظمة العربية ضد بعضها البعض، وبينها وبين شعوبها، وفي إطار الدولة العربية الواحدة أيضاً؟!!.. ولكي يظهر الإعلام الغربي بصورة شبه مُحايدة.. فإنه فيما يخص استغلال الأوضاع العربية المؤسفة..
يفسح المجال أحياناً لبعض الأقلام والآراء العربية التي قد تكتب وتتحدث ضد أوضاعها العربية الداخلية بصورة أشمل وأعمق وربما أصدق؟!..
- لذلك.. يمكننا القول هنا بكل حيادية وتجرد إلا من الحقيقة بأن "واقع الإعلام العربي اليوم"وبشقيه: "القومي والقُطري" هو فاشل بعرضه وجوهره..! رغم الإمكانات المادية والتقنية التي بات يمتاز بها اليوم.. خاصة في جانبه القُطري!..
- والسؤال هنا.... لماذا هو فاشل؟!...
والإجابة التي سطر بعضها معظم رجال الإعلام العرب والافتراضية أو الشخصية.. تتمثل بعدة أسباب أهمها- فيما يخص فشل الإعلام العربي القومي:-
1- خضوع ما يسمى ب"الجامعة العربية" بوجه عام.. وجهازها الإعلامي بوجه خاص.. لتوجهات
وضغوط بعض الأنظمة العربية على حساب البعض الآخر، بل وقيام الإعلام العربي القومي أحياناً بالدعاية المُظللة لبعض إن لم يكن لمعظم الأنظمة العربية.. وليس لتصحيح أو تعديل أو توضيح التراكمات والتجاوزات والأخطاء لدى مثل هذه الأنظمة!.. وهي رسالته الإعلامية الأولى التي يجب عليه الاضطلاع بها!..
2- عدم توظيف الكفاءات الإعلامية.. المؤهلة، والمخلصة.. بسبب قيام بعض الدول العربية الأعضاء بالجامعة بفرض شخصيات لشغل العمل الإعلامي العربي القومي يغلب عليها الانتماء للنظام وليس للوظيفة؟!.. أمَعَ أن الجامعة العربية يفترض عليها أن تختار القيادات الإعلامية هي نفسها.. ولو من بعض الدول العربية ذاتها!.. وعبر شروط وضوابط تراعي الأداء والقدرة على العطاء والحيادية.. والانتماء القومي!.. بدلاً من الاتكال على مثل تلك الدول بهذا الجانب!..
3- غياب الشخصيات الإعلامية.. القوية والمؤثرة والمحايدة.. بسبب ما أشرتُ إليه آنفاً.. وإن
وجدت ولو بصورة ضئيلة.. فإن ممارسة التهميش والتقزيم ضدها هي التي تطغى- مما يدفع بمثل هؤلاء إلى عدم قناعتهم بالمهام الإعلامية المُناطة بهم..
4- عدم وجود اهتمام كافٍ وجاد.. من معظم الدول العربية الأعضاء بالإعلام العربي- القومي.. خاصة خارج الوطن العربي.. وتفضيل قيام كل دولة عربية بحملات إعلامية ودعائية بصفة منفردة.. مما يضاعف من فشل الرسالة الإعلامية في الخارج، وعلى المستويين "القومي والقطري" معاً..
5- اختلاف الأنظمة العربية في التوجهات السياسية والإعلامية وغيرهما.. مما يؤدي إلى تناقض وتعارض وتصادم في الأداء الإعلامي في إطار الوطن العربي وخارجه!.. وهو عكس الدول الأوروبية- مثلاً- التي رُغم اختلاف أنظمتها السياسية.. إلا أن ممارسة الديمقراطية- الحقه- وحرية الصحافة والإعلام والحرص على حقوق الإنسان..
وغير ذلك من التوجهات الحضارية.. هي بمجملها تمثل قاسماً مُشتركاً بين الدول الأوروبية كلها!..
6- عدم تنفيذ أية خطط أو برامج إعلامية من التي تقوم عليها الخريطة التنظيمية لجهاز الإعلام العربي والتي ظلت ولا تزال مجرد ظاهرة تزين الجُدران وتعرض عند الحديث عن المهام.. فحسب؟!..
7- قلة التمويل التي يعتبرها بعض القائمين على الإعلام- القومي.. أحد أسباب عدم نجاحه.. مع أن الفشل هو الأبرز حتى ولو في حدود التمويل المُتاح.. وهو ليس قليلاً.!!..
8- الخلط بين الإعلام والدعاية.. عند القيام بمهام الإعلام العربي- القومي من خلال المكاتب الإعلامية التابعة لما يسمى ب"الجامعة العربية" في العواصم العربية والغربية وغيرهما.. وانعدام التنسيق بين هذه المكاتب وبين المُلحقات والمراكز الإعلامية التابعة للسفارات العربية في تلك العواصم، والتي تتدخل أحياناً بمهام عمل تلك المكاتب- القومية- بما يراعي بعضالتوجهات القطرية!.. وهو ما يؤدي إلى الخلط بين الإعلام والدعاية!..
- وهكذا باتت قرارات وتوصيات ما يسمى ب: (مجلس وزراء الإعلام العرب) إما مُجرد قرارات سطحية وإنشائية-
تنتهي من حيث بدأت- أو تتركز على أهمية محاربة الإرهاب والتطرف وهو ما يظهر في العديد من قرارات هذا المجلس أو تلك القرارات التي تجد اهتماماً استثنائياً.. بقدر ما تجد طريقها للتنفيذ أيضاً.. وهي القرارات التي تقيد حُرية الإعلام العربي بوجه عام- كما هو الحال في القرار الذي توصل إليه وزراء الإعلام العرب بشهر فبراير عام2008 م والخاص ب: (وثيقة الإعلام العربي) التي احتوت على اثني عشر بنداً- حول القنوات العربية الفضائية- والتي تدعو إلى حرية التعبير ظاهرياً لكنها تقيده بالوعي والمسؤولية، والابتعاد عن تناول قادة الأنظمة العربية ورموزها بالتجريح وغير ذلك من التقييدات التي تعزز من سيطرة الأنظمة العربية على الإعلام الرسمي والخاص بوسائله المختلفة.. لتوافق كل الدول العربية على هذه الوثيقة الخاصة بتنظيم البث الإذاعي والتليفزيوني عبر الفضاء بالمنطقة العربية باستثناء دولة "قطر" التي أكدت تحفظها على هذه الوثيقة وعلى أي قرار يقيد حرية التعبير؟!!.. إضافة إلى قرار إنشاء ما يسمى ب"مفوضية الإعلام العربي" تباعاً لذلك.. والذي أُتُخِذ خلال الاجتماع الاستثنائي لما يسمى ب"مجلس وزراء الإعلام العرب" بالقاهرة- بشهر يناير2010 م..
- فمثل هذه القرارات الإعلامية القومية هي التي تجد طريقها للتنفيذ فحسب؟!..
- وبالنسبة لأهم أسباب فشل الإعلام العربي- الرسمي- القطري.. وهو الذي يهمنا هنا-
فإنه يتمثل بعوامل وأسباب عديدة.. أهمها:-
1- عدم وجود تعليم يقوي التفكير والإبداع من الأساس.. وهو ما يؤثر على الاستقلالية في تبني سياسة إعلامية خاصة.. بسبب الاعتماد على الخبرات الخارجية، والتمسك ببعض الأقمار الصناعية التي تبث القنوات الفضائية العربية.. رغم تنوعها اليوم!..
2- عدم الاهتمام بالكوادر الإعلامية المؤهلة علمياً وعملياً.. وطغيان الولاء المُطلق للنظام!.. بجانب طغيان المحسوبية.. مما يؤدي إلى نتائج سلبية في الأداء الإعلامي العربي- القطري.. وهو الحاصل!..
3- عدم وجود ديمقراطية حقيقة في الدول العربية خاصة- التي تدعي ظاهرياً تمسكها بالديمقراطية في توجهاتها السياسية والإعلامية.. وعدم وجود أحزاب سياسية- شعبية- فاعلة.. ولا مُعارضة صادقة.. تباعاً لذلك!.. لينعكس ذلك سلبياً على أداء الإعلام العربي- القطري!..
4- عدم حيادية وسائل الإعلام العربية بوجه عام.. واستمرار تهميش وتجهيل واحتقار المشاهد والمستمع والقارئ العربي- عبر قيام الأنظمة العربية بتقييد الإعلام بمختلف وسائله، وترسيخه ولو بالإكراه.. رغم ثورة المعلومات، والظروف والتغيرات والتقدم التكنولوجي والتقني.. وما باتت تقدمه شبكة: "الإنترنت".. ومئات بل آلاف القنوات الفضائية المتنوعة والمغايرة لما تقوم ببثه القنوات الفضائية العربية- القطرية؟!.. وهو ما أدى إلى افتقار الإعلام العربي- القومي، والقطري معاً إلى جمهور حقيقي.. ليفتقد الإعلام العربي بذلك أهم العوامل المساعدة لتطوير الإعلام- بل ولوجوده ونجاحه.. فأي إعلام مهما كانت إمكاناته.. لكنه بدون جمهور وبدون تفاعل شعبي معه.. فإنهيظل إعلام فاشل بعرضه وجوهره..
5- فقدان الهوية العربية في مُعظم البرامج.. وفي القنوات التليفزيونية العربية بوجه عام.. لأن معظم تلك البرامج
مأخوذ من أفكار وتوجهات وأهداف غربية.. إلا ما ندر...
6- قيام الإعلام العربي- الرسمي- القطري- عند إرسال رسالته الإعلامية سواء أكانت مرئية أو مسموعة أو مقروءة.. بالخلط بين حقوق المواطنة والانتماء السياسي..
7- غياب الشعوب في مختلف وسائل الإعلام مقابل ظهور الحكام ونقل كل حركاتهم وسكناتهم ليلاً ونهاراً- بجانب ظهور وطغيان الأنظمة بوجه عام.. بينما الشعوب هي الغائبة إلا ما ندر، والا عند الحاجة الرسمية لها "كالمهرجانات، وإلقاء الخطب والمواعظ عليها، و... هلم جراً..
8- عدم وجود سياسة إعلامية ناضجة تحافظ على القيم المتزنة.. والحرص على تقليد بعض توجهات الإعلام
الغربي دون مراعاة للواقع المحلي بما يمثله من قيم ومُثل.. مع أن التقليد هنا ينحصر في الجوانب السلبية وليس في الجوانب الايجابية وهي عديدة..!
9- غياب نقل ومتابعة المآسي التي تعاني منها بعض الشعوب العربية والإسلامية- خاصة في فلسطين والعراق وأفغانستان.. وان حدث فإن ذلك يقتصر على العرض وليس على الجوهر، وبدون إبقاء مثل هذه القضايا الهامة في دائرة الضوء والمتابعة!..
10 - عدم توافر المصداقية والموضوعية في الإعلام العربي الرسمي- القُطري، والاكتفاء بنقل ما يتناسب مع توجهات النظام.. والذي قد يأتي بنتائج عكسية- بسبب بلادة وغباء القائمين على الإعلام الرسمي وربما بقصد منهم؟!..
وعلى سبيل المثال وليس الحصر.. يمكننا أن نتناول هنا موقف الفضائيات اليمنية- الرسمية- من الأحداث التونسية والمصرية.. الأخيرة.. ففي الوقت الذي نجد فيه كل الفضائيات العربية- الرسمية- تنقل أحداث ثورة تونس ثم ثورة مصر- بما في ذلك الفضائيات التونسية والمصرية.. نجد الفضائيات اليمنية- الرسمية- تلتزم الصمت في الغالب!.. أو تركز على جوانب ما حدثت من اضطرابات وفوضى ونهب وسلب دون الحرص على نقل المظاهرات السلمية- وهو ما ينطبق على الصحافة الرسمية أيضاً- فهذه الطريقة في الطرح وغياب الأخبار الحقيقية ولو جزءً يسيراً منها والتي بات المشاهد والقارئ اليمني يتابعها على القنوات الفضائية الأخرى أولاً بأول.. أعطت ولا تزال تعطي نتائج عكسية تماماً؟!..
- ولا بأس من التذكير هنا.. ولو بصورة موجزة وعاجلة بالإعلام العربي الخاص- والذي قد لا يرتبط بسياسة محددة بقدر ما يرتبط بتوجهات ورغبات المالكين له.. حيث أصبحت هناك قرابة ثلاثمائة قناة فضائية عربية- سابحة في الفضاء.. وباستثناء جزء يسير منها تبث مادتها الإعلامية كنشرات إخبارية بالدرجة الأولى..
فإن بقية القنوات- بعضها وربما مُعظمها وُجدت لتحريك الغرائز والشهوات ونشر المُجون.. والهدف من ذلك.. إفراغ الجيب والعقل معاً!.. فبدلاً من الاستفادة من التطور التكنولوجي خاصة في مجال الإعلام.. انحصر الهدف بظهور فضائيات عربية- راقصة- ورسائل عبر الهواتف
السيارة- ماجنة- وحوارات على شبكة "الإنترنت" متطرفة أو سخيفة- وان كان هذا الحكم ليس عاماً في كل الأحوال!..
- والقنوات العربية الإخبارية- الخاصة- لا تمتلك هي الأخرى- حرية النشر- إلا العدد الضئيل منها فرغم وجود بعض الحرية قياساً للفضائيات- العربية- الرسمية- وقدرتها على إعطاء نتائج ايجابية من خلال طريقة العرض والأداء والاتصال بالجماهير.. إلا أنها هي الأخرى- إما أنها تخضع لرقابة- شبه رسمية- من قبل بعض الأنظمة العربية المالكة لها.. والتي تلجا إلى الاستعانة بمثل هذه الفضائيات المهاجرة لعرض ونشر ما يصعب عرضه أو نشره في إعلامها الرسمي- المحلي- وهو ما أثر على مصداقيتها وعدم القدرة على تحقيق طموحاتها في هذا الجانب!..
- وإما أن مثل هذه الفضائيات العربية- الخاصة- تخضع للجوانب المادية وطغيان الرسالة- الإعلانية- على جوهر الرسالة الإعلامية ليصبح المعلن هو المتحكم بالرسالة الإعلامية وتوجيهها كما يريد؟!.. ولتتغلب الدعاية على المصداقية والإشاعة على المعلومة!!.. إضافةً إلى قيام بعض هذه الفضائيات بسبب الحاجة إلى المساومة.. مما يقلص من درجة استقلاليتها!..
- وإما أنها رغم تمتعها بحرية كاملة- إلا أنها تُعاني بمعظم ما تقوم بنشره وبثه من عدم فهم كامل لقضايا المجتمعات العربية في الداخل بسبب تواجدها في الخارج- وهو ما يؤثر سلباً على قدراتها المهنية في هذا الجانب!!..
- وما يقال هنا على الفضائيات ينطبق أيضاً على الصحافة العربية المهاجرة وغيرها!.. وبالطبع- لا بُد من وجود استثناء في هذا الجانب!.. كما هو الحال في قناة "الجزيرة" كقناة إخبارية- تنقل الأخبار كما هي لكنها تمتلك طريقة استثنائية في تغطية الأحداث، وتعطي الفرصة للرأي والرأي الأخر، وتفتح المجال أمام مختلف التوجهات السياسية والثقافية والاجتماعية دون تدخل!.. ومن ذلك إعطاء
المواطن العربي الإدلاء برأيه حول الأنظمة العربية وغيرها- مما أدى ولا يزال يؤدي إلى ردود أفعال ضدها من قبل بعض الأنظمة العربية وصل بعضها إلى إلغاء مكاتِبِها ومراسِليها المُعتمدين- بحجة اتهام بعض هذه الأنظمة بنفس اتهامها لمن يدلي برأيه حولها.. وبحجة بث الكراهية بين الناس!! مع أن مثل هذه الأنظمة هي التي تقوم بتغذية هذه الكراهية بين الشعوب العربية ضد بعضها البعض ولأغراض سياسية ونفعية بجانب تغذية الجوانب الاجتماعية والقبلية والعشائرية والتي تهدف بمجملها إلى إطالة حكمها ومصالحها على حساب مصالح شعوبها!..
- بل إن "الجزيرة" لم تسلم من العداء الأميركي لها.. رغم أن البعض يعتبرها في بعض الوجوه مناصرة لبعض الأميركية تقريراً عام 2004 م (Time توجهات السياسة الأميركية في المنطقة.. وحينما نشرت مجلة: (تايم ووضعت فيه قناة "الجزيرة" الفضائية ضمن مائة مؤسسة حول العالم ذات نفوذ عالمي.. بجانب دورها مع بعض الفضائيات العربية الأخرى في تغطية الاحتلال الأميركي للعراق- والدور السلبي للجنود الأميركيين وتصرفاتهم المخجلة مع الأسرى العراقيين!!.. إضافة إلى عرض الآراء والتوجهات الإسلامية وإجراء الحوارات مع بعض المتشددين الإسلاميين.. كل ذلك وغيره مما لا يسعنا ذكره هنا.. أدى بالإدارة الأميركية إلى تبني مشاريع إعلامية ناطقة باللغة العربية وخاصة بها.. لتظهر تباعاً لذلك قناة "الحُرة" الفضائية وإذاعة - سواءً- الموجهة للشرق الأوسط بجانب ظهور بعضالصحف والمجلات الشبابية الاجتماعية- التي تروج لنمط الحياة الأميركية بوجه عام!..
- ورغم هذا كله.. ومع الفشل الأميركي في الحرب على الإرهاب.. بسبب عدم دراسة أسباب الإرهاب ذاته
والاستمرار في احتضان بعض الأنظمة العربية الديكتاتورية.. ونجاح بعض الفضائيات العربية عاماً بعد عام خاصة"الجزيرة" أوجدت الإدارة الأميركية ما يسمى ب: (خلية التدخل السريع- إعلامياً!) والتي قامت بتأسيسها وكيلة
وزارة الخارجية الأميركية للشؤون الدبلوماسية- السابقة- "كاثرين هيوز"- لهدف تحسين صورة أميركا في العالم العربي- حسب الظاهر المُعلن.. بينما الهدف الأساس هو مراقبة بعض الفضائيات العربية ورصد البرامج العربية بوجه عام- حيث يعمل في الطابق الثاني من مبنى وزارة الخارجية الأميركية ستمائة موظف- وكلهم يتقنون اللغة العربية أو ينحدرون من أصول عربية- يقومون برصد وتحليل كل ما ينشر ببعض الفضائيات العربية المُهمة بوجه خاص.. ليتم إرسال تقارير يومية إلى مجموعة من المُختصين والباحثين في وزارتي الخارجية والدفاع وبعض مراكز الأبحاث فتقوم هذه الجهات بدراستها ثم اختصارها بصفحة إلى صفحتين حيث توضع حينها على المسئولين الكبار ليتم اتخاذ القرارات على ضوئها..!
- ف "قناة الجزيرة" تمثل بجوهرها استثناءً حقاً- من خلال دورها المحوري في تحريك عواطف وتطلعات
الشارع العربي تجاه قضاياه ومطالبة العادلة- بجانب رعايتها للثورات الشعبية كما هو الحال في تونس ومصر مؤخراً لتصبح تباعاً لذلك الصانع الأول للآمال والأهداف والتطلعات العربية الجديدة..!- ولا غرابة أن تغلق بعض مكاتبها ببعض الدول العربية- آخرها في القاهرة وتسحب رخص العاملين بها- وليصل
الأمر إلى قيام فخامة الرئيس/علي عبدالله صالح التقدم بالتماس إلى أمير قطر طالباً منه التدخل لدى القائمين على قناة "الجزيرة" للتهدئة الإعلامية!!.. مع أنني كيمني لم أكن أتمنى حدوث ذلك من الرئيس- حيث فُسِرَ بصورٍ شتى داخل اليمن وخارجه؟!!..
- ولذا.. فإن كاتب هذه الأحرف يتوجس خيفة على مستقبل "الجزيرة" حينما تجد نفسها محاطة بعداء جماعي من قبل الأنظمة العربية وغيرها!..
- لنعد إلى موضوعنا.. بعد أن خرجت منه قليلاً!..
فأقول.. إن واقع الإعلام العربي- الرسمي- اليوم وبكل إيجاز ممكن.. يعد مصدراً من مصادر التزييف.. وأداة لتبرير بعض توجهات الأنظمة العربية الفاسدة..وتسويقاً لوجهات نظر رسمية تخدم الخاصة على حساب العامة.. وتغطية للعيوب
الرسمية الفاضحة..
- كما بات هو الذي يصنع صورة الإنسان العربي في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. فيجعل تباعاً لذلك- القبيح جميلاً، والعكس صحيح أيضاً- وأصبح يقوم عبر رسالته المرئية والمقروءة والمسموعة بالتحريض وليس بالتنوير.. وينقل للرأي العام ما يريده هو- لا ما يريده المُتلقي.. ليصبح التقرير الإعلامي أشبه بتقرير سياسي بحت ويغلب الرأي القائم على التحريف على الرأي القائم على الخبر والمعلومة.. مما جعل الإعلام العربي الرسمي- تباعاً لذلك، مُجرد ممارسة وأداء للتضليل والتمويه والكذب والبالغة!..
- وكل ذلك يحدث بسبب هيمنة الأنظمة العربية على الإعلام الرسمي- عبر الترغيب والترهيب- وعبر قوانين وأنظمة أدت ولا تزال إلى تراجع حُرية التعبير وإلى تضاؤل بل فقدان المشاركة الشعبية في هذا الجانب إضافة إلى عدم تعزيز المشاركة الديمقراطية..!!
- إن الإعلام بمختلف وسائله.. هو بمثابة سلاح من أقوى الأسلحة- لكن قوته قد تؤثر على مالكه ومستخدمه قبل غيره.. وذلك حينما يمارس تزييف وتضليل، أو حتى تقليل الحقائق المُجردة.. وكل وسيلة إعلامية تنشر معلومة مزيفة أو مبالغ بها- فإنها لا بُد وأن تنكشف إن عاجلاً أو آجلاً.. مما يؤدي إلى فقدان الثقة بها حتماً!.. بينما قوة الإعلام الحقيقية- تتمثل بكشف الحقيقة، وبمدى القدرة العقلانية في التعامُل معها!..
- والإعلام الحق- هو الذي يحسن استغلال البث الفضائي والتكنولوجيا الحديثة في نقل نبضات الجماهير
وحركاتها وسكناتها بدلاً من اقتصار الاستفادة على الجانب التقني فحسب!..
- وفي نفس الوقت.. فإن من أهم وظائف الإعلام العربي- الرسمي بشقيه (القومي والقطري)- نشر وإشاعة الثقافة العربية المشتركة، وتشجيع العمل الإبداعي العربي، وتصحيح مسار الإعلام العربي المشترك، وتقييم النقد الذاتي، وتوعية الشعوب، وكشف الأخطاء المتراكمة، وضمان ممارسة الإعلام والصحافة- عبر امتلاك المؤسسات الإعلامية والصحفية دون قيود مجحفة أو فرض توجهات محددة..
- وفي الأخير.. أرى بعد كل ما قمتُ بسرده آنفاً.. أن أضع بعض الحلول والتصورات للإعلام العربي-الرسمي- القومي والقطري- وبحسب فهمي الخاص، وبكل إيجاز ممكن.. فبالنسبة للإعلام العربي- القومي- فإنني أرى:-
1- أهمية وجود إستراتيجية عربية مشتركة للإعلام العربي- تقوم على تحقيق أهداف وتطلعات واضحة- قابلة للتنفيذ- تخدم الشعوب وليس الأنظمة كما هو الحال السائد اليوم.. وذلك عبر إبراز التكامل والقواسم المشتركة الجامعة بين الشعوب العربية.. بجانب العمل على تنمية الوعي العربي وتعميق الولاء القومي والقطري معاً.. وهذا ما يدفعنا إلى ضرورة وجود نظرية إعلامية خاصة بالإعلام العربي تراعي ثوابت وقيم وعادات وتقاليد الشعوب العربية بمختلف توجهاتها وتبايناتها الهامشية!.. وتعرف جيداً معرفة وفهم النفس العربية في الداخل وأوجه التوافق والتعارض في هذا الجانب من شعب إلى آخر..
2- ضرورة معرفة الفارق بين الرسالة الإعلامية المُوجهة للوطن العربي، والموجهة إلى خارجه- بحيث تأتي الرسالة الإعلامية المُوجهة للخارج بعد الدراسة المُسبقة والمُجمع عليها والمُراعية لفهم الشعوب العربية جيداً..
حتى تُحقق ما تتطلع إليه من تصحيح للمفاهيم الخاطئة والمقصودة ضد العرب بوجه عام، وعبر تعبير صادق
وواضح بعيداً عن التناقض وعن التهويل والمبالغة... الخ..
3- مع الاعتراف بكون الإعلام العربي المشترك- القومي- يعكس في حقيقته واقع الأنظمة والشعوب العربية
ذاتها!.. فهو مجرد تابع للسياسات والممارسات العربية- إلا أنه لا بُد من وجود الحيادية في أداء الإعلام العربي-
القومي بعيداً عن الخلافات والمنازعات والصراعات والتناقضات العربية- العربية- ولو بالحد الأدنى من هذه
الحيادية!.. ولعل إلغاء ما يسمى ب: (الجامعة العربية) وكل ما له صلة بها من
هيئات ومؤسسات ومجالس إعلامية وغيرها باعتبارها أحد أهم أسباب المشاكل العربية-
العربية- والعمل على بديل مناسب يراعي خصوصيات حاضر ومستقبل الشعوب العربية- سيمثل بداية الطريق نحو تحقيق إعلام عربي مشترك يخدم الشعوب وليس الأنظمة!.. وذلك عبر إعادة تنظيم جهاز الإعلام العربي- القومي-
وإعادة صياغة السياسة الإعلامية العربية المشتركة..
- أما بالنسبة للإعلام العربي- الرسمي- القُطري- فإنني أرى:-
1- ضرورة وجود أنظمة سياسية تعددية فاعلة- حتى ينعكس ذلك على أداء ونجاح الإعلام نفسه- حيث سيظهر في هذه الحالة إعلام صادق ومعبر عن إرادات وتطلعات الشعوب وليس الأنظمة!..
2- أهمية الاهتمام بالتعليم القائم على التفكير والإبداع، وليس على المُحاكاة- وضرورة اختيار العناصر المؤهلة الواعية للعمل الإعلامي والقادرة على العطاء بعيداً عن المحاباة والمجاملات الشخصية أو الحرص في الأداء الإعلامي على الولاء للنظام فقط.. فعند وجود الإبداع والقدرات المحلية- سيؤدي ذلك حتماً إلى تبني سياسة إعلامية تُراعي مقومات وتوجهات الدولة والشعب معاً، وتعبر عن حقائقهما معاً!..
3- عدم تقييد الإعلام أو الحرص على ترسيخه لدى الشعوب ولو بالقوة كما هو الحال اليوم.. رغم ثورة تكنولوجيا المعلومات وشبكة "الإنترنت" وكثرة الفضائيات التي باتت تفضح تقييد الإعلام العربي- الرسمي- وقوانينه وأنظمته، وتولد ردود أفعال عكسية تباعاً لذلك..
- إن ما هو مطلوب للإعلام العربي- الرسمي- اليوم- أكان قومياً أوقطرياً.. ليس فقط تطويره "كماً وكيفاً"- "عرضاً وجوهراً"- "توجهاً وأداءً".. فهو في جوهره ليست له قوة ذاتية يستمد منها فعاليته.. وإنما المطلوب عدم تقييده بجانب أهمية حياديته.. ثم.. تطويره.. أقول تطويره.. وليس تطويعه... وشتان ما بينهما.!!!..
،،،،والله الموفق،،،،
*عنوان ورقة- بمنتدى الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر- يرحمه الله- يوم الأثنين ( 7 فبراير 2011 م) الموافق( 3 ربيع الأول 1432 )


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.