قبل ثلاثة عقود ونيف وفي مثل هذه الايام المصرية بالضبط كانت نار 'الثورة الشعبية الايرانية الحرة والمستقلة' تنقل ايران الدولة والمجتمع والوطن من مدرسة 'الانتظار السلبي' 'الاخبارية' الى مدرسة 'الانتظار الفاعل' الاصولية! يومها قيل فيما قيل عن ايران الاسلامية الخمينية بأنها تحولت من شيعية ايرانية الى سنية عربية! اليوم وبعد ثلاثة عقود ونيف يندلع غضب ' الثورة الشعبية المصرية الحرة والمستقلة' لتنقل مصر الدولة والمجتمع والوطن من مدرسة 'الاصولية الارثوذكسية' 'التاريخية' الى مدرسة 'الاصولية الحركية' الاجتهادية! واليوم يقال فيما يقال عن مصر ناصر والبنا بانها قد تحولت من سنية عربية الى شيعية ايرانية! ومن اجل حل هذه 'المشكلة الفقهية العويصة' التي يرطن بها بعض بؤساء هذه الأمة ممن يسمون انفسهم بالمثقفين كما لعب عليها ولا يزال ' السافاك المصريكاني' والتعبير للشاعر المصري الثائر احمد فؤاد نجم، قررنا الرجوع اليه وهو اليساري العريق لكنه الفقيه في اصول ثورات الشعوب واستحضار ما قاله يومها عن هذا الموضوع لعلنا نفك' لغز الفراخ الامريكاني' هذا ونريح الأمة من شره، فقد قال احمد فؤاد نجم يومها: دا شيعة واحنا سنة دا فين ومصر فين! عايزين يدخلونا نظام ودنك منين ... يا اسيادنا اللصوص قرينا في النصوص لو الانسان يلوص يغوروا الفرقتين وشفنا في الكتاب لقينا الدين حساب وثورة وانتساب وعين تساوي عين .... ودان الملك ليكو وزاد الفجر بيكو وكفرتوا الامام وطفشتوا الحمام خلاصة الكلام .. يزيد ولا الحسين؟! هذا الكلام لشاعر يساري قبل ثلاثة عقود ونيف وفي اوج انتصار ثورة دينية خمينية شيعية ايرانية لهو برهان متين على بصيرة ثائر من بلاد العرب والمسلمين شخص مبكرا اتجاه البوصلة وقدم تقديرا للموقف تقديرا صائبا، ألا وهو بأن المسألة بالاساس سياسية وان الحساب والمحاسبة انما يكونان على اختيار المعسكر الذي ينبغي ان تقف فيه النخب مع الجموع المليونية الثائرة ام مع الفرعون والطاغية المستبد والظالم والتابع للأجنبي ممن يريد اعادة احياء حكم القياصرة او الاكاسرة؟! واما عن اولئك الذين يتهافتون اليوم على ادوار تضليل الراي العام العربي او محاولة حرف انظاره عن حقيقة الثورة المصرية او التسابق على ارضاء 'السافاك الامريكاني' او ما تبقى من الفراخ الامريكاني في المنطقة العربية، والاصرار على وجود اختلاف جوهري او ماهوي بين الثورتين الايرانية والمصرية مرة بذريعة استدعاء 'بعبع' الاسلام ومرة باسم استدعاء ذريعة 'التدين' و.... هنا ايضا نريد الرجوع الى شاعر الأمة المصرية العظيمة اليساري الملتزم والاصيل والملتصق نبضه بنبض جماهير امته، فلنستمع الى ما قاله قبل ثلاثة عقود ونيف ايام انتصار الثورة الاسلامية الايرانية الكبرى: ايران يا مصر، زينا، كان عندهم ما عندنا، الدم هو دمنا والهم من لون همنا، تمسك ودانك من قفاك، تمسك ودانك من هناك، الخالق الناطق هناك، الخالق الناطق هنا، الارض حبلى بالربيع وبالغنى، والجو مشحون بالقصايد والغنا، والشمس فوق الكل تشبه شمسنا، والثورة ملو الارض والناس والبنا، بس العصابة الامريكاني، مربعة فوق الغلابة والديابة مضبعة والصحفجية العرصجية الاربعة لابسين صاجات، وكل حاكم له غنا تمسك ودانك من قفاك تمسك ودانك من هنا الخالق الناطق هناك الناطق الخالق هنا نفس البلاوي ع الغلابة متلتة من فقر شوف وهم خوف نازل بلا والقهر زاد والسيف على رقاب العباد والمخبرين زي الجراد ملو الخلا والفنانين المومسين والفنانات دول شغالين تبع وزير الاعلانات، يحصل جواز يحصل طلاق يحصل ممات، دول مبسوطين ومأبجين طول السنة، تمسك ودانك من قفاك تمسك ودانك من هنا اللي حصل فيهم هناك، لازم حيحصل عندنا! وهنا ينتهي كلام الشاعر المصري البصير والخبير بنبض الأمة، اما نحن الذين نتابع يوميا ملايين المصريين وهو يرسمون ملامح ثورة شعبية جديدة في ساحة التحرير ليس امامنا الا ان نقول له: سبحان الخالق هناك سبحان الخالق هنا .... فماذا كانت مطالب وشعارات الثورة الايرانية الاساسية؟! الم تكن: 'مرك بر شاه' اي الرحيل للشاه؟! الم تكن اسقاط النظام برمته وكل رموزه حتى لو ارادوا استبدال وجوه محروقة باخرى ... ؟! الم تكن الحرية والكرامة والعدالة والاستقلال؟! الم تكن ان يكون القرار في طهران وليس في تل ابيب او واشنطن؟! اليست هي نفسها اليوم ما نسمع صداه في اربع جهات الكرة الارضية من شعب الكنانة: ارحل بقه معناها امشي الراجل شكلو ميفهمشي! والشعب يريد اسقاط النظام، وان كرامته لن تقبل لا 'لجنة حكماء' ولا استبدال عميل بعميل وان القرار يجب ان يكون في ميدان التحرير في القاهرة وليس في واشنطن ولا في تل ابيب؟! وان الشعب مثابر وعلى استقامة وثبات من امره، وانه ماض على طريق تحقيق كل مطالب الثورة مهما عمل المرجفون في المدينة من بلطجية او اشباه مثقفين! واما بعد ذلك فليمت الامريكيون والصهاينة وبطاناتهم في غيظهم الى اي دين او عرق او طائفة او مذهب او نخبة من النخب البائسة او اليائسة انتموا، ذلك ان عيال الله التحموا برجال الله في ميدان التحرير في القاهرة كما في كل ميادين مصر العظيمة والله غالب على امره، وان ما حصل في ايران يحصل الآن في مصر ولو كره السافاك المصريكاني او اغتاظ الفراخ الامريكاني او جن جنون الصهيوني وتحديدا انطلاقا من يوم 11 شباط (فبراير) عيد الثورة الايرانية ايضا، ونحن قوم لا نؤمن بالصدفة التاريخية بل بالسنن الكونية! *نقلا عن القدس العربي