أصدر المعهد العربي للتخطيط عدداً جديداً من سلسلة «الخبراء»، وذلك تحت عنوان «الاقتصاد السياسي لعدم المساواة في الدول العربية». ويتناول العدد أحد أهم أبعاد هذا الموضوع المهم، وذلك بالتركيز على تميز الدول العربية بدرجة متوسطة من عدم المساواة في توزيع الانفاق الاستهلاكي والدخل مقارنة ببقية دول العالم وذلك في العقدين الأخيرين، فيأتي هذا الاصدار كلبنة أخرى في بناء صورة تفصيلية لحالة توزيع الانفاق الاستهلاكي في الدول العربية. ويشمل هذا العدد استعراضاً للاطار النظري المستند الى مفهوم الاقتصاد السياسي الحديث، الذي يمكن من خلاله تبرير الاهتمام بحجم الطبقة الوسطى، وثراء هذه الطبقة ومتوسط انفاقها الى متوسط انفاق المجتمع. وقد خلصت الجوانب التطبيقية لهذا الاصدار وحسب ما توافر من بيانات، الى ملاحظة ان الدول العربية قد تمتعت بدرجة متوسطة من عدم المساواة في تسعينات القرن الماضي، كما أوضحت نتائج التحليل ان مصر قد تمتعت بأدنى درجة لعدم المساواة تليها اليمن، بينما سجلت تونس أعلى درجة لعدم المساواة تليها الجزائر، وفي السياق نفسه يشير العدد الى ان متوسط الانفاق الشهري للفرد لكل دولة عربية يفوق 60 دولارا. وفي ما يتعلق بنصيب الطبقة الوسطى من السكان، أشار العدد الى ان الطبقة الوسطى في الدول العربية قد شكلت في العقد الأول من القرن الحالي نحو 75 في المئة من اجمالي سكان الاقليم حسب الحد الأقصى لمعيشة الطبقة الوسطى الذي يبلغ 270 دولارا للفرد في الشهر، ونحو 79 في المئة من السكان حسب الحد الأقصى لمعيشة الطبقة الوسطى 390 دولارا للفرد في الشهر، وهي نتائج متسقة مع تلك توصل اليها باحثون دوليون لإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2005 وحسب الخط الأعلى لمعيشة الطبقة الوُسطى. وفي السياق نفسه يؤكد الاصدار على انه ليس هناك ما يؤيد الشعور السائد بان الطبقة الوسطى في الدول العربية قد انكمشت مع الزمن، بل تؤكد النتائج المحتسبة بان نسبة الطبقة الوسطى قد ظلت كما هي تقريباً، وان كان هناك من تباين بين دول العينة في ما يتعلق بالاتجاهات وحجم التغير مع الزمن، حيث انخفض نصيب الطبقة الوُسطى بشكل ملحوظ في كل من الأردن واليمن وبشكل هامشي في كل من المغرب وتونس، وارتفع في كل من مصر والجزائر، ويمكن ملاحظة النتائج نفسها عند استخدام الحد الأقصى لمعيشة الطبقة الوُسطى في الدول العربية على انه يساوي 390 دولارا للفرد في الشهر.