[email protected] - عُدت من رحلتي العلاجية إلى الوطن.. وفور العودة قمتُ بجولة على الإعتصامات- المعارضة، والموالية.. فوجدتُ الفارق بين الأمس واليوم جلياً.. حيث انضمام المزيد لساحات التغيير التي تزدادُ كثافةً وثقةً وإيماناً بالتوجهات والأهداف.. وانضمام المزيد للراغبين في امتلاء الجيوب من المال العام.. - وكالعادة في مساء كل يوم.. أظل أ ُتابع القنوات الفضائية المتنوعة- خاصةً قناتيّ "سُهيل، والفضائية اليمنية- الرسمية".. والتي تنطلق بمجملها من الفعل ورد الفعل.. وهو ما كان يدفعني إلى قمة اليأس من ذاتي أحياناً- بسبب غبائي المُفرط لعدم قدرتي على فهم ما يجري على أرض اليمن الحبيب اليوم؟! - لكنني حينما حضرتُ صلاة جمعة الكرامة بساحة التغيير، وشاهدتُ المجزرة البشعة التي راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى.. أحسب أني فهمتُ اللعبة؟! وأيقنتُ أن النظام القائم بات يُحتضر!.. وتوقفتُ ملياً أمام استقالات البعض من الحزب الحاكم ومن بعض المناصب.. ومع أن كل من أعلن استقالته أعاد السبب إلى ما حدث ضد المتظاهرين سلمياً.. خاصة ما حدث يوم جمعة الكرامة!! إلا أن بعضهم- ممن هم معروفون لدى الخاصة والعامة بفسادهم وبعدم ثباتهم على مبادئهم.. فبقدر ما يؤكد هذا الجانب غباء النظام عند الاختيار.. بقدر ما يهدف مثل هؤلاء من وراء إعلان استقالاتهم- إلى عدم مساءلتهم في قادم الأيام، أو للاستفادة من التغييرات القادمة.. أو لأن بعضهم مندسون لأغراض وأهداف قد تظهر لاحقاً؟!!.. - ولذا.. أحذر أحبائي شباب التغيير من سرقة ثورتهم الطاهرة والنقية.. وبوقتٍ مبكر؟! سواءٌ من مثل هؤلاء أو من غيرهم؟!.. - ثم وبعد مشاهدة مجزرة جمعة الكرامة.. على القنوات الفضائية، ومدى ما وصل إليه النظام ورئيسه من حماقة وتهور وإجرام في حق الأبرياء دُعاة التغيير.. ذهبتُ إلى سرير النوم وأنا أتساءل: هل رئيس النظام لا يزال مُصراً على البقاء رُغم ما حدث منه ومن أزلامه؟!! - واستسلمتُ للنوم- بعد جهدٍ جهيد.. فرأيتُ فيما يرى النائم.. أن شباب التغيير نجحوا في مسعاهم فتحقق في اليمن.. ما تحقق قبلاً في تونس فمصر! وأن الأمر أُسند إلى مجلس وطني مؤقت.. تمهيداً لتغييرات وإصلاحات دستورية وسياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية.. تحت اسم:(المجلس الوطني المؤقت للإنقاذ) يمثل اليمن كل اليمن!.. - وتراءَ لي وأنا بنفس الحلم.. أن هذا المجلس عقد مؤتمراً صُحُفياً-بقصر الحكم- (دار الرئاسة- سابقاً) وكنت أحد المدعوين إليه.. لأتفاجاء بعد انتهاء المؤتمر بأحد أعضاء المجلس الوطني- يأتي إليّ ويذكرني بأنه كان أحد الدارسين بما كان يُسمى ب: (معهد الميثاق الوطني).. ثم اصطحبني معه، وقدمني إلى رئيس وأعضاء المجلس الوطني المؤقت.. حيث أعرف بعضهم جيداً والبعض الآخر معروفون لدى الخاصة والعامة.. والكل يشهد لهم جميعاً بالوطنية والكفاءة والنزاهة والإخلاص!.. - واصطحبني- مرة أخرى عند الخروج.. وأثناء السير معاً.. استغرب وهو يوجه حديثه إليّ من عدم تقديم استقالتي من عضوية ما يسمى ب: (المؤتمر الشعبي العام) والذي كان آنذاك لا يزال قائماً ولو شكلاً.. ليتفاجأ وتزداد دهشته.. حينما أكدتُ له- عدم انتمائي الحزبي للمؤتمر ولا لغيره من الأحزاب السياسية اليمنية الأخرى.. لا في الماضي ولا في الحاضر.. بل ولا في المستقبل!!.. وبأني مستقل سياسياً وسأظل كذلك؟!!. - وحينما استفسرتُ منه عن سبب تفاجئه ودهشته.. أجابني بأنه كان يعتقد أن كل من قام بالتدريس بما كان يسمى ب: (معهد الميثاق الوطني- وأنا أحدهم-) لا بُد وأن يكون عضواً فاعلاً- إن لم يكن قيادياً- بما يسمى ب: (المؤتمر الشعبي العام).. فشكرته على إثارة هذا الموضوع- كونه دفعني للتوضيح هنا؟!!. - وحينما وصلنا إلى البوابة الرئيسية بقصر الحكم وهمّ بتوديعي.. لاحظتُ على مصراعيها لوحتين كبيرتين- إحداهما مكتوب عليها وبالخط العريض "أسماء كبار الفاسدين والمُتنفذين- ممن عاشوا في الأرض فساداً- أثناء النظام السابق بما فيهم بعض من قدموا استقالاتهم قبل انتصار ثورة الشباب!.. وهو ما أكد لأمثالي نضج الثورة!! وعدم استهبالها!!.." ، والأخرى "مكتوب فيها مقالة".. منقولة من بعض الصحف اليمنية- المستقلة- والخارجية.. بعنوان: (كَانَ..لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!!) فاستأذنتُ من مرافقي السماح لي بقراءة هذه المقالة قبل انصرافي.. والتي رأيتُ قرأتها أولاً.. لكونها قد تكون مدخلاً لتفسير مضمون اللوحة الأولى؟!.. - فشرعتُ في القراءة.. التي لا زلتُ وأنا الآن في اليقظة- أتذكر مدى تفاعلي في المنام- أثناء الحُلم في قراءة مقالة: كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! وعلى النحو التالي: - كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! من أجل اليمن.. أرضاً وإنساناً.. سهلاً وجبلاً.. حاضرة وبادية..!! فقد كان يدعي زوراً حب اليمن والحرص عليه- لكنه بسبب إثارته للنزاعات بين بعض القبائل والمناطق ضد بعضها البعض، ونشره للظلم والجُور في كل شعبة من شعاب الحياة، وتمكينه للصغار في التحكم بالكبار.. "الكبار بعقولهم ومبادئهم".. فقد كان بذلك يحكم اليمن.. بغباء وقصر نظر لا يُحسدان!.. - كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! من أجل ثبات واستمرار وحدة الوطن اليمني الواحد أصلاً.. فقد كان يدعي حرصه على الوحدة، ويزعم بإنفراده بإعادتها سلمياً- لكنه بسبب استبداله الذين هم خير ببعض الذين هم أدنى بعد حرب عام 1994م، واستباحته للأراضي والمؤسسات العامة والخاصة مع بعض بطانته، واستمراره في تهميش وتقزيم بعض أهم الشخصيات السياسية والعسكرية والمدنية من أبناء المحافظات الجنوبية وغيرها من الممارسات والتجاوزات الهمجية.. فقد كان بذلك يُعمق ويُغذي الانفصال في بعض العقول والنفوس؟!.. - كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! من أجل انتهاء كل الأزمات والحروب والمشاكل التي سادت بين بعض أبناء الوطن اليمني الواحد.. فقد كان يحكم بالأزمات حتى أدمن الأزمات؟!.. - كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! من أجل سيادة النظام والقانون وتحكيمهما في كل الشؤون العامة والخاصة.. فقد كان وهو على رأس النظام يقوم بحل مُعظم القضايا التي ترِد إليه، أو التي يتدخل بها قسراً عبر الحلول القبلية وعبر الإسراف في صرف المال العام.. - كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! من أجل إعادة الاعتبار للوظيفة العامة، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب.. فقد كان يصدر قرارات التعيينات غير النظامية، والترقيات غير السليمة.. عسكرية ومدنية.. ترضية ومحاباة.. وضرب زيد بعمرو.. - كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! من أجل الحفاظ على ما تبقى من المال العام.. فقد كان كريماً في غير ما يملك حيث شراء الذمم والولاءات الشخصية والعامة.. المحلية بل والخارجية.. نقداً وعيناً- فأوجد بذلك فئات ضئيلة راعي خواطرها على حساب المال العام، وعلى حساب السواد الأعظم من الناس!.. وليصبح الشعب اليمني تبعاً لذلك بمثابة عبيد لحفنة آدميين.. - كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! من أجل إعادة الاعتبار للعديد من الشخصيات الوطنية والمؤهلة علمياً وعمَلياً.. فقد كان بسبب ثباتها على مبادئها.. يقوم بتهميشها وتقزيمها.. ولأنه كان خصماً عنيداً لمن يتصف بالنزاهة والتفاني والإخلاص والمبادئ.. - كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! من أجل عودة الإعلام اليمني الرسمي لخدمة الشعب.. فقد كان هذا الإعلام يتحدث "عنه، وله" وليس عن الشعب وللشعب.. ليصبح الإعلام بجانب المال العام بمثابة أسلحة نافذة في يده.. يستخدمها ويطوعها في كل الظروف والأحوال- لهدف الإبقاء في الحكم والسيطرة على الشعب.. - كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! من أجل إعادة المؤسسة العسكرية والأمنية لخدمة الوطن والشعب.. بعد أن حصرها في خدمته وخدمة نظامه وبطانته.. عبر إسناد مهامها إلى حفنة من أسرته ومن أبناء منطقته وقبيلته، ومن تربطهم به صلة نسب وجوار.. - كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! من أجل إعادة الحرية السياسية والتعددية والديمُقراطية الحقه.. فقد ظل يتشدق بالديمُقراطية وبأن الشعب هو مالك السلطة ومصدرها لكنه كان على النقيض من ذلك تماماً.. ديكتاتورياً في جُل أقواله وأفعاله.. - كَانَ..لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!!من أجل انتهاء المناطقية التي كان يُحاربها نظرياً- لكنه كان يطبقها عملياً. - كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! من أجل إعادة الاعتبار للجواز اليمني- خاصةً الجوازات الدبلوماسية والخاصة التي كانت تصرف بتوجيهات شخصية منه.. لبعض مشايخ ووجهاء قبيلته.. ليتمكنوا من الذهاب لبعض دول الجوار لغرض التسول؟!!.. مما يُعرض سمعة ومكان ومكانة كل يمني للازدراء!.. - كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! من أجل إعادة الاعتبار للمغترب اليمني، وللسياسة الخارجية لليمن.. فقد كان مُغامراً، عديم النظر بما يضر، وما ينفع المغترب، وغامضاً ومُراوغاً ومبتزاً في علاقاته الخارجية- مما أوجد لليمن عداء مُستتراً ومُعلناً.. وعزوفاً عن توظيف بعض اليمنيين مهما كانت مؤهلاتهم إلا ما ندر!!.. - كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! من أجل إعادة الاعتبار للمهام الدبلوماسية.. فقد كان السفير والدبلوماسي يُمثل حفنة ضئيلة، ويقوم بخدمتها على حساب اليمن- أرضاً وشعباً.. قيماً وحضارةً.. إلا ما ندر!.. - كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! من أجل إعادة الاعتبار للخطابات والمقابلات والتصريحات السياسية- الرسمية- فقد كان كثير الكلام دون فهم وإدراك ما يرغب بتوصيله إلى الشعب إلا ما ندر.. ولأنه كان يعتقد أن خدمة اليمن تظهر بالأقوال وليس بالأفعال!.. - كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! من أجل انتهاء الإرهاب بكل صوره وأشكاله.. فقد كان يتاجر ويبتز باسم الإرهاب.. ويستغل الإرهابيين في بعض مآربه الخاصة محلياً، وخارجياً.. بل كان هو الصانع الأول للإرهاب.. - كَانَ..لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! لتعود اليمن لكل اليمنيين- بعد اختطافها عنهم لأكثر من ثلاثين عاماً!.. - كَانَ..لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!!لينتهي بانتهائه عهداً اتسم بالكذب والمؤامرات والقمع والتخلف.. ونظاماً اتسم بالجهل والغباء.. وببطانة سيئة، وأنانية بعرضها وجوهرها والتي تتحمل معظم ما حدث لليمن ولشعب اليمن.. - كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! لعجزه عن حل الأزمات كونه كان الصانع الأول لمعظمها.. خاصة الأزمات الأخيرة، والمتسارعه.. كونها كانت تكمن ببطانته السيئة، وبشخصه وذاته وعقله المُغلق..! - كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! لأن الله يُمهل ولا يهمل.. ولأن ما بُنيَ على باطل فهو باطل.. ولأن مآل الظالمين هو الخسران والخزي والهوان في كل زمانٍ ومكان!.. - كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! بسبب ما قمتُ بسرده آنفاً، والذي هو غيضٌ من فيض، وجزءٌ من كل.. ولا بُد من كشف ما لم أقم بسرده هنا وهو الأشد مرارةً وقسوة.. إن عاجلاً أو آجلاً..!!.. - كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! من أجل شعب لن ينتهي.. - ثم.. عند انتهائي من قراءة هذه المقالة.. أردتُ العودة مرةً أُخرى إلى قراءة مضمون اللوحة الأولى.. لكنني استيقظتُ فجأة على وقع قيام حفيدي- أُسامة- الذي لم يتجاوز الثالثة من العمر- وهو يتلاعب بأرجلي ويصيح بصوته الجميل قائلاً: "جِد قُمّ فقد طلع الفجر" ؟!.. فقمتُ وأنا بين اليقظة والنوم أردد: كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!! ,,,,, كَانَ.. لا بُد أَنْ يَنْتَهِي..؟!!