التغيير هدى جعفر : كتبت في الأسبوع الماضي عن بعض المغالطات التي قدمها الاعلام - والاعلام العربي - تحديدا على شكل أفلام أو مسلسلات أو إعلانات تجارية أو حتى أناشيد دينية وهنا اكمل ما بدأته الاربعاء الماضي : في كثير من الأفلام العربية كثيرا ما يظهر البطل المثالي وهو يشرب الخمر كنوع من الهروب بعد أن فقد وظيفته أو حبيبته وهذه الصورة خطيرة في نقطتين الأولى : زعزعة ثقة المشاهد في المبادئ لكونها تهاوت أمام أول عقبة فنحن نرى البطل المثالي الخلوق الذي كان يتغنى بالمبادئ بمناسبة ودون مناسبة على غرار (ما فيش احسن م الاستأامة) ثم وبعد الحادثة نراه غائر العينين غير حليق وبجانبه قنينة الخمر البغيضة والنقطة الخطيرة الاخرى هي سد الأبواب أمام أي حل آخر لايوقع الممثل في وهم المثالية الذي ايضا تفنن الاعلام في صياغته وغالبا ما تكون البطلة طبعا فاتن حمامة وكذلك لا يصدم المشاهد ويجعله مهزوز الثقة في مبادئ بطله المفضل!! والصورة الثانية والتي تظهر غالبا في الإعلانات والأناشيد الدينية هي ظهور الأب يقرأ الجريدة أو يستخدم الكمبيوتر والأم دائما في المطبخ أو تقوم بكي الملابس أو تنشر الغسيل وليس في العمل المنزلي مايعيبها بل على العكس تماما فأنا أؤمن بشمولية وظائف المرأة فالمرأة المثالية هي سيدة جميلة وطباخة ماهرة ووموظفة نشيطة ولكن حصر المرأة في العمل المنزلي فقط بينما أبواب العلم مفتوحة أمام الرجل فيه الكثير من التنميط البغيض والظالم بشكل لايرضي نوال سعداوي نهائيا , ومن الصور سيئة السمعة ايضا امشاهد عديدة يظهر فيها الشباب - شباب وصبايا - (يختالون في روض الشباب وبرده) كما يقول الشاعر محمد كوسا بينما الجد - أو الجدة (المتحجبة طبعا) - المريض الكئيب يصلي أو يقرأ القران والصورة واضحة هنا:العبادة للذي ( رجله و القبر) ينما الماء والخضرة للشاب ذي الوجه الحسن! ومن الصور الإعلامية التي قدمتها لنا قريحة الإعلاميين التي تكذب ولا تتجمل هي صورة المتدين من قبل أحداث سبتمبر بعقود وقبل أن نسمع بالقاعدة أو الواقفة حيث قدم المتدين بصورتين لا ثالث لهما الأولى هو الساذج ,القريب إلى البلاهة , الذي تجحظ عيناه في لحظات التجلي , و يرتدي ملابس رثة ويدور في الحواري حاملا مبخرة وغالبا ما يحذر البطل الوسيم أو البطلة الجميلة من الصديق الفلاني أو الزوجة الفلانية ويصدقه البطل غالبا لأنه رجل (بتاع ربنا) أما الصورة الثانية فهو المتدين الفظ , عدو الحضارة والمدنية, الذي يفتقر لأدنى قواعد اللياقة ,غير المهندم, يتدي ثوبا قصيرا وتمتد لحيته مترين الى الامام ,حاد النظرات وكأنه عضو مافيا وليس متدين وربما مكبوت جنسيا - كما قدمته ايناس الدغيدي في فيلم (ديسكو...ديسكو) وطبعا الواقع لايخلو من هذه النماذج نهائيا ولكن التعميم مرفوض جملة وتفصيلا وأن تظهر هاتان الصورتان دون غيرهما لهو شئ غاية في السوء , إن الإعلام العربي كان و مازال كريما في أخطائه التي تتراوح ما بين الجنحة و الجرائم التي يعاقب عليها قانون المنطق والذوق وسواء رجع الإعلام إلى رشده أم لا فما قدمه من مغالطات لا تعد ولا تحصى ولا تصحح أيضا. [email protected]