يبدو اليمنيون وكأنهم فقدوا الساعة والبوصلة . الثوار الذين خرجوا بثورة عارمة مطلع 2011 ،استيقضوا بعد ثلاث سنوات ليجدوا الخوف يعشعش في الزوايا والظلام يلف الأرجاء والمعاناة وجبة يومية يبتلعها الناس قسرا . هل كانت ثورة التغيير حلما أم حقيقة .؟ هل خرجنا فعلا بالملايين للشوارع ، أم أن الصور التي نراها فوتوشوب ؟.. النظام الذي يحكم الآن سابق أم لاحق ؟. يتأمل الثوار باستغراب في جراح بعضهم التي لم تلتئم بعد ، وتتعاظم حيرتهم وهم يرون الأحزاب والتنظيمات السياسية خارج الزمان والمكان ، كل في واد ، وكل يتحسس طريقه الخاص . النظام " السابق اللاحق " مشغول بمحاربة سراب القاعدة في رمال الصحراء. الإصلاح مشغول برابعة واستعادة الشرعية في مصر. المؤتمر مشغول بالنهدين واستعادة النظام السابق . الإشتراكي مشغول باستعادة ممتلكاته ومقراته . الحراك مشغول باستعادة دولة الجنوب . الناصريون مشغولون باستعادة رفاة عيسى محمد سيف ورفاقه . الحوثيون مشغولون باستعادة فلسطين من البحر إلى النهر . السلفيون مشغولون باستعادة كتاف ودماج . علي محسن مشغول باستعادة الفرقة . الشيخ حميد وإخوانه مشغولون بإستعادة حاشد وإعادة إعمار الخمري. الجميع منشغلون بحوائجهم وكل يسعى لإنجاز حاجته الخاصة أومهمته المستحيلة ، وتركوا اليمن واليمنيين للقضاء والقدر . لا أحد مشغول باستعادة الكهرباء أومشتقات النفط . لا أحد مشغول باستعادة الأمن والإستقرار . ليس هناك من يعمل ليستعيد اليمنيون أملهم في مستقبل أفضل ودولة يمنية حديثة أو حتي مستخدمة ؟ . أحزاب مشغولة .. شعب مقفل .. دولة خارج التغطية . الخارج يتغلغل ويتغول .. وجعجعة الأصدقاء والمانحين بلا طحين . طربوش الأتراك يستعيد موقعه في ثكنات العرضي عند باب اليمن بالعاصمة . وفي عدن ، تستعيد الملكة فيكتوريا مكانها من جديد في حديقة التواهي ، بينما تحكم الشقيقة الكبرى قبضتها ممسكة بزمام " المبادرة " في اليمن . من يعيد العقل والإيمان والحكمة لليمنين .. من أين لهم بمصحة سعة 25 مليون سرير . ما الذي فعله الثوار في 2011 : ثورة تحديث ، أم استعادة ضبط المصنع .؟ّ! [email protected]