عبد الوراث عبد الكريم (الحَمادي) اختفى وانتهى ذكره، الى الابد! (لم يظهر له حتى اهيل او قريب !!!) ولم تُنشر له حتى صورة. كم احترم الناصريين: الناصريون حاولوا ان يقوموا بانقلاب، أُجهض هذا الانقلاب، حوكِموا وحُكِموا بالإعدام، استقبلوا حكم الإعدام عليهم بالتصفيق (رفضوا حتى مناقشته او استئنافه) تقبلوا مصيرهم بكل فخر ورجولة وشرف وصولا بخيارهم الى اوج التحدي الخلاق وانتهوا كأعظم شهداء في تاريخ (البشرية). وكان كل شيء علني وامام العالم كله. هؤلاء الناصريين صورهم اليوم تغطي الحيطان واسمائهم على كل لسان وذكرهم يعطر تاريخ اليمن كله، بل لقد توهجت الثورة اليمنية بأسمائهم وبذكرهم وبالانتصار لهم تثمينا لتضحيتهم النبيلة. شكرا يا ايها الناصريين. كل شيء معروف لكنهم مصرون على اعتبارهم مخفيين قسرا وان جادلهم أي كان ب (كاني ماني) ردوا عليه، بحزم، خلاص: اين جثثهم ولو انكم قد نفذتم فيهم الحكم ودفنتموهم فعلا فأين قبرتموهم. الشكر لكم يا عيال عبد الناصر. وعبد الوارث عبد الكريم اختفى واختفي ذكره والى الابد، لم تظهر له حتى صورة ولم يُعرف له اهل ولا حتى أقارب علما بانه من هو: كان عضو المكتب السياسي والشخصية الأولى في الحزب تقريبا على مستوى الجمهورية العربية اليمنية او ما كان يسمى حينها بالداخل، وأخطر شخصية تنظيمية (وسياسية) في تاريخ اليمن الحزبي كله فضلا عن كونه كان ضابط استخبارات بمستوى نائب لمحمد خميس. يُقال بان خميس لم يكن يخاف أحدا بمثل ما يخاف من عبد الوراث عبد الكريم من ضباط الجهاز او الغشمي من القادة ويُقال بانه، أي خميس، اول ما دخل على الغشمي وقد أصبح الأخير رئيسا وبدأ يحاول ان يتعامل معه كما كان يتعامل مع غيره لطمه الغشمي لما دوّر به. يٌقال، أيضا، او تسرب بأنهم او ما ادخلوا اليه عبد الوارث مكبلا باشره بان كسر قارورة على راسه وهو يصيح: هاااه وأخيرا يا عبد الوارث! اعتقل او اختطف من مستشفى الكويت سنة 1979م، الشائع بانه كان هناك يجري عملية، ثمة من يقول بانه بنى هناك غرفة عملياته السرية على عجل بعد اختطاف الحمدي. ذهبت زوجته لتسأل عنه في الجهاز المركزي للأمن الوطني فأعطوها ثيابه مضرجة بالدم وهم يقولوا لها: (هاه يقول لك صبني الثياب وكما عاد شترجعي) ومن لحظتها وعبد الوارث منتهي ومنتهي ذكره، علما بان الجلاوزة وقت ذهبوا الى بيته لكي يفتشوه داسوا على بنته ولمّا تتجازر الشهرين من عمرها (ففقشوها) وعلما بأنني لا أدري الآن ماذا أقول أكثر من ذلك، لم يبقوا منه شيئا لكي يُقال عنه، اختفى وانتهى ذكره الى ابد الآبدين! عبد الوارث كان دينامو الحزب الديمقراطي الثوري في (الداخل) الى لحظة اختطافه وإخفائه، كان عضو مكتب سياسي، وكان من أخطر ضباط المخابرات (كان في معرض تشكيل جهاز خاص وكانت التسمية المبدئية له: الجهاز الفني للحزب). كان الحمدي بطول فترة حكمه يوسِط، من الوساطة، له (عبدالحفيظ بهران مثلا) ان يقبل بان يقابله (يزوره) او حتى يناقش المسائل التي يتمنى ان تُعرض عليه، على خطورة الحمدي المكانة والموقع والشخص. هذا العبد الوارث: كان وسميا جدا وكان عازف عود جيد. كان يغني! (مواطنه) او ابن قريته او منطقته، لا أدري ولا أدري إذا كانت تربطه به صلة قرابة ام لا، اقصد احمد حسن سعيد: فص ملح وذاب. من جهابذة الحزب الى بداية الثمانينات سكرتير منظمة موسكوا وسكرتير منظمة صنعاء ويجب ان يُعتبر من كبار مفكري الحزب، بل واليمن (هو مقترح اسم الوحدة الشعبية) كان في اجتماع للجنة المركزية في عدن لا اذكر التاريخ بالضبط لكن يمكن في بداية سنة 1982م وقالوا بانه خرج يتمشى بالسيارة وانقلبت به ومات، وحتى هذه اللحظة وهو ميت! يا الله يا عالم يا بشرية من يسعفني حتى بصورة لعبدالوارث او لأحمد حسن سعيد كي احطها مع هذا المقال (البكاء)! قل يومين كتبتُ مقالة عن يحي عبد الرحمن الأرياني ولم أتمكن من العثور حتى على صورة له كي احطها مع المقالة، على مكانة الرجل وخطورة دوره في تاريخ اليمن المُعاصر!!!