اﻹشاعة هي نشر أخبار مشكوك في صحتها تتعلق بكافة نواحي الحياة المختلفة . وﻻبد أن يكون لها موضوع ذو أهمية وغموض لدى اﻷفراد القابلين لتصديقها والمتفاعلين معها حتى تنتشر في المجتمع . فاﻹشاعة عبارة عن معلومة مغلوطة، أو خبر كاذب تنتشر عن طريق شخص، أو إحدى وسائل اﻹعﻼم ﻹحداث البلبلة وعدم اﻻستقرار في المجتمعات التي تعاني شعوبها من ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية سيئة، أو ضعف في وعيها السياسي والثقافي، أو فلتان أمني، وهو نوع من الحرب النفسية، وتعتبر من أخطر اﻵفات التي تهدد المجتمعات وتماسكها، لذلك فهي تهم دول العالم كله بشكل عام ومجتمعنا العربي بشكل خاص نظراً لصعوبة ظروفه المختلفة . إنّ الشائعات التي تنقل عن طريق اﻷفراد والصحف والمجﻼت واﻹذاعة والتلفزيون أوعبر اﻻنترنت ووسائل التواصل اﻹلكترونية قد تكون سليمة تحمل آماﻻً طيبة للمستقبل، وقد تكون مدمرة تحمل الكراهية، مستخدمة في ذك أنسب الظروف لظهورها، والشائعة تمس أحداثاً كالحرب والكوارث وارتفاع اﻷسعار، أو عﻼقات سياسية أو اقتصادية وقد تمس أشخاصاً أو جماعات . وهي ذات سمات وخصائص متعددة، وتتضمن عناصر معينة يتم من خﻼلها ترويجها ونقلها، ﻷسباب وأهداف يسعى إلى تحقيقها فهي ﻻ تشمل فرداً معيناً أو فئة معينة من الناس، بل تعرض لها اﻷنبياء والرسل والدعاة والمصلحون وغيرهم من فئات المجتمع وشرائحه المختلفة . وكما تؤثر اﻹشاعة في المجاﻻت الدنيوية تؤثر - أيضاً - على المصادر الدينية لتشويهها . وهي تمثل خطراً على الجانب السياسي - سواء على مستوى الدولة نفسها، أو على عﻼقات الدول مع بعضها بعضاً - وعلى الجانب اﻻقتصادي الذي يمثل شريان الحياة، وعلى الجانب اﻷمني، فبها يتكدر اﻷمن العام وينتشر القلق عند اﻷفراد ويسود المجتمع جو من اﻻنفﻼت اﻷمني . وﻻ يستقل خطر اﻹشاعة وأثرها على وقت السلم فقط، بل يتعدى ذلك إلى وقت الحروب، فيكون لها دور كبير في تحطيم الروح المعنوية للمقاتلين والنيل منها وإضعافها، اﻷمر الذي يؤدي إلى الهزيمة أو ترك القتال وعدم اﻻستمرار فيه مما يكون له تأثير على الجبهة الداخلية للمجتمع وإدخال الشك في القدرات القتالية مما يكون له أثر في وقف اﻹمداد المادي والمعنوي للمقاتلين . ومن يقرأ تاريخ اﻹشاعات في بﻼدنا فإنه يرى شواهد كثيرة متناثرة هنا وهناك . إذ تسري في بﻼدنا اﻹشاعات كالنار في الهشيم للظروف القلقة التي يعيشها على مدى عقود متواصلة من الخوف والحرمان والفقر . إن اﻹشاعة من الظواهر التي تصدى لها اﻹسﻼم نظراً لخطورتها على الفرد والمجتمع، ولما تثيره من آثار تهدد اﻷمن اﻻجتماعي المتمثل في بث روح الحب واﻷلفة بين أفراد المجتمع الواحد، ولهذا كان لزاماً على الدعاة إلى الله أن يتصدوا لها مبينين خطرها على أمة اﻹسﻼم . فكم من أسر تفككت من جراء هذه اﻹشاعات، وكم من بيوت هُدمت، وكم من أموال ضُيعت، وأطفال شرّدت كل ذلك من أجل إشاعة من منافق أو كذاب . أخرج أبو داود والترمذي وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أﻻ أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصﻼة والصدقة " قالوا : بلى يا رسول الله قال " إصﻼح ذات البين، فإن إفساد ذات البين هي الحالقة " وفي بعض الروايات قال : " هي الحالقة ﻻ أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين ." لذا، يعد موضوع اﻹشاعة من أهم الموضوعات التي اهتم القرآن الكريم بها من خﻼل (108) آية، فكشف دوافع مصدرها وأهدافه، وربط ذلك بطبيعة الصراع الذي يخوضه اﻹسﻼم، كما شخّص القرآن الكريم نقاط الضعف في المجتمع اﻹسﻼمي والتي تنتشر عن طريقها اﻹشاعات، واعتمد القرآن منهجاً وقائياً محكماً من خﻼل بناء الفرد بناء" سليماً بعيداً عن كل المؤثرات الداخلية والخارجية .