الجزء الثاني من المشهد الأول ديمانوس : وأنت قد استعنت بالفرس، فلماذا لم تتحرك روما؟ سيف : لم تعد الظروف هي الظروف، أستقل أبرهة باليمن عن الحبشة . ديمانوس: أنت أخر من يتحدث، وأنت من.. يزيد : كلاكما على حق . ديمانوس : (منفعلاً) سيف على حق، وهو من برك أمام كسرى ذليلاً من أجل أن يأتي بالفرس ليحتلوا اليمن . يزيد : ولهذا فأنت على حق يا ديمانوس. سيف : (هادئاً) قلت كل ماعندك يا ديمانوس. ديمانوس : (ساخراً) لم يتوجك وهرز بالأمس ملكاً على اليمن بل عاملاً وعميلاً لكسرى. سيف : قلت كل ماعندك يا ديمانوس. ديمانوس : .... . سيف : أما وقد صمت يا ديمانوس، فلي أن أرد عليك: بركت أمام كسرى ذليلاً من أجل تحرير بلادي من الأحباش . ديمانوس : (ملوحاً بيده في الهواء..ساخراً) ... يزيد : (ينظر إلى سيف منتظراً ما سيقول). سيف : وبسببك،(تحركت جحافل الأحباش إلى اليمن ودخلته عنوة، فأتت على كل شي فيه بالتثليث حسب أوامر الملك الحبشي((ايلاشيحا))فإذا بقائد جند الأحباش(أرباط السفاح) يقسم الرجال والنساء والأموال أثلاثا، فيقتل ثلث الرجال ويسبي ثلث النساء والذراري، ويسطو على ثلث الأموال والممتلكات، ويدمر ويخرب ثلث اليمن . يزيد : ولهذا فأنت على حق . ديمانوس : (معاتباً) تقول بأنه على حق حتى ولو لم أحرق النصارى، وأقتل التجار، فإن الأحباش وبدعم من روما كانوا سيحتلون اليمن، كان للاثنين نوايا مبيتة فاتخذوا من ما فعلت حجة لغزوا اليمن(أراد ملك بيزنطا (روما) تعويض الانهيار الداخلي بغزو الحبشة لليمن، وأراد (ايلاشيجا) ملك الحبشة تعميم معتقداته الدينية وتنصير اليمن، وتحقيق طموحاته الذاتية في الشهرة والعظمة والمجد على أوسع نطاق، وبذلك تم التوحد بين أهداف (ايلاشيجا)، وبين أهداف روما وطموحات أباطرتها) . سيف : أنت من وحدت أهدافهم دون أن تدري . ديمانوس : (منفعلاً) قلت حتى ولو لم أحرق، وأقتل . سيف : وأنا قلت:أنت أهديتهم المبرر. ديمانوس : في كل الأحوال كانوا سيحتلون . سيف : أعطيتهم المبرر، وتريد الآن أن تعفي نفسك، هناك فرق..حتى ولو ما قلته صحيحاً، ماكانوا ليقتلوا، ويسبوا، ويدمروا، أهديتهم المبرر..مبرر الانتقام . ديمانوس : مبرر لمن ؟ سيف : مبررا لأنفسهم و للدول المجاورة . يزيد : (ضاحكاً) أي دول، وهي لا حول ولا قوة لها، لو كان لها أعانتك على طرد الأحباش . سيف : قد يحتاج القوي ليبرر للضعيف لتحسين صورته أمامه..ربما خوفاً من أن ينضم لقوي آخر..ربما لنية مبيتة، فقد ينقض عليه فيما بعد. ديمانوس : لماذا لا أقول : اتخذوا مما فعلت حجة لكسر قوتي، خافوا من قوتي التي كانت يوماً عن يوم تزيد . سيف : في كل الأحوال، أهديتهم الحجة..ما كان لك أن تتباهى بقوتك، وأنت تعرف بأن الأحباش يتربصون ومن ورائهم روما، ما كان لك أن تحرق وتقتل..كانت حجتان يا ديمانوس . يزيد : تكرر ما قلته سابقاً يا سيف . سيف : ومالا أريد أن أقوله . يزيد : بل تقول . سيف : لن أقول . ديمانوس : تقول أولا تقول، فأنت من أنت، عامل كسرى على اليمن، وأنا كنت الحميري اليمني ملك اليمن . سيف : بل ملك اليمن . ديمانوس : أي ملك، وجيش الفرس يحتل اليمن..أي ملك، وهم من نصبوك، وهم إذا أرادوا أسقطوك حياً أو ميتاً..أنت فقط عاملهم على اليمن إذا أرادوا . سيف : لن أكرر ما قلت، ولن تستفزني لأقول . يزيد : أقول أنا: لا أدري أن كنت مصيباً أو مخطئاً عندما ثرت على أبرهة..أحياناً أقول مصيباً، وأنا إن كنت انتصرت عليه حررت اليمن، وأنا إن هُزمت أيقظت اليمنيين من سباتهم، وزرعت فيهم بذرة الثورة، ومن يولد من تلك البذرة سوف يمضي في طريق الثورة حتى تتحرر اليمن..لم أكن أحلم بالانتصار بقدر ما كنت أحلم ببعث روح المقاومة، روح الثورة في نفوس اليمنيين. ديمانوس : (ساخراً)وأنت يا سيف بعثت روح الاستعانة بالأجنبي سيف : ماقلته أصبح مملاً. ديمانوس : ما فعلته لن يكون مملاً أبد الدهر أيها العميل . سيف : قلت عميل، وتقول الآن.. من أين أتيت بهذه الكلمة التي لم أسمع بها إلا منك، عالم تتناثر فيه دول لا تخضع لأي ميثاق تحتكم إليه، ما يحكمها القوة، ولعالم اليوم قوتان عظيمتان تهيمنان على العالم، ولكل دولة أن تعيش في ظل واحدة منها، فكان لي الاستعانة بالفرس من أجل تحرير بلادي. ديمانوس : (ضاحكاً) تقول تحرير، وهي الآن محتلة . سيف : (ساخراً) دورك الآن..أصبح ما تقوله مكرراً ومملاً. يزيد : كلاكما على حق..ما كان لك يا ديمانوس أن تهديهم الحجة، وما كان لك يا سيف أن تستعين بالأجنبي..كان لك يا سيف أن تحمل الشعلة التي سقطت من يدي يوم أن قتلني أبرهة. ديمانوس : وأنت يا يزيد، أصبح كلامك مملاً. سيف : (مبتسماً) ها أنا وديمانوس نتفق لأول مرة، فقد أصبح كلامك مملاً يا يزيد. يزيد : (منفعلاً) هكذا حالنا، نتفق ضد بعضنا ونختلف أمام العدو، ولهذا هكذا حالنا. ديمانوس : وأوافق على ما قاله سيف، كان لي أن أعيش تحت مظلة الفرس لأحمي نفسي من الأحباش، من يعيشون تحت مظلة الروم. يتبع