عرفت علي البخيتي منتصف عام 2011 في العاصمة المصرية القاهرة في أوج الثورة ضد نظام صالح، كان شابا نتقارب أنا وهو في السن ويحفل فكرا معتدلا خلَّاقا، عرفته بصفته السياسية الحزبية كعضو في الحزب الإشتراكي اليمني الذي دعاني لعضويته بمعية الأستاذ علي الصراري عضو اللجنة المركزية للحزب، ولكنني فضلت أن أظل مستقلا منتميا لأفكاري التي أؤمن بها بعيدا عن أي تقييد حزبي، تكونت على مدى شهور صداقة رائعة بيني وبين الرجل قامت على الإحترام المتبادل. من خلال مقابلات البخيتي الفضائية الكثيرة أصبح يبرز بعدها كأحد المتحدثين بأسم الجماعة الحوثية، وكان في حديثه كثير المناصرة للقضية الجنوبية ليس بإعتبارها قضية حقوقية وحسب بل وسياسية، كنا نختلف أحيانا في هذا الموضوع بإعتباري أرى أنه من حق الجنوبيين تقرير مصيرهم فورا في حين يرى هو ضرورة التريت، كانت رؤيتي للموضوع تنطلق من زاوية جنوبية وهو من زاوية شمالية. مثَّل البخيتي -وهو العضو في المكتب السياسي لأنصار الله الحوثيين- طوال مسيرته السياسية حتى اليوم الوجه الحسن والخلّاق للجماعة الحوثية، ليس لوحده بل ومعه آخريين أمثال الصحفيين عبدالكريم الخيواني ومحمد المقالح. تابعت مؤخرا الحرب الأهلية في صنعاء، ورأيت موقف على البخيتي من انتهاك بعض منازل القيادات الأخوانية ورأيت أيضا حرصه على إعادتها لأصحابها دون مساسها بسوء، وقرأت أيضا على صفحته الفيسبوكية موقفه الرافض لإقتحام قناة سهيل المملوكة للمجرم حميد الأحمر وهو موقف رائع وبنَّاء يهدف لحماية الحقوق والحريات وخاصة الحق في حرية الرأي والتعبير المكفول دوليا والذي عانينا نحن جميعا من مصادته من السلطات المتعاقبة في صنعاء. مثَّل إقصاء البخيتي وإعتكافه في البيت وإغلاق هواتفه وفق رسالته التي تلقيتها على ايميلي جراء أعمال بعض الحوثيين المنتهكة لحقوق الإنسان والتي لم يستطع البخيتي منعها، مثَّل ذلك صدمة كبيرة لي حيث أنه في الحين الذي زاد فيه إحترامي لصديقي، في الحين ذاته أدركت أن الجناح العسكري والإجرامي في جماعة الحوثي هو الذي تمكن من السيطرة على القرار في الجماعة، وظهر لنا أنصار الله كمجرد مليشيا مسلحة تهدف للإنتقام والتصور في غرف النوم، وهو أقرب ما يكون من ممارسات نظام صالح وحلفائه الأخوان المسلمين في عدن أبان اقتحامها عام 94. تلاشت الدولة المدنية التي وعد البخيتي بها ابناء الشمال والجنوب وقال أنها قادمة على أيدي أنصار الله. من ناحية أخرى، تناول خطاب عبدالملك الحوثي يوم الثلاثاء الماضي القضية الجنوبية بإعتبارها قضية حقوقية وحسب، ولم يتطرق الحوثي في خطابه للجانب السياسي الواضح والطاغي في القضية الجنوبية، وهو ما يبرز أن تعامل الجماعة كان مجرد مزايدة وحسب في هذه القضية. حين أتسائل، إن كان هذا هو مصير صديقي البخيتي من جماعته التي نصرها وكان ناطقا بأسم مكونها في مؤتمر الحوار المزعوم فما هو مصيرنا نحن الصحافيين والناشطين الجنوبيين من جماعة كهذه!!!؟ فتأريخ التنكييل والإضطهاد من كافة القوى السياسية الشمالية في حق الجنوبيين حافلٌ، وما الإختفاء القسري للناشط الجنوبي خالد الجنيدي والذي تناوله البيان الصحفي الأخير بشان اليمن لمنظمة هيومن رايتس ووتش الصادر في23 سبتمبر الجاري إلا خير دليل على ذلك، ويبدو أن جماعة أنصار الله الحوثية سايرة على نفس المنوال الذي عهدناه من كافة القوى الشمالية.