لم تأتي اتفاقية السلم والشراكة بحلول ناجعة للوضع القائم في اليمن، فهي ليست سوى اتفاق لإعادة تقسيم السلطة التي فرضتها المبادرة الخليجية، بينما باقي ما ورد فيها تضمنت مخرجات الحوار بشكل أو بأخر. لقد تحاشت جميع القوى الموقعة على هذه الاتفاقية - بقصد - وضع جدول زمني واضح يحدد انتقال البلد من حالة التقاسم إلى محطة تأسيس الدولة وإجراء الانتخابات، وهي الحالة الطبيعية التي ينبغي على اليمن أن ينتقل إليها، والتي ستفرض على جميع القوى أن تحتكم فيها لشرعية المؤسسات التي تستمد شرعيتها من الشعب، ذلك أن هذه القوى قد رأت أن هذا الانتقال سيؤدي إلى انكشاف الثقل الشعبي الحقيقي لها، وبالتالي ستُحرم من الحصص التي لا تستحقها والتي منحتها إياها اتفاقات التقاسم (المبادرة الخليجية ومن بعدها اتفاقية السلم والشراكة). إن وضع جدول زمني واضح لانتهاء الفترة الانتقالية يحتل - في اعتقادي - أهمية كبيرة، وهو الأمر الذي سعت القوى السياسية المشاركة في الحوار الوطني إلى عدم تحديده، برغم أن وثيقة ضمانات التنفيذ قد حددت تحت عنوان "المهام التنفيذية اللازمة للتهيئة للاستفتاء والانتخابات" محطتين: المحطة الأولى: الاستفتاء على الدستور. المحطة الثانية: تأسيس الدولة واجراء الانتخابات. ونصت أن مهام المرحلتين "يتم تنفيذها وفق جدول زمني محدد خلال مدة أقصاها سنة من تاريخ انتهاء مؤتمر الحوار"، وها هي السنة قد أوشكت على الإنتهاء ولم ينفذ شيء من ذلك. لقد سعت القوى السياسية المشاركة في الحوار إلى عدم تحديد المدة المتبقية لرئيس الفترة الانتقالية، حيث نصت في وثيقة الضمانات على "....وبناءً على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية فإن ولاية الرئيس تنتهي بتنصيب الرئيس المنتخب وفقاً للدستور الجديد"، وهذه عبارة مطاطة تفتح الباب على مصراعيه للفترة الانتقالية وللقوى السياسية المأزومة لتطيل هذه الفترة كما تشاء. وعليه أعتقد أن الحل للخروج من الحالة الراهنة التي تعيشها البلد يبدأ من هنا، وذلك بتوقيع جميع القوى السياسية على ملحق جديد يتم ضمه إلى اتفاقية السلم والشراكة يتضمن ما يأتي: 1. تحديد موعد زمني دقيق (لا يتجاوز الشهر) للجنة الانتخابات لإنجاز السجل الانتخابي. 2. تحديد موعد زمني دقيق للجنة الانتخابات (لا يتجاوز الشهرين) لإنزال الدستور الجديد للاستفتاء. 3. تحديد موعد زمني دقيق لإجراء الانتخابات الرئاسية (لا يتجاوز الشهر من تاريخ الاستفتاء على الدستور). 4. تحديد موعد زمني دقيق لإجراء الانتخابات لمجلس الشورى والمجلس الاتحادي (الجمعية الوطنية)، تكون الأولوية لهما قانون السلطة القضائية وتشكيل المحكمة الدستورية وقانون الانتخابات الجديد، وقانون السلطتين الاتحادية وسلطة الأقاليم (لا يتجاوز إنجازها شهرين). 5. تشكيل حكومة وفقاً لنتائج الانتخابات التشريعية تكون الأولوية الأولى لها إجراء الانتخابات المحلية في إطار كل إقليم واستكمال تشكيل الأطر المؤسسية الدستورية لسلطات الأقاليم (والتي ينبغي إنجازها خلال 3 أشهر من تشكيل الحكومة). بهذا تصبح المدة المطلوبة لاستكمال الفترة الانتقالية سنة ونصف، حيث قد مضت 9 أشهر من تاريخ انتهاء مؤتمر الحوار (21/1/2014)، ويبقى 9 أشهر لإنجاز ما تبقى. هذه المدة يمكن أن يتحملها المواطن اليمني، أما ترك الأمور للقوى السياسية المشحونة بأحقادها ضد بعضها فلن يقود البلد إلا إلى التمزق والضياع، خاصة في ضوء تأكل شرعية الرئيس الانتقالي، وانهيار المؤسسات، والحالة المعنوية لمؤسستي الجيش والأمن، والإحباط القاتل الذي تولد لدى المواطنين اليمنيين الذين لا يجدون بارق من أمل لخروج البلد من حالة الاحتقان التي تعيشها، والوضع المهدد بالانفجار في أي وقت. – جامعة صنعاء