الفاسدون والفاشلون هم صناع الأزمات , وهم أعداء النجاح , وهم سبب كل المشاكل والصراعات والتداعيات الاجتماعية المختلفة . في بلادنا الكثير من الفاسدين , والكثير من الفاشلين , ونجد أن كل أزماتنا الدامية والنازفة والقاسية وكل هذه الفوضى التي تعصف بناء وتدمر كل أواصر الترابط الجمعي , كانت ولا زالت صناعة الفاسدين والفاشلين أعداء النجاح واعداء الحياة واعداء السكينة والاستقرار . نعم هناء في بلادنا أن تم عزل " مسئول " يتحول من اليوم التالي إلى " قاطع طريق" ومخرب هو و "قبيلته" والمقربين منه ويرى في هذا السلوك حد الإيمان اليقيني إنه صاحب " حق" وأن ما يقوم به من اعمال مخلة بالسكينة والاستقرار إنما هو فعل " شرعي " يندرج في سياق " حق الدفاع عن النفس" ؟ مع أن هذا " المسئول" أو ذاك يعزل بعد سنوات من الفساد والفشل .! في بلادنا وحدها نجد المسئول أي مسئول بعد أن يتم عزله من المنصب الذي كان يشغله يتحول إلى إنسان أخر فتجده مسكون بحالة " انفصامية " مثيرة ولا فتة , إذ نجده يغالي حد التطرف بحديثه عن " الشرف والنزاهة والوطن والوطنية والنجاح " مع إنه معجون من الفساد ونجد الفساد في انفاسه , لكنه لم يتردد في إلقاء اللؤم على من يحل محله في المنصب والذي يتحول إلى " شيطان رجيم" ومن يفعل هذا ربما يجهل أن الناس تعرف جيدا كل تاريخه وافعاله وممارساته حين كان مسئولا ..؟ أعرف أن الفاسد لا يمكن أن يصرح بفساده , والفاشل لا يمكن أن يعترف بفشله , لكني بالمقابل أدرك جيدا أن الشواهد الميدانية والذاكرة الجمعية هما أهم أدوات إثبات حقيقة هؤلاء بدون إجحاف أو مغالة وتطرف .. إذ أن الفاسد فاسد مهما كانت قدرته على تلميع ذاته أو تجنيد الانصار والمقربين للدفاع عنه ولوا انفق لأجل ذلك كل كنوز الأرض والفاشل فاشل مهما حاول تسخير قدراته وامكانياته وحشد اتباعه للدفاع عنه , فأن كل هذه المحاولات لا جدوى منها لأن الذاكرة الجمعية الوطنية والشواهد الميدانية تدلان دلالة قطعية على حقيقة هؤلاء مهما كان نفوذهم وحضورهم الاجتماعي ..! أذا وراء كل أزمة نعيشها هناك " كارتل من الفاسدين " , وخلف كل مشكلة نواجهها هناك " مافيا من الفاشلين" , في هذا السياق وحين يلتقي " كارتل الفاسدين " مع " مافيا الفاشلين " فأن من الطبيعي أن تكون المحصلة سلسلة من الأزمات التي لا تنتهي يكتوى بها الوطن والشعب معا , فأن تجاوزت أفعال " كارتل الفساد ومافيا الفشل" المعيار الطبيعي لها في مفاصل الدولة والمجتمع , هناء يبرز قانون " المصلحة الذاتية" وتغيب كل القيم والاخلاقيات في رد فعل من قبل أفراد المجتمع على سلوكيات وتصرفات هذه العصابات القاتلة وهما كارتل الفساد ومافيا الفشل , ومن أولى مظاهر رد الفعل العام هو سقوط كل قيم الانتماء الوطني التي تسقط من ذاكرة الناس ولم يعد بالتالي هناك ولاء لوطن أو لدولة أو لنظام ولا احترام لقانون , بل يصبح الكل يبحث عن ذاته ويقدس قانون المنفعة الخاصة لتصبح " الخيانة " وجهة نظر ؟ و " العمالة" شطارة وممارسة الفساد حنكة ومهارة , ومن ثم يتم تغطية الفشل والفساد بسلسلة من المبررات الحزبية والطائفية والمذهبية والمناطقية ..! هذه الثقافة تعد ابرز حصيلة الفاسدين والفاشلين واهم منجزاتهم الذين فرضوا ولسنوات ثقافتهم "الخاصة" وأجبروا كل أفراد المجتمع على الأخذ بها واعتمادها كثقافة " وطنية" راسخة وجعلوا منها فلسفة وعنوان للمرحلة وعلى خلفية كل هذا وصلن اليوم إلا ما نحن عليه من حالة انهيار عام وخاص , انهيار ضرب مؤسسات الدولة كما ضرب النسيج الاجتماعي , وقبل هذا وذاك ضربت ثقافة الولاء والانتماء وبالتالي لم يعد هناء ثمة جامع يجمع أبناء المجتمع سوى الروابط العصبية قبلية كانت او طائفية او مذهبية حتى الأحزاب هناء لحظة الحسم تتمزق ويذهب اعضاء كل إلى حيث الولاء والعصمة والمرجعية ..؟!! هذه الثقافة رسخت ولسنوات مفاهيم غير طبيعية في اذهان العامة , مفاهيم سادت وعمت مختلف أوجه الحياة والتي رسخت رؤى ومفاهيم تقول أن بناء " المدرسة " انجازا حضاريا وتاريخيا ,لكنها لم تهتم أو تفكر مطلقا بمن سيستخدم المدرسة ؟ وكيف ؟ أو بمن سيديرها وكيف يديرها ايضا ..؟! ثقافة الفشل والفساد , وهي الثقافة التي ترى الانجازات في المباني والمنشاءات العمرانية والطرق والتوسعات العمرانية , لكنها بالمقابل همشت وتجاهلت قصدا " الإنسان" الذي يستخدم كل هذه المنشاءات , لقد تجاهل هؤلاء الجهلة أصلا حقيقة أن الفلاسفة والعلماء الذين غيروا حياة البشرية بابتكاراتهم وابداعاتهم واكتشافاتهم العلمية كانوا بشرا ..! الذين غيروا مسار الكون وتضاريسه وحياة البشرية وعرفوا اسرار الحياة وقوانينها هؤلاء العلماء والمفكرين والفلاسفة لم يعيشوا في الغالب بقصور ولا في مباني فارهة ومزخرفة , او أيا كانت , بل بعظهم عاش في أكواخ والبعض الأخر ابتكر اخطر الاكتشافات العلمية في " الحانات" وعلى الأرصفة والمقاهي أو في مساكن خشبية متواضعة ..؟!! بل في هذا الجانب يكفي ان نستشهد برسولنا الكريم وصحابته والخلفاء الراشدين من بعده وكيف عاشوا وكانوا ونشروا دين الله , وليس هناء من هو أعظم ولا اشرف ولا أطهر من رسولنا الكريم الذي عاش حياة بسيطة ونام على " الحصير " صلى الله عليه وسلم وكان مسجده الذي فيه نزل الوحي وفيه تعلم العالم حقائق الدين والحياة ومنه انطلقت مشاعل النور والتنوير إلى افاق الكون , ومنه اسرى برسولنا الكريم الى المسجد الاقصى ومنه الى سدرة المنتهى , كل هذا حدث في جامع متواضع مبنى من جذوع النخيل ومسقوف بسعفها وقليلا من الطين والتراب ..! إذا المباني ليست عنوان للتفاخر ولا تعتبر منجزات حضارية وكل المنشأت لن تكون محل تفاخر أن لم يكون هناك إنسان وهذا الإنسان الموجود في بلادنا يعيش اليوم مزعزع العقيدة سقيم الوجدان والسبب ثقافة " كارتل الفاسدين ومافيا الفاشلين " الذين يعبثون اليوم بأقدس مخلوقات الله وهو الإنسان ..؟ نعم الم يفضل الله الإنسان على الملائكة ؟ ألم يكرم الله الإنسان وانزله منزلة عظيمة وكريمة .؟ إذا لماذا يهان هذا الإنسان اليوم ؟ ولماذا يذل ؟ ولمصلحة من ..؟ أليس كل هذا الذي يجري لنا اليوم سببه ترويكا الفساد والفشل ..؟!! [email protected]