لم يعد هذا العالم يتسع لك ، فقد أضحى قرية بائسة صغيرة ، يتسلط عليها الشيخ (أمريكي) ومرافقوه وبلاطجة عولمته ، بتواطىء من شيخ الغفر (ناتو) ، وعاقل القرية (أوروبي) ، وبتمويل من عامل محطة النفط (عربي).. باتت القرية (العالمية) تتحدث لغة واحدة ، لغة الشيخ الكاوبوي النووي، وبلكنة رعاة البقر ، إن قام الشيخ قامت وإن قعد قعدت.. كيف لا ، وهو صاحب بورصة الحقول ومالك منظمات العجول؟ كيف لا ، وهو يمتلك عمارة الأممالمتحدة ، وديوان مجلس الأمن ، وقاعة (أمريكو) للمناسبات والعدل الدولي ، وسوبر ماركت الطاقة الذرية ، وصالون حلاقة حقوق الإنسان ، وصيدلية بيع السرطان ، بإلاضافة إلى سلسلة المحلات الشهيرة (إرهابكو)..؟ العالم قرية صغيرة ، لكنها لا تشبه قريتك.. صوت نقاء الديك ، ووجه الصبح المبتل قبل الصلاة بالحب وقطرات عدل الندى ، وهذه الأدخنة البيضاء المتصاعدة من أرجائها ، ليست دعوة دافئة ، لحضور روائح خبز الأمهات الشهي، وهؤلاء الصبية النائمون في الحقول ، ليسوا نائمين.. إنهم موتى ، وقد فر الصبح والديك والعدل ، والسلام لم يعد هنا ، وتلك الأمهات على أطراف القرية ، في حي العالم الثالث ، يبللن عجين محروق الخبز بدمعهن ، بينما يشكو عجوز المساء إلى خالق القرية ، همجية راعي بقر ، عنيف ومدلل ، أفسد من بيته الأبيض ، وبقلبه الأسود ، جمال وجود الذرة وآدمية القرية وذاكرة القمر..! مهما حدث لك ، لا يمكنك أن تصرخ (الموت لأمريكا) ، وإلا تحولت إلى محور شر ، فالعالم قرية أمريكية صغيرة ، يأكل بعض سكانها البرجر بصمت رجل سمين يحب الفشار و(روبرت دي نيرو) ويخشى الشجار، بينما لا يأكل بقية سكانها شيئاً ، وعليهم إظهار إعجابهم برجل سمين يأكل البرجر ويحب روبرت ، ويخشى الشجار.. عليك أن تكون متحضراً بما يكفي لتحب قبح أمريكا ، مالم فأنت متخلف بما يكفي لتحترم جمال نفسك ! [email protected]