لقد جعلتُم من مناسبة رأس السنة عيداً عالمياً مكتمل الشروط والوظائف التي رسمتُموها للأمم والشعوب، ويبدو أن شعوركم بالنجاح قد أفقدكم إدراك مواقع الخطأ في أصل المناسبة قبل خطئكم في توظيفها. وأصل المناسبة عقيدةٌ دينيةٌ نصيّة، وقد وقعتُم في سوء فهمها منذ حياة السيد المسيح، وتناول القرآن الكريم نماذج الخطأ وسوء الفهم ونتائج المواقف. ونحن نرى أن تعظيم وتكريم السيد المسيح أمرٌ عقديٌّ أكثر من كونه مجاملاتٍ وبروتوكولاتٍ، ولكننا لا نرى في هذه المناسبة الطافية على سطح الحياة الإنسانية أَيَّ معنىً ولا مبنىً لعقيدة المسيح، وإنما هي عقائد أضداد المسيح، وهي العقائدُ التي رضيَ الشيطانُ عنها، فأجازها ومنحها أسباب الاستمرار ، حتى صارتْ مظهراً ٱجتماعياً يمارسه العالم كإحدى قواعد العلاقات الاجتماعية الحرة. وإننا وإياكم ننتظر يوماً قريباً أَوْعَدَنا به خالقُ الكون وميسّره ، سترفع فيه راية السنة الميلادية على مقتضى مراد الله ومراد رسله، فهل لكم في هذه المشاركة المشروعة ؟ بعيداً عن تَحَمُّلِكُم مسؤوليةَ إفسادِ عقائدكم وعقائد الشعوب المستغفلة؟ حيث إنكم لا تملكون ذرة من الحق فيما أنتم فيه وعليه ؛ لفساد المنطلق، وسوء العقيدة، وخدمةِ من لا يستحق الخدمة ، قال تعالى: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا (23) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24)) [الفرقان 23-24]. يا رعاة العالم الإنساني: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» .. فأدركوا عظمةَ المطلب، واستعيضوا عن الفسق المركب بأشرف مكسب، تغنمون الرضىٰ والعطا في الحياة الدنيا وفي يوم المنقلب ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.