يطلق على حكومة بحاح بحكومة الكفاءات وغالبا ما تسند لمثل هذه الحكومات مهام مرتبطة بقضايا اقتصادية وإدارية واجتماعية صرفة , ومناخ عملها هي الأجواء المستقرة , وهذا ما هو مطلوب لليمن في هذه المرحلة . لابد من فتح الطريق لتشتغل حكومة الكفاءات وتترجم -ولو الحد اليسير - من برنامجها الطموح والكبير , ويكفي أنها أطلقت على عام 2015م بعام الارتقاء بالتعليم , وهو المدخل الحقيقي للنهوض بالواقع الاجتماعي إلى مستوى أفضل , لكن كيف يتم ذلك وقد برزت أمام الحكومة تحديات خطيرة ومخيفة , أرعبت العامة , وجعلتهم يتسألون :كيف يمكن لحكومة الكفاءات التي يفترض أنها من وسط مدني يؤمن بالعلم والخبرة والمهارة المكتسبة في تنفيذ برنامجها. وبعيدا عن التشاؤم والإحباط .فإن برنامج الحكومة طموح وملامس لهموم وقضايا كثيرة , رغم أن البرنامج حمل فوق عاتقه وعود كثيرة وكبيرة تناولتها برامج الحكومات السابقة , لم تتمكن من تحقيق الكثير منها , فما بالك في هذه الحكومة التي لم تكن مضطرة لتلك المبالغة , ولم تكن مجبرة من حشر كل ذلك , لأن الجميع يدرك أنها جاءت في ظرف استثنائي معقد , وموارد الموازنة تعرضت للتدمير , بالإضافة أنها ستعمل في وضع مشحون بالتوتر وكل ذلك مكلف للغاية , ومع ذلك لابد أن تعمل , بكل ما أوتي لها من فرص البقاء وإمكانية تغير الواقع المرتبك والمتشنج , حتى آخر المرحلة الانتقالية , فليس هناك مستحيل , طالما غالبية الناس مع الحياة , وفي تشوق لسلطة النظام والقانون. وعندما المس القلق من المواطن العادي , والتحذيرات التي يطلقها المهتمون بالشأن السياسي والاقتصادي من خطورة الوضع أقول في نفسي : الصعوبات كبيرة والمستقبل مجهول , وعندما أحاول أن أبدد الخوف وأشيع جو التفاؤل , أرجع وأقول : يا جماعة اطمئنوا الشعب اليمني حكيم , فنحن نعيش فعلا على أعصابنا منذ 2011م ومع ذلك هناك مؤشرات للاطمئنان عن إمكانيات وجود مخارج كثيرة من هذا الوضع المتردي . صحيح أن الصعوبات كبيرة ومتشعبة , , لكن في هذا الظرف يمكن التركيز على أبرزها والتي تمثل تحدياً حقيقياً , وتستدعي التصدي لها ومعالجتها بصورة جادة قبل استفحالها وفقدان السيطرة على مواجهتها ومنها : الصعوبة الأولى: وتتمثل في حالة الفوضى والتوتر الأمني, وهذه القضية تفوق قدرة حكومة الكفاءات على مواجهتها لأسباب يطول شرحها - وبالتالي فإن معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية ستكون معدومة الأثر في هكذا بيئة , وإذا ما استمر التحدي الأمني على ما هو عليه , فإن هذا التأثير السلبي سيجعل اليمن بيئة طاردة لأي نشاط اقتصادي, بل بدأنا نلمس ذلك في تراجع الاستثمارات وانصرافها إلى أماكن أكثر أمناً واستقراراً , ناهيك عن امتناع الدول والمنظمات المانحة من تقديم الدعم الذي نحتاج إليه في الوقت الراهن تحت مبرر عدم وجود الاستقرار , كل ذلك سيسهم أكثر في ارتفاع معدلات البطالة, وما ينتج عنها من مشاكل اجتماعية وأمنية, وفي ظل غياب الدولة, فإنه من الصعب أن نحاسب ونراقب أداء حكومة الكفاءات, وسيكون الاستنزاف باهظ الثمن على حساب النمو الاقتصادي والاجتماعي . الصعوبة الثانية : الأداء السياسي السلبي وما يرافق ذلك من مكايدات ومماحكات سياسية تخرج عن نطاق السيطرة في كثير من الأحيان إلى مستوى العنف الذي يعصف بكل اتفاقية السلم والشراكة , وكل المخرجات التي اتفق عليها في السابق. أما الصعوبة الثالثة : فتتمثل في الإرث الإداري الخامل , الذي أوجد بؤر الفساد والإفساد , حتى أصبح من يطلق على ذلك (بثقافة الفساد). وعلى الرغم من كل هذه الصعوبات , فإننا لم نصل بعد إلى مرحلة افتقاد كل الفرص , فلا مستحيل أمام الإصرار والعمل الجماعي والمنظم , من خلال إزالة الأسباب التي كانت سبباً في كل هذه التعقيدات والتي ذكرناها سابقاً . فإذا كنا نشكو من غياب الدولة , فالدولة ليست قطعة ثلج أذابتها حرارة الشمس , أليس نحن أو بعضنا تسبب في ذلك, إذاً نتفق جميعا كيف نعيد ونعزز من أركان الدولة ,بالتخلي عن كل مظاهر التوتر , والعمل مع الحكومة وليس ما يقوض دورها ومهامها , وإذا كانت الإدارة السيئة هي الثقب الأسود الذي يلتهم إمكانية البلاد , فلنصحح الوضع بصدق ومسؤولية , تحت مظلة الدولة المدنية الحديثة دولة النظام والقانون أولاً وأخيراً . "الثورة"