يا من تتصارعون على السلطة وتتحدثون عن الشعب والوطن , وترتكبون كل الحماقات , وتخوضون الحروب ,نقول لكم كفو عن كل ذلك , وانظروا إلى المخاطر التي تداهم هذا الشعب , وهي كثيرة , وعميقة ومخيفة , لا ينفع خطاباتكم ولا تحليلاتكم السياسية , لأنكم بالأساس لم تدركوا ولم تتحرك ضمائركم استشعارا بخطورتها ولم تحشدوا لها من الجهود والإمكانيات لمواجهتها . وكل ما يقال لا يفيد ولا يعالج قضايا الشعب الخطيرة الاستراتيجية , ويصعب حصرها في موضوع واحد , ويكفي أن نشير إلى أربعة تحديات تواجهها اليمن , أبرزها , ندرة المياه , وهي حقيقة يدركها المواطن العادي , وبعيدة تماما عن أذهانكم , وثانيا النمو السكاني , في ظل ضعف الخدمات والموارد , والثالث تدني مستوى التعليم , والرابع والخطير هو انتشار زراعة القات , وتوسع تعاطيه بين أوساط الشباب , وحتى شريحة الأطفال . هذه أربعة تحديات ملموسة وسريعة الاشتعال تتقاذف حياة الإنسان اليمني وتتحكم بمسار مستقبله الذي يبدو انه صادما ومزعجا للغاية . هذه التحديات أشبعت بالدراسات والبحوث , وتعالت بشأنها التحذيرات , وهي حتى اللحظة حبيسة الأدراج . في هذا البلد نجد الطريق ممهدة لأعمال الشر , الجالبة للدمار والخراب , والفقر الذي أصبح يستأسد على المشهد العام , في حين العالم ينبه , ويتساءل عن دور الساسة والسياسيين وأصحاب القرار في تطويق هذه المشاكل , , ولكن كما يقال في المثل الشعبي ( أذن من طين وأذن من عجين ) , وربما لم يقرأوا أو يسمعوا تصريحات وتحذيرات المنظمات الدولية , فالفقر اكتسح المدن والقرى , وصار نحو 16 مليون شخص في اليمن بحاجة للمساعدة، أي ما يعادل ثلث من هم بحاجة للدعم الإنساني في عموم الشرق الأوسط , حسب تقرير أوردته منظمة أوكسفام الخيرية البريطانية قبل عدة أيام ,وأكدت المنظمة أن عشرة ملايين يمني يعانون من النقص في الغذاء والمياه الصالحة للشرب، بينهم 850 ألف طفل, البلاد وفق التقرير باتجاه الانهيار إذا لم تتخذ إجراءات حقيقية لمواجهة هذه المشاكل. هذه تحديات بالغة الخطورة فهي منابع أزماتنا ومشاكلنا المستعصية , وبسببها تربع وعشعش الفساد , واضمحل دور الدولة , وتشعبت المشاكل , وفوق هذا وذاك فإن مؤشرات تثبيت الأمن والاستقرار لا يزال بعيد المنال , فمظاهر الإزعاج السياسي تأخذ منحا خطيرا , انعكست تداعياتها على الشارع الذي بدأ ينقسم بين التأييد والمعارضة لهذا الطرف أو ذاك , أما الجزء الأكبر من الشعب فواقف في ساحة الحياد يدعو الله أن يلهم المختلفين الهداية , فالشعب هو اليوم حائر , ولا يدري إلى أين ستؤول الأمور؟؟ , فكل ساعة أصبح فيها مستجد جديد , ولا ندري كيف سيكون الغد , خاصة وان التأجيج هو سيد الموقف ؟؟؟. في مثل هذه الظروف يصبح من الواجب الاستمرار في التنبيه والتطرق للمواضيع المتعلقة بهموم ومعاناة المواطن البسيط , مع انطباعنا المسبق أن من هم في مواقع القرار والقوة والنفوذ لا يهمهم معالجة مثل هذه المشاكل , و ربما مستفيدين منها في صنع الأزمات , من واجبنا عدم الاستسلام الكامل للإحباط , وهنا نخاطب عامة الناس من الآباء والمدرسين , وأطباء , وأدباء , ومنظمات مجتمع مدني ,وكل فرد باستطاعته أن يقدم شيئا إيجابيا من خلال موقعه وبحسب إمكانياته مهما كان متواضعا , فهو بالأخير محصلة جهود جماعية سوف تؤتي ثمارها مستقبلا. فالشعوب الحية صنعت حضاراتها وتقدمها بجهود أبنائها وبالعلم والمثابرة والتنافس على الأفضل , ونهضت من تحت ركام الدمار التي سببتها الحروب , فلتكن تربيتنا لأولادنا قائمة على تشجيع الإبداع ,والعمل , واحترام حقوق الآخرين ,والإيمان بالعدالة والتآخي والمساواة والمشاركة في بناء هذا الوطن . "الثورة"