دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    تضامن حضرموت يحلق بجاره الشعب إلى نهائي البطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت بفوزه على سيئون    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    مجلس وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل يناقش عدداً من القضايا المدرجة في جدول أعماله    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    صواريخ الحوثي تُبحِر نحو المجهول: ماذا تخفي طموحات زعيم الحوثيين؟...صحفي يجيب    المنخفض الجوي في اليمن يلحق الضرر ب5 آلاف أسرة نازحة جراء المنخفض الجوي باليمن    انهيار حوثي جديد: 5 من كبار الضباط يسقطون في ميدان المعركة    نائب رئيس نادي الطليعة يوضح الملصق الدعائي بباص النادي تم باتفاق مع الادارة    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    كان طفلا يرعى الغنم فانفجر به لغم حوثي.. شاهد البطل الذي رفع العلم وصور الرئيس العليمي بيديه المبتورتين يروي قصته    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    توضيح من أمن عدن بشأن مطاردة ناشط موالٍ للانتقالي    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    الخميني والتصوف    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    بن الوزير يدعم تولي أحد قادة التمرد الإخواني في منصب أمني كبير    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    مخاوف الحوثيين من حرب دولية تدفعهم للقبول باتفاق هدنة مع الحكومة وواشنطن تريد هزيمتهم عسكرياً    الحوثيون يعلنون استعدادهم لدعم إيران في حرب إقليمية: تصعيد التوتر في المنطقة بعد هجمات على السفن    مبلغ مالي كبير وحجة إلى بيت الله الحرام وسلاح شخصي.. ثاني تكريم للشاب البطل الذي أذهل الجميع باستقبال الرئيس العليمي في مارب    غارسيا يتحدث عن مستقبله    مكتب التربية بالمهرة يعلن تعليق الدراسة غدا الخميس بسبب الحالة الجوية    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسيون واكاديميون: يجب إعادة النظر بآليات ووسائل منظومة العمل العربي

يرى العديد من الفعاليات السياسية والاجتماعية اليمنية أن الوطن العربي يمر بأخطر مراحله في الوقت الحاضر، وأن هناك جملة من الأسباب التي أدت إلى ذلك بعضها داخلية وأخرى خارجية، ويشيرون إلى أن المعارك التي تشهدها معظم الدول العربية تعتبر نتاجاً طبيعياً للإخفاق السياسي لمنظومة العمل العربي التي تعطلت بشكل كامل.
يقول د . سامي عطا، أستاذ الفلسفة والمنطق بجامعة عدن، إن الأحداث متسارعة ومشروع الفوضى الخلاقة نتاج الممارسة السياسية الخاطئة للعرب، هذه الذهنية أقل ما يمكن أن توصف به أنها ذهنية سياسية فاقدة للمسؤولية، ويغيب عنها التفكير في المستقبل، فالعالم العربي وسياسيوه لم يعروا المستقبل أهمية، فالسياسي العربي يعيش اللحظة الراهنة ولا يعر للمستقبل أهمية، ولذا فإن الإرهاب صنع يديه يحقق به ملذات حاضره وبقائه، والحل أن يخرج السياسي العربي من عباءة الحاضر صوب التفكير بالمستقبل، لأننا في حاجة إلى تغيير ذهنية التفكير .
ويرى عطا أن ذهنية الإطفائي التي يعمل بها السياسيون العرب لا تجدي نفعاً، حيث سيجدون بعد زمن أن مياههم لا تكفي مع اتساع الحرائق وزيادة رقعتها وأن التعويل على الأموال وضخها ليست إلاّ نوعاً من المهدئات والمسكنات .
ويعتبر أن العرب في جميع أقطارهم في حاجة إلى مشاريع تنموية تضع في سلم أولوياتها التنمية البشرية على قاعدة "الإنسان أغلى رأس مال وأساس لأي نهضة"، كما تحتاج التنمية إلى دمقرطة ومزيداً من الحريات، لأن التنمية البشرية تعني إطلاق الابداعات عند الناس، ولا يمكن للإبداع أن يتخلق في مجتمعات تقوم على الاستبداد والطغيان وتغيب فيه الحريات .
ويدعو عطا لأن يدرك العرب أن ثرواتهم ناضبة، وإذا لا يتم التركيز على الإنسان فيها؛ فإن كل المعالجات القائمة على الثروات ستفقد فاعليتها مع الوقت وستكبر المشكلات، وعليهم أن يدركوا هذه الحقيقة، إذا ظل اقتصادهم تديره ذهنية الريع؛ فإن معالجاتهم تلك لن تكون إلاّ ترحيلاً وتسكيناً للأزمات وستحمل مجتمعاتهم في أحشائها جنين الأزمات القادمة ولن تجدي أية عمليات تجميل للجنين المشوه .
الاستقطابات على أساس طائفي
وفقاً للصحفي والمحلل السياسي ياسين التميمي فإن الوطن العربي لم يعد له من دلالة سوى أنه يشير إلى مساحة جغرافية واسعة من الخليج إلى المحيط، تتوزع عليه دولٌ منهكة وغارقة في صراع محتدم، الجميع تحول فيه إلى أهدافٍ سهلة، وأطراف هذا الصراع: شعوبٌ وأنظمةٌ، وطوائف مذهبية وأثنيات وعشائر وجهويات . وزاد أن دخول تنظيم القاعدة بتفرعاته على امتداد الوطن العربي، كطرف أعاد توجيه بوصلة الموت نحو الجميع، وبدا أنه آلة قتل ضخمة يمسك بزنادها أكثر من طرف إقليمي ودولي، فهو يحارب دولاً نيابة عن دول، ويكاد يقود المعركة باتجاه مستقبل قاتم ينتظر البلاد العربية.
ويرى التميمي أن المعارك التي تشهدها معظم الدول العربية، هي نتاج طبيعي للإخفاق السياسي لمنظومة العمل العربي، التي تعطلت بشكل كامل يوم أن قرر النظام السوري، إفشال مهمة الجامعة العربية، في حل الأزمة السورية سلمياً وبأدوات عربية . وزاد أن تعمقت الهوة بين مواقف الدول العربية، بتأثير موجة الربيع العربي، ما أفضى إلى دخول أطراف إقليمية مؤثرة في تقرير مصير المنطقة العربية، عبر أدوات طائفية فكان أن ازدادت الحروب استعاراً، والبلدان دماراً وغابت معها أي إمكانية للحلول السياسية.
ويضيف التميمي: الغبار الكثيف الذي تصاعد بفعل وقع المعارك والصراعات في منطقتنا العربية، أخطر ما يخفيه، هو ترتيبات ربما تستهدف إعادة رسم خريطة سياسية جديدة للعالم العربي ولدول أخرى في الإقليم بما فيها إيران وتركيا، وفي الوقت الذي تزداد فيها حدة الاستقطابات على أساس طائفي، تزداد فرص اللاعبين الغربيين، الذين يبدو أنهم جادون في إعادة رسم الخريطة السياسية للمنطقة، وتحويلها إلى فسيفساء طائفية وإثنية، والهدف الأساس هو إضعاف الإسلام السني، وهدم القوى الصاعدة بالمنطقة وفي مقدمتها تركيا.
التدخلات الخارجية
اعتبر رئيس مركز "أبعاد للدراسات الاستراتيجية بصنعاء" عبدالسلام محمد أن الظهور اللافت للجماعات الإرهابية وبروز الصراعات ذات الطابع الطائفي في عدد من الاقطار العربية كالعراق وسوريا وليبيا ومؤخراً اليمن مثّل ما يكن وصفه بالخيارات السيئة البديلة والناجمة عن عدم استيعاب مطالب التغيير والثورات السلمية التي شهدتها هذه الاقطار .
وأشار إلى أن هذه الخيارات البديلة والمروعة تمثلت في ظهور جماعات العنف والإرهاب والقتال التي تتسع أكثر كلما سقطت أو ضعفت الدولة وهي تنطلق من مشاريع ضيقة وعنصرية وطائفية، مشيراً إلى أن عدم استيعاب مطالب الشباب فتحت المجال للتدخلات المخابراتية الإقليمية والدولية .
ولفت عبد السلام إلى أنه يجب تدارك الأمر من خلال إنشاء تحالفات جديدة على المستوى الإقليمي والدولي تدعم حقوق الإنسان وخيارات الشعوب السلمية وتقف ضد التدخلات المصلحية لبعض الدول، ومن مهام هذا التحالف تخفيف الفقر على الشعوب ودعم الخيارات السياسية والديمقراطية في هذه البلدان ومراجعة خريطة الاصدقاء والخصوم والتعامل وفق مصالح سياسية وليس وفق المبادئ المرتكزة على الطابع الأيديولوجي والطائفي والمذهبي .
سايكس بيكو 2
وتقول الناشطة السياسية شفيقة مرشد إن الشعوب العربية أثبتت أن زمن القمع وزمن قمع الشعوب لمصلحة الحاكم المستبد قد انتهى، فصحوة الشعوب العربية عام 2011 تعود بنا إلى طغيان وتخلف تلك القيادات التي أوصلتنا إلى هذا الوضع المتخلف، فنحن اليوم في عالم جديد، عالم ثورة المعلومات والفضائيات الرحبة، التي وفرت للشعوب إمكانية التواصل السريع والتضامن معها من داخل الدولة ومن داخل الدول الاخرى، وهو ما حقق كسراً لحاجز الخوف من طغيان الحكام المستبدين انتصاراً لقيم الحرية والعدالة والمساواة، بحيث لا يمكن لأي مكون سياسي أو اجتماعي أن يقصي الآخر أو يهمشه أو يعزله .
وترى أن منظومة الاستخبارات الأمريكية والغربية حاولت استغلال هذه الثورات وتوجيهها لمصلحة تنفيذ أجنداتها المرسومة منذ أمد بعيد وتحاول أن تدفعهما إلى مسار خطر جداً، مسار توظيف المشاعر الدينية في الصراعات السياسية، ما يقود إلى تمزيق الوطن العربي على أساس طائفي، وهو ما يخدم أجندة المصالح الأجنبية المعادية للمصالح العربية والإسلامية .
وتوضح مرشد أنه في مخطط (سايس بيكو- 1) العام 1916 زُرعت "إسرائيل" في قلب الوطن العربي، وتمت تجزئة الوطن العربي، واليوم ووفقاً لمخطط (سايس بيكو 2) تزرع لنا ما تسمى "داعش"، والتي تعد امتداداً لتنظيم القاعدة وعدة تنظيمات تكفيرية تفرعت منها بهدف إعادة تقسيم الوطن العربي على أساس طائفي مذهبي لإلهائنا ونبقى في خلافات دائمة وهو ما يخدم أمن "إسرائيل" ويخدم مصالحها في استمرار استنزاف موارد ومقدرات الوطن العربي .
وشددت مرشد على مشاركة جميع مكونات المجتمعات العربية في صنع القرار الوطني لأنه من حق الجميع، خاصة في هذه المرحلة الانتقالية الممهدة لبناء دولة مدنية حديثة تحقق مصالح الجميع أفراداً وأقاليم ومذاهب وطوائف وفق آليات الديمقراطية الناشئة، وبعد أن تتعزز الآلية الديمقراطية حقيقة على أرض الواقع، ننتقل إلى استخدام قواعد وآليات الديمقراطية .
بلورة رؤية عربية موحدة
يري الأكاديمي اليمني المتخصص في دراسة تاريخ الجماعات المتطرفة الدكتور عبدالرحمن أحمد ياسين السعيدي أن العالم العربي يواجه تحديات غير مسبوقة فرضها الظهور القاتم للصراعات ذات الطابع الطائفي والجماعات الإرهابية وتصاعد التدخلات الخارجية والإقليمية .
وأشار إلى أن مكافحة ومناهضة الفكر المتطرف وتعزيز اللحمة الداخلية والوطنية وقيم القواسم المشتركة في المجتمعات العربية التي تتسم تكويناتها الداخلية بالتعدد المذهبي والطائفي يمثل أحد الوسائل المؤثرة في الحد من احتمالات الانزلاق إلى منحدر الصراعات الطائفية .
ويعتبر السعيدي أن انهيار الدولة في معظم الاقطار التي شهدت ثورات الربيع العربي وفشل المكونات الثورية في استعادة السيطرة على الأوضاع واستكمال مسار التحول السياسي بعد سقوط الانظمة السابقة فرض بيئة محفزة لظهور الجماعات الإرهابية وإشعال فتيل الصراعات ذات الطابع الطائفي .
وشدد الدكتور السعيدي على أهمية أن تتصدر المخاطر الناجمة عن تصاعد الصراعات الطائفية وتنامي انشطة وتحركات الجماعات الإرهابية في العديد من الاقطار العربية قائمة اولويات النخب السياسية العربية وأن يتم بلورة رؤية عربية موحدة لكيفية مواجهة هذه المخاطر والترويج الفاعل والمؤثر لقيم الوسطية والاعتدال والتعايش السلمي بين المذاهب ونبذ العنف والتطرف والإرهاب .
المَخرج سيتأخر
يقول د . عبدالرحمن راشد، رئيس منتدى التنوير، إن الوطن العربي يمر وبلا أدنى شك، بأخطر مرحلة في تاريخه، ومن العبث الحكم عليها دون الأخذ بجملة من الأسباب والمقدمات التي أنتجتها، فهناك جملة من الاسباب الداخلية المتراكمة المتعلقة بالواقع العربي وفي مقدمتها طبيعة انظمة الحكم الاستبدادية التسلطية التي توالت على الحكم عقوداً من الزمن سواء تلك التي اعقبت حركات التحرر العربي ضد الاستعمار الاجنبي في بعض الدول العربية وكأنه رتب لها خارجياً على طريقة الخروج من الباب والعودة من النافذة والتي اصبحت في ممارستها لا تختلف عن بقية انظمة الحكم التقليدية في بعض الدول الاخرى التي كان استقلالها بترتيب مباشر مع المستعمر وحافظ على العلاقة وقامت بالدور المعرقل والمجهض لثورات التحرر العربي .
وأضاف: وتدريجياً تجانست الانظمة العربية في طبيعة أنظمتها وأن اختلفت في التسمية (جمهوريات . . وملكيات)، وكانت المحصلة الاخيرة لطبيعة هذه الانظمة كيف ترسخ علاقتها مع الآخر لتحتمي فيه وتقبل أن تتحول إلى سوق لمنتجاته وخاصة السلاح كوجه للقوة الموجه ضد المعارضين في الداخل .
واعتبر د . راشد أن النظام العربي عجز في إحداث تنمية بشرية واقتصادية مواكبة لحاجة الانسان وتطورات العصر المتنوع والمتعدد وبكل بمفاهيمه وإدارته وغايتها الديمقراطية تداول السلمي للسلطة وتحقيق العدالة، بالمقابل كان الهاجس الأمني واستخدام القوة لقمع أية تظمهرات مدنية وحزبية تطالب بالحقوق وتدعو للتغيير والاصلاح .
وأضاف: أن كل ذلك ولّد حاجة داخلية ونقمة شعبية ضد الانظمة العربية المستبدة وحلفائهم في الخارج، وهذا ما جعل الخارج يفكر بمشاريع جديدة بديلة للمشاريع القديمة التي عفى عنها الزمان أو تعديلها بما يضمن المصلحة الكبيرة في الوطن العربي (مشروع سايكس بيكو القديم . . والجديد مشروع الشرق الاوسط الكبير)، ناهيك عن تأثيرات العولمة وصراع الحضارات والثقافات والحرب على الإرهاب والتطرف وبشراكة مع الانظمة العربية وفي جوهرها غزو ثقافي واقتصادي وسياسي وبما يمكن إعادة خريطة جيوسياسية للوطن العربي .
ويعتقد د . راشد أن المخرج سيتأخر وخاصة بعد ضياع حلم الدولة المدنية الحديثة كهدف من اهداف ثورة الربيع العربي، إلا في حالة تجددها وهذا ما يفرض على عاتق القوى المدنية أن تعيد قراءة المشهد وترتيب نفسها لاستكمال أهداف التغيير مع استيعاب مصالح الآخر في إطار مفهوم الشراكة .
لحظة كارثية
يقول د . قاسم المحبشي أستاذ فلسفة التاريخ والحضارة بجامعة عدن عليّ أن الفت النظر إلى أهمية التدقيق في استخدام هذا الاسم المجاز (العالم العربي) وهو وصف ينتمي إلى زمن مضى قبل التحولات العاصفة التي شهدها عالمنا الراهن إذ شهد العالم المعاصر منذ منتصف القرن العشرين أحداثاً عاصفة ومتغيرات متسارعة في مختلف الصعد الحضارية والثقافية والمدنية، متغيرات لم يشهد لها التاريخ مثيلاً من حيث جدتها وسرعتها وأثرها وقوتها الصادمة للروح والعقل معاً .
ويضيف: "نحن العرب آخر من يعلم، كما هو الحال دائماً"، آخر من يعلم بحكاية العولمة وقصة صعودها في بلاد الشمال، فإنه لا بد لنا ألا نندهش حينما نرى ما يجري حولنا من متغيرات وأحداث وظواهر جديدة، يصعب علينا تفسيرها وملاحقتها . لكن ما يهمنا اليوم هو أن ندرك ماذا نحن فاعلون، ونحن نغوص في بركة آسنة في "الشرق الأوسط"، لكن هل بمقدور من يتمرغ بالوحل أن يرى اللاعبين فوق سفوح الجبال؟ لا يمكن له ذلك أبداً إلا في حالة واحدة وهي الخروج من ذلك الربق والتعود على السير فوق اليابسة تحت أشعة الشمس، لكن هل لا نزال نمتلك خياراً كهذا؟ لا أعرف بالتأكيد، كل ما أعرفه أننا لم نفكر حتى الآن في إمكانية الخروج مما نحن فيه من بؤس وكل ما يجري اليوم، في زقاقنا العربي، لا يحمل معه أي بشرى لتفتق بوادر هذا الوعي، فالجميع كجيوش النمل المجنونة التي تدور حول نفسها وتجري في كل اتجاه وتصطدم ببعضها بعد أن فقدت مسكنها الآمن أو باغتها التهديد فيه .
ويرى المحبشي أن وضعنا غير عقلاني وعبثي، وهذا معناه عدم إدراك المخاطر التي تهدد الجميع بلا استثناء، والسياسة ليس بمقدور أحد تجاوز استحقاقها أبداً، والسياسة تؤثر في حياة الناس بأشد مما تؤثر فيهم تقلبات الظروف الطبيعية (المناخ والحر والبرد والخصب والجدب والعواصف والفيضانات والزلازل والبراكين . . الخ)، حسب فاليري .
ويضيف المحبشي قائلاً: إننا "العرب" نعيش لحظة كارثية ومصيراً فاجعاً بعد أن تحطمت شعاراتنا وأحلامنا ومشاريعنا وأوهامنا الكبيرة بالجامعة الإسلامية والوحدة القومية والاشتراكية الأممية والاستقلال والحرية والتنمية والعدالة الاجتماعية . . الخ، على صخرة التاريخ العتيدة إذ بتنا أشبه بسفينة تتقاذفها الأمواج في كل الاتجاه بعد أن فقدت البوصلة ولا تلوح في الأفق القريب بارقة أمل للنجاة . إن مأساتنا تكمن في أننا تعاملنا مع التاريخ بحسن نية ساذجة ومنحناه معنى ليس من طبيعته في شيء، حينما توهمنا انه أشبه "ببغلٍ حرون يمكن قيادته بالسوط لترويضه" .
تسيد المشهد الطائفي
يعتبر الناشط السياسي في الثورة الشبابية والشعبية اليمنية ورئيس تحرير صحيفة "المشهد اليمني" عبدالرحمن صالح البيل أن تسيد المشهد الطائفي والمذهبي في العالم العربي نتاج طبيعي للمتغيرات السياسية القسرية التي جلبتها رياح الثورات العربية للمنطقة والافتقاد لمشاريع سياسية تتعلق ببناء الدولة تمتلك مقومات النجاح المطلوبة والتوافق الداخلي بين كافة المكونات السياسية والمجتمعية .
واعتبر البيل أن الفراغ الذي خلفته الاطاحة بالأنظمة السابقة والمزمنة وتعثر مشروع التحول السياسي البديل فرض واقعاً من الصراعات الداخلية التي سرعان ما تم إذكاؤها من قبل اطراف خارجية وإقليمية لتحقيق أهداف ذاتية وتوسعية لتتحول إلى صراعات ذات طابع طائفي ومذهبي .
رؤية عربية جامعة
يعتقد الباحث فؤاد النهاري، رئيس مركز ابجد للدراسات والتنمية، أن العالم العربي يعيش حالة من التشتت النفسي والأيديولوجي والفكري، التي أثرت بدورها في الوعي الجمعي للأمة، وبدا مشدوهاً من الأحداث المتسارعة التي تدور مسرحياتها في أكثر من بلد عربي . في الواقع العربي تسيد الفعل والفكر الإرهابي الموقف في أكثر من بلد عربي وأصبح له مكانته الكبيرة من الرجال والأموال والمؤسسات، حتى أن كل المحاولات الجارية والتي ستجري مستقبلاً لاجتثاث شأفته لن يكون حليفها النجاح، إذ تحتاج لعقود من أجل محو الأفكار التي أصبحت متجذرة في عقلية الكثير من البسطاء المخدوعين بوهم الجهاد، "جهاد الحكومات ومن خالفهم" .
ووفقاً للنهاري فإن وسائل الإعلام العربية تساعد اليوم في إذكاء وبث دعوات الاقتتال والكراهية والأحقاد والضغائن، من خلال استدعاء المسميات المذهبية والقبلية والفئوية والطائفية والشعوبية، بشكل مقزز .
وأضاف: من المسلمات أن الحكومات العربية هي من تتحمل العبء الأكبر في الخروج بالوطن العربي من دوامة العنف هذه، من خلال رؤية جامعة وسياسات حكيمة تجفف منابع الإرهاب والتطرف، وتزرع بذور الوسطية الدينية وتؤسس لمرحلة بناء وتنمية حقيقية بعيداً عن حسابات المصالح الضيقة .
ويعتقد النهاري أن جانباً مهماً يقع على عاتق النخب العربية والمفكرين والسياسيين ودعاة الإصلاح وفي هذه المرحلة بالذات، للقيام بعملية مراجعات عميقة وتحليل أعمق للواقع العربي المزري، للخروج منه نحو آفاق أفضل تفتح مستقبلاً عربياً أكثر وحدة وتعاوناً وبناء وتنمية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.