لم ينعقد لقاء في جنيف يضم أطراف النزاع اليمني حتى كتابة هذا المقال بالرغم من وصول الوفود المشاركة وبعد تأخر وصول وفد أنصار الله "الحوثيين" بسبب "مطب سعودي" مفتعل .. ما يعتمل هناك حتى اللحظة هو انتقال موريتاني بين الغرف السويسرية قد لا يفضي إلى نتيجة بسبب مؤشرات التعنت بانتظار أن يدخل المشاركون في حالة الصوم ببلوغ شهر رمضان المبارك لعل وعسى أن يصوموا عن الشروط التعجيزية ويتوصلوا إلى هدنة إنسانية خلال رمضان كمقدمة موضوعية لوقف دائم لإطلاق النار والعودة إلى الحوار السياسي . ماذكره الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون في مفتتح جنيف كان محدداً في ثلاثة محاور رئيسة وهي وقف فوري وشامل لإطلاق النار ، وانسحاب المسلحين من المدن الرئيسية ، وإقرار هدنة إنسانية خلال شهر رمضان بما يمكن الإغاثة من التحرك والوصول إلى مستحقيها . هذه المحاور التي يسعى المبعوث الأممي اسماعيل ولد السيخ أحمد أن يترجمها إلى واقع ملموس من خلال محاولاته الحصول على توافق بين الأطراف المتنازعة لا تبدو ملبية لرغبات الوفد القادم من الرياض والذي لم يأت وفي جعبته سوى الإصرار على تنفيذ القرار 2216 الذي يفترض أن الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي هما المعنيان بتنفيذه وليس الرياض أو صنعاء . كما أن الهامش المتاح لوفد الرياض باسم اليمن والشرعية القابعة في الخارج ليس بحجم الهامش المتاح للطرف الآخر والذي يسيطر عملياً على الأرض ويمثل سلطة أمر واقع في مقابل حكومة حرب وقيعة . من هنا فإن ممارسة المنظمة الدولية لضغوط حقيقية على وفد الرياض هو من سيسهل مهمة المبعوث الأممي للتوصل إلى ترجمة المحاور التي وضعها بان كي مون ، وأما وفد صنعاء التي تتعرض للقصف حتى اللحظة فلا ضغوط إضافية يمكن ممارستها ضده أكثر من قرارات مجلس الأمن التي صدرت وأكثر من الحصار القاسي و الحرب الغاشمة التي تقودها السعودية على اليمن دون تمييز وفي نوع من الإمعان في الدمار والتخريب ومحو الذاكرة الإنسانية لأمة ذات حضارة عميقة . في هذه اللحظة التي أعيش فيها تشاؤماً غير مسبوق كنت أترقب خلالها صعود دخان أبيض من أي نافذة سويسرية تلقيت نبأ تصاعد الدخان الأسود بسبب التفجيرات التي حدثت في صنعاء مساء الأربعاء وخلفت عشرات القتلى من الأبرياء عقب استهداف ممنهج لمساجد ومنازل خاصة بقيادات لأنصار الله ، وكانت الرسالة واضحة المعالم بأن ثمة طرف لا يريد لجنيف أن ينجح كما كان يريد لأي جنيف في الشأن السوري أن يفشل ، وكأن المايسترو واحد وموحد قيل أنه (داعش) الذي أعلن مسؤوليته عن الانفجارات بسرعة مريبة – حسب تأكيدات إعلامية - . المستفيد هنا هو (الإرهاب) .. هذا المكون / العالم الهلامي الذي لم يندرج حتى اللحظة تحت أي تعريف أو سقف أو مفهوم ، ولم ينضم بالمقابل لأي طاولة حوار بالرغم من مركزيته ليس في اليمن فقط بل في المنطقة والعالم . .... الإرهاب إذاً هو من يستحق الحوار ... ورمضان هو من يستحق الصوم ... اللهم إني صائم !!! صحيفة "اليقين"