فضلا عن الحصار والقتل والتجويع والحرمان من أبسط متطلبات الحياة الضرورية كالماء والغذاء والكهرباء والدواء، تعاني مدينة عدن، وخصوصا أحياء كريتر والمعلا والتواهي وبعض من مناطق خور مكسر انتشارا مرعبا لعدد من الأوبئة الفتاكة التي التهمت حتى اليوم مئات ألأرواح بصمت مريب وسط تفرج مخجل من قبل المنظمات الدولية والإقليمية ومن الحكومة (الشرعية) التي لم تحرك ساكنا ولم تفعل شيئا من أجل إنقاذ أبناء هذه المناطق من الموت المحقق. في رسالة ممتلئة بالألم والوجع للدكتور عبد الناصر الوالي رئيس اللجنة الطبية الشعبية العليا يقول فيها أن الوباء المنتشر في مناطق عدن وفي كريتر على وجه الخصوص قد أدى إلى ارتفاع عدد الوفيات إلى حد مذهل، ويضيف د. الوالي "حمى مجهولة تصيب الناس خلال 24 ساعة نفقد المريض" ويتساءل رئيس اللجنة الطبية الشعبية العليا د الوالي عما إذا كان هذا الوباء هو الملاريا أم حمى الضنك، أم أيبولا أم كرونا؟ ثم يجيب بمرارة واضحة "إمكانياتنا شحيحة، لا نستطيع التشخيص، لا أحد من المنظمات الدولية يساعدنا" مؤكدا وفاة عدد من الأطباء من العاملين على تقديم الخدمة للمرضى وبدء المنظمات الدولية بترحيل أطبائها وعمالها من عدن. وفي رسالة للأستاذ محمد قاسم نعمان رئيس مركز اليمن لحقوق الإنسان ومقره عدن جاء "كانت البداية الهجوم لوباء تفشى في هذه المدينة فنشر مرضا (حمى الضنك)" وتوسع الوباء وانتشرت الأمراض لتشمل الملاريا التي تحصد أكثر من عشرين شخصا يوميا، كما عبر عن مخاوف الأهالي من انتشار الجذام نظرا لوجود حالات لم يعلن عنها والجميع يعلم أن الجذام مرض وبائي سريع الانتشار. كل ما تعانيه عدن جاء متزامنا مع الهجوم الحوثي العفاشي الذي دمر الخدمة الطبية وأغلق المستشفيات والمراكز الطبية ونهب مخازن الأدوية ونشر الرعب بين الأهالي مما أدى إلى هروب العديد من العاملين في الحقل الطبي، كما إن تراكم القاذورات وانتشار القمامة وانعدام النظافة وغياب المياه النقية واضطرار الناس إلى الشرب والغسيل من المياه الملوثة، كل ذلك يخلق بيئة ملائمة لانتشار الأوبئة المختلفة، ويساعد في ذلك سوء التغذية وانتشار المجاعة بسبب تقص المواد الغذائية واكتفاء بعض الأسى بالخبز والماء اللذان قد لا يتوفران للجميع، وهو ما يعني المزيد من مخاطر انتشار الموت الجماعي المتزامن مع القتل المتواصل للمدنيين على أيدي المليشيات الإجرامية الجاثمة على صدور الناس منذ 3 أشهر. لم تجلب هذه المليشيات معها موت الرصاص والقذائف والدبابات فقط بل جلبت معها الأوبئة والأمراض الفتاكة، وهي إذ تمنع دخول المواد الإغاثية من أدوية وأغذية ومياه فإنها تستولي على ما قد يصل إلى عدن لتنقله إلى الحديدة لا ليستخدمه أبناء الحديدة، الذين هم أقل حاجة إليه من أبناء عدن، بل لتتاجر به وتحوله إلى أدوات قتل لأبناء عدن الذي جاء لينقذهم من الموت القادم مع هؤلاء المجرمين. عدن تقتلها الأوبئة ولا من مغيث . . . .عدن تستغيث فلا يستجيب لاستغاثتها إلا قلة قليلة من ذوي الضمائر الحلة الذين يجازفون بالكثير من راحتهم وأموالهم وأحيانا حياتهم ليساهموا بالحد الأدنى مما يمكن أن ينقذ بعض سكان عدن من الموت الذي صار يطرق كل الأبواب دون أن يستثني بابا واحدا. عدن لا تستأهل هذا العقاب لذنب لم ترتكبه سوى إنها مدينة حضارية مدنية انفتحت على الكل فانقلب عليها بعض الذين فتحت ذراعيها لهم ليسددوا إليها خناجر الغدر وسهام الانتقام. فهل من مغيث؟!؟! * من صفحة الكاتب على شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك