يعيش الحوافش علاقة مشوهة مع الوطن انحدرت من موروثات متراكمة ضمن مزيج من النقائض والأضداد في صميم تكويننا المجتمعي دون جرأة على ترك ما هو تاريخ للتاريخ والإبقاء على ما هوحاضر ومستقبل للحاضر والمستقبل ومعظم جهدهم الذهني والخطابي يتجه بصورة مغلوطة لتمجيد ما يسمونه التضحية بالنفس في سبيل الوطن حسب زعمهم متناسين أن التضحية إن لم يصحبها القدرة على إعادة بناء النفس ستبقى مجرد حالة انتحارية لا غير كان الأجدر بالحوافش تحويل قدرتهم على الانتحار المسمى في قاموسهم تضحيات أو استشهاد إلى قدرة على الحياة الفاعلة المنتجة والمشاركة في بناء وطن يسوده الإبداع العلمي والمنجزات العملاقة لكن اللافت هو استعدادهم الكبير لإراقة الدم والغياب عن ساحة البناء في معركة تنمية الوطن وإذا كانت الغاية الشريفة والهدف النبيل يحتم الوسيلة اللائقة بهما فهل تدمير النفس مع آلاف النفوس البريئة وهدم البنيان هو الوسيلة المثلى لغاياتهم وأهدافهم النضالية الشريفة كما يدعون ولشرف قضيتهم إن كان لهم قضية كما يروجون ؟ وإلى أين سنصل بمنطق علي وعلى أعدائي ؟ إن العصبيات والمذهبيات لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكن مرجعية لمجتمعنا اليمني يواجه بها تحديات العصر وإذا ظلت هي الأساس في التعامل الوطني فلا مناص أمامنا من خيارين أحلاهما مر إما استبداد عصبية بالقوة وسيطرتها على مقدرات اليمن وتحويله لشجرة في فناء حوشها وإما حرب أهلية تحلل الدولة والوطن وهذا ما نعايشه اليوم وإني هنا اتساءل كيف يمكن للحوافش أن يعرفوا وطنهم بالمعنى العميق للذات الجماعية والهوية الوطنية إذا استمروا في تقطيع أوصال هذه الذات والهوية بين شمال جنوب وزيدي وشافعي وزنابيل وقناديل إلى غير ذلك من المسميات الناحرة للانتماء الوطني لن بتجاوز اليمنيون محنتهم ويتمكنوا من العودة للتلاحم الوطني ما دامت القوقعة العصبوية المناطقية تفرض عليهم بقاءها مع قوقعات أخرى في وحل الدماء ومستنقع الدمار والخراب ومن ثم يبقى الاختبار الأكبر هو استيعاب عناصر القوة الخلاقة اللازمة للنهوض باليمن في ميادين الاقتصاد والسياسة لكل من لا يحمل البندقية على كتفه ليفرض مشروعه على طريق إقامة علاقة صحية مع الوطن وبما يمكننا من إدارة الصراع السياسي بأسلحة العصر ولغته دون اللجوء للانتحار بديلا عن الحوار !!