أن الأحداث الدراماتيكيه في الشرق الأوسط تتلاحق خارج سياق المنطق والحسابات المتعارف عليها مما جعلها عصيه على القراءه والفهم. فالواقع الذي تكشف في الشرق الأوسط لم يكن وليد أللحظه بقدر ما هو مرتبط بتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي والقضيه الفلسطينيه, والحرب على الأرهاب.. أن رياح التغيير التي هبّت في الشرق الأوسط في فصل الربيع عام2010, أدت إلى تغير ميزان المعادله السياسيه بأدواتها الأجتماعيه والأقتصاديه والعسكريه والتحالفات الإقليميه والدوليه في منطقة الشرق الأوسط. فأن إيران لم تعد ترى منافسا قويا لها عربيا وإسلاميا غير تركيا والمملكه العربيه السعوديه, وهي تعمل على تدميرهما وإنهيارهما وتحجيمهما, ليسهل بعد ذلك تقسيمهم وتقويضهم أقتصاديا ودينيا وسياسيا. من خلال اتهامهم برعاية الأرهاب وتفريخ منظماته في الشرق الأوسط,وكذلك روسيا حليفة إيران الإستراتيجيه, فقلب الرئيس بوتين مملؤ بالغضب والحقد تجاة المثلث التركي السعودي القطري, فقد توعد بهجمات صاروخيه ضد هذا المثلث, الذي يرعى الإرهاب ومنظماته, حسب قوله. لهذا فأن الطائرة الروسيه التي أسقطتها تركيا قبل ايام فوق الاراضي السوريه, هي ناقة البسوس التي ستقضي على حزب العداله والتنميه الإسلامي في تركيا. لانها تصب في نهر السيل الجارف الذي يجري في الشرق الأوسط الجديد. اي انها ضمن المخطط الغربي, والغباء العربي والإسلامي, الذي نفذ تفجير الطائرة الروسيه في مصر, وكذلك العمليات الأرهابيه التي تم تنفيذها في أوروبا, والذي يهدف إلى إقناع الرأي العام في أوروبا والعالم, بضرورة مشاركة اوروبا وجميع دول العالم, في الحرب ضد الإرهاب, الذي يتّهم بأنتاجه ورعايته مثلث الإسلام السياسي السني, المتمثل في تركيا والسعوديه وقطر. فالمثلث التركي السعودي القطري أستدرج ضلعيه الثاني والثالث إلى مستنقع دموي في اليمن, وها هو, الضلع التركي الثالث, على حافة الغرق في مستنقع أخر أكثر خطورة في تركيا, إن لم يكن غرق فعلا, بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسيه فوق سوريا, مما يعني خسائر بشرية ومالية ضخمة, والمزيد من الأضطراب وعدم الأستقرار في المنطقه بأسرها. فروسيا يكفيها الإنتقام بتقديم الدعم العسكري والمالي لحزب العمال الكردستاني الذي يقاتل النظام التركي, ويطالب باستقلال الاقاليم الكرديه شرق البلاد, وهذا كفيل بإستنزاف النظام التركي, وتحويل تركيا إلى,,سوريه اخرى,, .مما يدل على إن سمة العصر الراهن في الشرق الأوسط الجديد هي : الانتقال من الإسلام السياسي السني المتطرف وفقا للمخطط الغربي والغباء العربي والإسلامي, إلى الإسلام السياسي الشيعي المعتدل في نظر الغرب وأمريكا, والقادر على التعايش مع جميع الاديآن. حيث أن سياسة الغرب وإسرائيل قامت على شعار يقول : أن هدم أي فكرة دينية سياسيه, بحاجه إلى فكرة دينية سياسيه من ذات الطينه, وهو ما حصل فعلا فوقع الإتكاء على موروث العداوة التاريخيه بين السنه والشيعه, والذي بداء الترويج له إعلاميا بعد غزو العراق, بواسطة الاعلام الموجة من الخارج, والذي أستطاع تأجيج العصبيات الأثنيه والطائفيه والمذهبيه القديمه, وإظهارها على السطح من جديد, والذي ظهرت على شكل تحالفات مذهبية بحتة عند قيام ثورات الربيع العربي. فالإسلام السياسي بنسخته الشيعيه والذي يمثله تحالف إيرانوسوريا وحزب الله بأعتبارة حزب مقاوم وداعم وسند لكل سلسلة الإسلام الشيعي في المنطقه, والإسلام السياسي بنسخته السنيه ويمثله أيضا تحالف قطروتركيا وجماعة الاخوان المسلمين في مصر واليمن, والذي تعرض لضربات موجعه بعد ثورات الربيع العربي من الداخل والخارج..
فالمواقف الغربيه الأوروبيه والأمريكيه ( الشعبيه والرسميه) تجاه ما يجري في الشرق الأوسط,توجه أصابع الأتهام للدول العربيه والأسلاميه,,السنيه,, في أنتاج ظاهرة الأسلام الجهادي, الذي تتهمه أمريكا بالأرهاب. أي أن هذه المواقف تدعم الدور الكبير للمشروع الإيراني والإسرائيلي في المنطقه, والذي غدا مؤثرا بشكل كبير في ما يجري في الشرق الأوسط. لن منطقة الخليج والشرق الأوسط عموما لا تشكل فقط العامل الأهم والعنصر المؤثر في المصالح الأمريكيه بل تشكل جوهر مصالح العالم وأستقرارة. لهذا فأن القوه الدينيه السياسيه الشيعيه تعتبر حليفا معتدلا لأمريكا في الشرق الأوسط,وذلك لان أمريكا تبحث عن النفط ومصالحها أينما كانت مع دول الخليج أو مع إيران فالسياسيه لا تعترف بالصداقه الدائمه. يتضح ذلك من الموقف الغربي الأوروبي أو الأمريكي الغامض من ما يدور في اليمن والذي يزداد وضوحا كل يوم من خلال عدم أتخاذ موقف صريح مما يدور في المنطقه, وخصوصا التدخل الروسي المباشر في سوريا دلاله على موقف موارب غربيا والأهم والأخطر من هذا كله هو حقيقة الموقف الدولي من الدور الكبير للمشروع الإيراني في المنطقه.. أن ما تشهده المنطقه العربيه اليوم صراع سياسي بأمتياز سلاحه الطائفيه, لقد أنتقلت إيران من وضعية الدفاع إلى الهجوم بعد ثورات الربيع العربي, ما جعل دول الخليج تستشعر خطرا وجوديا من المد الإيراني الذي أخذ يطوقها من كل جانب, بشكل مباشر أو عبر حلفاء إيران العرب. فقد أستطاعت إيران أن تصبح لاعبا أساسيا في الشأن الداخلي لكثير من الدول العربيه مثل, العراقواليمنوسوريا ولبنان وفلسطين, عبر حلفائها المحليين في هذه الدول, معززه بذلك موقفها الإقليمي والدولي على حساب العرب. لهذا يبدو أن أمريكا تعمل على دعم وتقوية الأسلام السياسي الشيعي المعتدل, المقبول من أمريكا وحلفائها الغربيين,لأنه قادر على التعايش مع جميع الأديان الأخرى, حيث يرفع شعارات الجهاد كأقوال وليس أفعال, حيث تندرج هذه الشعارات حسب رأي كثير من المحلليين في خانة السعي إلى أستمالة وأستقطاب مناصرين جدد من جميع أنحاء العالم, مثلها مثل كثير من الدول الأسلاميه والجماعات الأسلاميه التي عملت على توظيف عدائها, أو مقاومتها, لإسرائيل, لزيادة تلاحم الشعوب حولها, أقترفت ما أقترفت هذه الدول والجماعات من أعمال بحق هذه الشعوب. أن الخلاف الأمريكي الإيراني لم يكن يوما خلافا عقديا, وهذا ما تذكره كتبهم, لكن الخميني بذكائه أستطاع أن يوظف خلافه بشكل ديني ويرفع شعارات تلقى رواجا عند الشعوب الأسلاميه المقهوره. لهذا فأن رياح التغيير التي هبّت على الشرق الأوسط, تنذر بأنتاج شرق أوسط جديد, قائم على تحالف صليبي إيراني من خلف الكواليس, يهدف إلى تحويل مكهالمكرمه قبلة العالم الأسلامي الدينيه, إلى فاتيكان ثانيه, والدليل على ذلك تصاريح قادة الثوره الخمينيه الذي يرددونها في الأحتفالات والمناسبات بأن دول الخليج دول غير مستقله, ويجب تحرير مكه والمدينه من أيدي الطواغيت - ولعل الإستغلال السياسي لحادثة تدافع الحجيج في منى في موسم الحج لهذا العام من قبل إيران, وما رافقها من حمله أعلاميه كبيره, على المستوى ( الشعبي والرسمي) من قبل إيران وزعيم حزب الله الشيعي اللبناني , السيد,,حسن نصر الله,, ,ضد المملكه العربيه السعوديه, دليل على ما تكنة صدورهم.. كما أن تحول معظم الأقليات الشيعيه في العالم العربي إلى مجرد ورقة ضغط وتهديد سياسي مسلح في يد إيران, ناهيك عن إستساغة القوى الدوليه - كأمريكا وغيرها - لهذا الدور الذي باتت تلعبه هذه الأقليات الشيعيه, وما موقف هذه القوى من الأزمه السوريه واليمنيه الحاليه إلا دليل واضح على مثل هذه السياسه المفضله من قبل إيران وخصومها المزعومين غربيا.حيث ينبئنا تاريخ الدبلوماسيه الدوليه أن الأخيره تضمر أكثر مما تظهر وما لا تظهر تتكفل المصالح الكبرى بإظهاره في شكل تسويات تعبر, في النهاية, عن موازين القوى القائمة.فأهمية منطقة الخليج بالنسبه لأمريكا معلن عنها من سنين طويله ولا صديق لأمريكا في العالم إلا,,مصالحها,, فلا للقيم ولا للأخلاق ولا للأنسانيه ولا لسعوديه أو الأمارات أو غيرهما في عرفهم ميزان,,المصلحه,, فقط..