للشهر الخامس على التوالي توقفت مرتبات موظفي الدولة في اليمن مما رفع مستوى التدهور الانساني واوقف عجلة الاقتصاد التي كان مازالت المرتبات تحركها بشكل بسيط كون تداول اموال المرتبات من قبل موظفي الدولة كان يحرك قطاعات الاقتصاد ولكن بتوقف اصيب الاقتصاد بشلل كبير ودخلت شريحة كبيرة من الشعب اليمني ضمن الفئات التي تحتاج الى مساعدات انسانية بدلاً من ان تلك الفئة كانت تعيل وتساعد نفسها وايضاً كانت لها دور في اعالة الفئات الاخرى. تراكمت الالتزامات المالية للموظفين من ايجارات وديون قصمت ظهر موظفي الدولة وانهكهم السعي وراء سراب اسمه الراتب ما ان يظهر حتى يتلاشى . بالرغم من ان توقف المرتبات تصرف سلبي وخاطيء ولكن هناك حسنة وحيدة وهي انكشاف فشل المنظومة الاممية وعجز السلطة الادارية وتفشي الفساد حتى ابتلع موارد الدولة بشكل كامل حتى عجزت عن سداد مرتبات موظفي الدولة الذي من المفترض ان لاتتوقف باعتبارها التزام على الدولة وحق انساني للموظف. يجب ان يتم تعزيز الشفافية بشكل كامل من جميع الاطراف لايرادات الدولة ومصروفاتها بشكل شفاف ليعرف الشعب اليمني اين تذهب ايرادات الوطن . عجز السلطة الادارية ليس فقط في دفع مرتبات موظفي الدولة من الايرادات العامة بل ايضاً عجزها عن القيام باي اجراءات سريعة تخفف من وطأة وكارثة توقيف المرتبات او ماتسمى ادارة الازمات فجميع موظفي الدولة دخلوا في نزاع مجتمعي كبير مع اصحاب البيوت المستأجرين منهم ومن اصحاب البقالات والمستشفيات وغيرها في ظل تناسي وتعامس السلطة الادارية في اتخاذ اي اجراءات ايجابية تنظم الحقوق والواجبات بين افراد الشعب والذي كان من المفترض عند توقف مرتب اول شهر ان يصدر تعميم ملزم ويتم اعلانه رسمياً بتأجيل كافة الالتزامات المالية لجميع موظفي الدولة حتى صرف المرتبات واتخاذ اجراءات عبر عقال الحارات واقسام الشرطة بالنزول واللقاء بافراد المجتمع وتوعيتهم ان المرتبات متوقفه لذلك تتوقف اي التزامات مالية وان توقفها لايعني عدم استحقاقها بل تنظيمها بحيث يكون التزام على الموظف لاصحاب الاستحقاقات لدفعها عند تسليمهم المرتبات كما يستلزم توفير الخدمات الطبية المجانية لموظفي الدولة وعائلاتهم في المستشفيات والمراكز الطبية العامة وغيرها من الاجراءات التي تخفف من اثار كارثه توقيف المرتبات . ولايعني اتخاذ هذه الاجراءات توقف جهود السلطات في صرف المرتبات بل يتم العمل في المسارين معاً . لدينا على الارض الواقع سلطتين وحكومتين بغض النظر عن المشروعية وغيرها فنحن امام امر واقع وبدلاً من ان تتسابق السلطتين في دفع مرتبات موظفي الدولة وادارة ملف الاقتصاد وايرادات الدولة بشفافية ونزاهه نجد ان كلتا السلطتين تتنصل عن مسؤليتها في دفع مرتبات موظفي الدولة وتدفع بالمسؤلية على الطرف الاخر . وهنا نؤكد ان صرف المرتبات مسؤلية مشتركة على الجميع معالجتها قبل تفاقمها واخراج المرتبات من أتون الصراع السياسي وتحييدها كون جميع افراد الشعب متضرر من توقفها من جميع الاطياف والمكونات دون اي استثناء . صحيح ان الصادرات النفطية كانت تمثل ثلثي الايرادات العامة للدولة بنسبة 75% لكن كان ذلك لتغطية كافة استحقاقات الدولة من مرتبات وغيرها وكانت هناك اختلالات جسيمة في الايرادات العامة من ضرائب وجمارك وغيرها بسبب الاتكال على الصادرات النفطية لتغطية مصروفات الدولة ومنها المرتبات وتكميل الاحتياجات عن طريق القروض والمساعدات الخارجية . هذه الاختلالات الجسيمة في الايرادات العامة يجب ان تتوقف ويجب ان يستابق جميع الاطراف لتعزيز مباديء النزاهه والشفافية للحد من الفساد في ايرادات الدولة للايفاء بالالتزامات المالية وفي مقدمتها مرتبات الموظفين في اقرب وقت ممكن دون اي تأخير او تباطوء. كما كشفت ازمة وكارثة توقف المرتبات الدور الضعيف والفاشل لمنظومة الاممالمتحدة في القيام بدورها المنشود والمأمول في فرض اليات شفافة لاستمرار تدفق الايرادات العامة الى البنك المركزي دون فساد وبشكل كامل وحيادي ليتم صرف مرتبات موظفي الدولة وتغطية الاحتياجات الانسانية للشعب اليمني لكي لتخفيف الضغط على المانحين لتقديم المساعدات الانسانية اللازمة بحيث يصبح دور المساعدات الخارجية دور تكميلي للجهود والدور الوطني . لم أكن اتوقع ان الاممالمتحدة تقف مكتوفه الايدي امام تدهور الوضع الانساني في اليمن وتشاهد المعاناه الانسانية دون ان تتحرك ايجاباً لتخفيفها سواء في المسار السياسي المتمثل في ايقاف الحرب على اليمن او المسار الانساني في تقديم المساعدات الانسانية واتخاذ الاجراءات الصارمة لايقاف العبث من قبل جميع الاطراف في الايرادات العامة للدولة وتحييد الاقتصاد والبنك المركزي من الصراع . جهود الاممالمتحدة في ملف مكافحة الفساد في اليمن وتعزيز الشفافية في ايرادات ومصروفات الدولة ستكون بسيطة وذات اثر ايجابي وكبير لتغطية تكاليف الاحتياجات الانسانية وصرف مرتبات موظفي الدولة افضل من استمرار اطلاق النداءات للمجتمع الدولي لتقديم المساعدات والاغاثة الانسانية والتي لاتلبي الاحتياجات الانسانية والتي اثبت الواقع الفشل في حشد الموارد اللازمة لتغطية تكاليف خطة الاستجابة الانسانية للعام 2017م في اليمن . يجب ان يتم تقييم دور الاممالمتحدة في اليمن للوقوف على الدور السلبي لها وتصحيحه لتقوم بدورها الموضح في ميثاق الاممالمتحدة المتمثل في صناعة السلام العالمي وايقاف الحروب وتخفيف المعاناه الانسانية والذي مازال هذا الدور في اليمن ضعيف ومشلول دون اي سبب منطقي . تفاجأت وتفاجأ عدد كبير من افراد الشعب من تنصل الاممالمتحدة من مسؤليتها في تخفيف المعاناة الانسانية للشعب اليمني وتوقف دور الاممالمتحدة عند اطلاق البيانات والنداءات بالرغم من الصلاحيات الكبيرة للامم المتحدة كمنظومة دولية محايده وانسانية ايجابية . كانت لنا ملاحظات على دور الاممالمتحدة في اليمن وكانت هناك اعذار ومبررات ولكن انكشف الدور الفاشل للامم المتحدة في اليمن بشكل واضح وجلي في ملف مرتبات موظفي الدولة التي لم تقم باي دور ايجابي كون الاممالمتحدة لو قامت بخطوات ايجابية بفرض الية شفافة تنظم الايرادات والمصروفات العامة للدولة في اليمن لتم اطلاق المرتبات منذ الشهر الاول لتوقفها . ولكن الاممالمتحدة توقفت عن القيام باي خطوات ايجابية حتى انه مؤخراً رفضت الاممالمتحدة القيام بدور الوسيط الانساني المحايد لاستلام كشوفات مرتبات موظفي الدولة من صنعاء وارسالها الى عدن لاطلاق المرتبات دون اي مبرر منطقي والذي كنا نأمل ان الدور الضعيف والمشلول للامم المتحدة يتوقف على الاقل بقيام الاممالمتحدة بدور صندوق وساعي بريد محايد ومستقل وهذا مارفضته الاممالمتحدة فلم تقوم بدورها الكامل والايجابي في فرض السلام واتخاذ اجراءات ايجابية ملزمة لتخفيف المعاناة الانسانية للشعب اليمني ولم تقم حتى بدور الوسيط وهذا تصرف خاطيء ومشين يفقد الاممالمتحدة ثقة المجتمع الدولي والشعب اليمني فيها كمنظومة صانعه للسلام. حتى وصل البعض في انتقاده لفشل الاممالمتحدة الى حدود ان الاممالمتحدة ليست صانعه سلام بل صانعه حروب ومستفيده من تدهور الوضع الانساني في اليمن وفي العالم للتربح والاستفادة المادية وبغض النظر عن مدى صحة وسلامة ذلك الانتقاد لكن بدأ للاسف الشديد ذلك الانتقاد ينتشر في اوساط الشعب اليمني ونخشى ان يصبح اجماع وراي عام وهذا سيؤدي الى انعدام الثقة في الاممالمتحدة لمخالفتها لميثاق تأسيسها . كنا نؤمل ان يتضمن قرار مجلس الامن الاخير رقم 2342 الخاص باليمن، و الذي صدر مساء الخميس 23 فبرائر/شباط 2017 اجراءات مباشرة ومزمنه ملزمة لجميع الاطراف بصرف مرتبات جميع موظفي الدولة في اليمن وايقاف الفساد والاختلالات في الايرادات والمصروفات العامة وتقديم مساعدات انسانية عاجلة لجميع مناطق ومحافظات الجمهورية لكن للاسف الشديد لم يتطرق قرار مجلس الامن لذلك الموضوع رغم اهميته وتوقف فقط على الجانب السياسي والذي لايمكن ان يتقدم المسار السياسي دون اي تقدم في المسار الانساني كون المسار الانساني سيمهد لانطلاقة ايجابية في المسار السياسي . وبالرغم من قناعتنا باهمية ان تقوم الاممالمتحدة بالفصل بين المسار السياسي والمسار الانساني في اليمن والذي يجب ان يتحرك المسارين بشكل منفصل ومستقل عن بعضهما و لكن ؟ اي تقدم في المسار الانساني سيؤدي الى تقدم ايجابي للمسار السياسي الخطأ هو في توقيف الجهود الانسانية واستخدامها بشكل خاطيء كشرط واسلوب ضغط لتحريك المسار السياسي وهنا نشبه المسار السياسي والمسار الانساني مثل العربة والحصان المسار الانساني هو الحصان والسياسي هو العربة اي تقدم في المجال الانساني سيجر معه المسار السياسي للتقدم ولايمكن ان تكون العربة قبل الحصان . وفي الأخير : نؤكد على مسؤلية جميع الاطراف في اليمن عن توقف مرتبات موظفي الدولة للشهر الخامس على التوالي دون مبرر منطقي سوى تنصلهم عن مسؤليتهم والتي كان من المفترض ان تكون هناك الية شفافه ومحايدة وخالية من الفساد لادارة هذا الملف الهام وان تقوم الاممالمتحدة بدور ايجابي وملزم لجميع الاطراف لتحييد ايرادات ومصروفات الدولة في اليمن واخراجها من الصراع السياسي بما يؤدي الى صرف مرتبات جميع موظفي الدولة بشكل مستمر من الايرادات العامة وبما يؤدي الى قيام اجهزة الدولة بتنفيذ التزاماتها وفي مقدمتها صرف مرتبات جميع موظفي الدولة دون اي استثناء باعتباره حق انساني وايضاً امكانية استخدام تلك الايرادات العامة لتنفيذ برامج مساعدة انسانية للشعب اليمني من ايراداته الوطنيه بحيث يكون دور المجتمع الدولي تكميلي لها فقط وبمايؤدي الى تصحيح نظرة الشعب اليمني الى الاممالمتحدة كمنظومة ايجابية تصنع السلام وتخفف المعاناة الانسانية كون ايقاف المرتبات اثبت فشل المنظومة الاممية وعجز السلطة الادارية. عضو الهيئة الاستشارية ل وزارة حقوق الإنسان + النيابة العامة [email protected] لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet