يحتفل العالم باليوم العالمي للوصول الى التعليم العالي الذي يصادف 30/نوفمبر/2018م باعتباره حق انساني كفلته العهود والمواثيق العالمية والمنظومات القانونية الوطنية حيث ورد الحق في التعليم العالي في نصوص الاعلان العالمي لحقوق الانسان المعتمد من الجمعية العامة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في باريس في 10 كانوان الأول/ ديسمبر 1948 بموجب القرار 217 ألف حيث نصت المادة (26) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان . لكلِّ شخص حقٌّ في التعليم. ويجب أن يُوفَّر التعليمُ مجَّانًا، على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية. ويكون التعليمُ الابتدائيُّ إلزاميًّا. ويكون التعليمُ الفنِّي والمهني متاحًا للعموم. ويكون التعليمُ العالي مُتاحًا للجميع تبعًا لكفاءتهم . هنا نص الاعلان العالمي لحقوق الانسان بان التعليم العالي حق للجميع بلا استثناء ولاتمييز ومشروط فقط بالكفاءة العلمية كمعيار وضابط وحيد للحق في التعليم العالي كون عدم المساواة والتمييز في الحصول على فرصة الالتحاق بالتعليم العالي بسبب الفساد واختلالات التعليم العالي يفقد التعليم العالي مدخلات ابداعية لها دافع واحتياج للتعليم . وتعتبر اليونسكو حق الوصول الى التعليم العالي من اهم اهدافها التي تخطط ان يتم تنفيذه وانجازه عام 2030م باعتبار التعليم العالي محفزللعمل الجيد واتحاة التعليم العالي للجميع بالتساوي دون تمييز يتيتح فرص متساوية للجميع للحصول على عمل جيد . لذلك ولاهمية التعليم العالي ولتسهيل الوصول للتعليم العالي في العالم فقد تم اطلاق نداء عالمي شاركت فيها مؤسسات تعليم عالي عالمية عريقة لتدق ناقوس الخطر من ضعف التعليم العالي ووجوبية الاهتمام به وتسهيل وصول الجميع لحقهم في التعليم العالي وتم اطلاق هذا النداء من قبل مؤسسات تعليمية بريطانية وجميعيات خيرية على الرابط الالكتروني : https://www.ncuk.ac.uk/ar/WAHED/ كون أهم مراحل الانسان هو مرحلة التعليم العالي كونها المحطة الأولى لدخول سوق العمل وبناء على التعليم العالي وجودته تكون مدخلات سوق العمل كذلك وايضاً يعتبر التعليم العالي هو بوابة ومفتاح البحث العلمي الذي يعتبر اهم ركائز النهوض الاقتصادي والتنموي في جميع المجالات أي خلل او فساد في التعليم العالي ومؤسساته يدمر اهم ركائز التنمية والتطوير كما ان التعليم العالي يمنح الانسان فرصة للتغيير نحو الافضل واتاحة فرصة اكبر اذا ما ايتح الوصول للتعليم العالي للجميع بلاتمييز ولا استثناء ولاتجاوز ولاحرمان . لذلك نلاحظ أن جميع دول العالم الذي نمت وتطورت جعلت من التعليم بشكل عام والتعليم العالي بشكل خاص من أهم أولوياتها لنهوض والتنمية الوطنية للحصول على خبرات وايادي وطنية ماهرة فلايمكن ان يتحقق أي نهوض للأمة بالاعتماد الكامل على الخبرات والايادي العاملة الاجنبية . لكون التعليم العالي هو مرحلة التمهيد والتجهيز لسوق العمل المتعطش للخبرة والابداع الذي يصقلها التعليم العالي والذي تعتبر كنوز مطمورة وبالتعليم العالي المتقدم يتم كشف تلك الكنوز وساتخراجها للنهوض بالامة . ومن أهم معايير وضوابط حقوق الانسان بشكل عام والحق في التعليم بشكل خاص هو المساواة وعدم التمييز والاستثناء والمعيار الوحيد هو الكفاءة العلمية والخبرة فقط وماسواها من معايير وضوابط ليست وسى كوابح وعراقيل تعيق الحق في التعليم العالي وتعطل نهوض الوطن . وبتشخيص مسببات ضعف وتأخر النهوض الحضاري لوطننا نجد أن أهمها يقع على عاتق مؤسسات التعليم العالي الذي انحرفت عن دورها الحقيقي في تطويرة وتوسيع حجم مدخلاته النوعية لتكون مخرجاتها بجودة عالية وتغطي احتياج الوطن لخبرات ماهرة في كافة التخصصات تبني الوطن وتسرع من قفزته التنموية نحو مستقبل زاهر ومستقر . مشاكل واختلالات وفساد التعليم العالي في وطني كثير ومتعدد يصعب حصرها ولاتكفي مئات الكتب والبحوث لتشخيصها وتحليلها ولكن سنشارك في هذا المقال بأهمها والذي نوجزها في التالي : 1-. تحويل التعليم العالي الى ايراد مالي من أهم مسببات تعطيل التعليم العالي وانتهاك حق الانسان في التعليم العالي في وطني هو النظرة الخاطئة نحو التعليم من خدمة وواجب وحق يستوجب تمكين الجميع منه وتسهيل اجراءت ووسائل الوصول اليه وتحولت الى جهة ايرادية تتاسبق الجهات الرسمية ذات العلاقة بالتعليم العالي مع الشركات والمؤسسات الخاصة في الحصول على نصيب كبير من كعكة مصاريف التعليم العالي الذي يتم اجبار المواطنين على دفعها للحصول على فرصة الوصول الى التعليم العالي ويعجز الكثير عن دفع تلك الرسوم الدراسية المرتفعة باستمرار والذي يعتبر انتهاك خطير للحق في التعليم وللاسف الشديد ان معظم اجراءات جباية رسوم التعليم العالي لاتخضع لاي معايير منطقية فقط يطغى معيار المال والمال فقط وهذا خطير جداً ويتم كل يوم استحداث اليات ووسائل جباية شيطانية يتخللها الفساد لرفع مقدار الرسوم الدراسية التي يتم جبايتها من طلاب التعليم العالي فكل يوم يتم اختراع وسيلة أهمها : أ-. خلل التعليم الموازي : تم فرض الية التعليم الجامعي الموازي في الجامعات الحكومية برسوم غير قانونية باهضة جداً دون أي شروط او معايير استحقاق فقط المزاج ويتم صرفها في غير ماخصصت له وكل عام ترتفع تلك الرسوم غير القانونية بلا ضابط ولاكابح مما جعل الكثير يعزف عن مواصلة التعليم العالي لعدم قدرته على دفع تلك الرسوم غير القانونية الباهضة ويتم اجبار معظم طالبي التعليم العالي على سلوك طريق التعليم الموازي بتخفيض عدد الطاقة الاستيعابية للمقاعد الدراسية الجامعية في القسم العام وكل جامعة وكل كلية تفرض مبلغ ويتسابق الجميع في الرفع بلامبرر وبعض الكليات تفرض رسوم دراسية بالدولار والبعض يفرضها بالعملة الوطنية بلاضابط ولاكابح ويتم تحفيز الطلاب للتسجيل في الموازي بتخفيض النسبة المؤية للمؤهل الدراسي للقبول في الموازي ورفع النسبة في مقاعد التعليم الجامعي العام ب-. خلل النفقة الشخصية : لم يتوقف خلل التعليم العالي في التعليم الموازي بل تطور ليتم اختراع وسيلة جباية الاموال من الطلاب الجامعيين بمبرر النفقة الخاصة والذي يتم بموجبها فرض مبالغ كبيرة على الراغبين في الوصول الى التعليم العالي الجامعي أكثر من الموازي ويكون الحافز اكبر ليس بمعيار الكفاءة بل معيار المال من يدفع اكثر يحصل على فرصة اكبر في الوصول الى التعليم العالي ومن لايستطيع الدفع يتم حرمانه من حقه في التعليم . ج.- خلل التعليم عن بعد : استمرت طاحونه التعليم العالي في وطني لتدمير مداميك التعليم بدافع الحصول على المال فلم تتوقف في خلل الموازي والنفقة الشخصية بل استمرت حتى وصلت الى اختراع وسائل جديدة تحت مسمى التعليم عن بعد بحيث يتم منح شهادات تخرج لطلاب لم يتم قبولهم في الجامعات ولم يحضروا المحاضرات والدروس تحت مبرر التعليم عن بعد ويتم التغاضي عن كل ذلك مقابل دفع مبالغ مالية أكبر ولوكان ذلك على حساب جودة التعليم ومصداقية وثقة العالم في تلك الجامعات الذي يتراجع مستواها وينهار بسبب تفشي اختلالاتها . 2- خلل مناهج التعليم والياته ووسائلة ضعف مناهج التعليم في التعليم العالي من أهم اسباب عزوف الكثير من الالتحاق بالتعليم العالي حيث يلاحظ الكثير انه لاتتوافر مناهج تعليم حديثة ولاوسائل واليات ايصال للمعلومات والمعارف والمهارات بطريقة سهلة ومبدعة فمازالت مناهج التعليم العالي متأخرة جداً مقارنة بدول العالم المجاور لنا كما أن وسائل واليات التعليم متخلفة ولم تتقدم ومازالت مناهج التعليم العالي غير مدمجة في الواقع العملي فالمناهج في وادي والواقع في وادي اخر وهذا ماصعب من فهمها وحفظها كونها خيالية وبعيدة عن الواقع الملموس ويفترض ان يتم تضييق الفجوة بين مناهج التعليم العالي والواقع الملموس وان يكون التطبيق في الواقع وبحوثات ميدانية معظم مناهج التعليم العالي ترتكز عليها . يستوجب اعادة النظر في مناهج التعليم بشكل عام ووسائلة واليات ايصال المعلومات والمعارف والمهارات بشكل سلس وواقعي بعيداً عن الخيال والتنظير البعيد عن الواقع الملموس . 3- خلل غياب التقييم والرقابة على التعليم العالي : أي عمل او نشاط يغيب عنه التقييم والرقابة المستمرة فمصيرة الانهيار وهذا مايحصل في التعليم العالي الذي تغيب عنها التقييم الواقعي والرقابة المستمرة الذي ترقب أي انحراف او مخالفة او تجاوز وتصحح ذلك الانحراف قبل استفحاله . للاسف الشديد ان التقييم الحقيقي على التعليم العالي والرقابة غائبة جداً ويتحول الجميع الى مطبلين ومشجعين على انحرافات مؤسسات التعليم وانزواء الجميع عن النقد الايجابي لمشاكل وانحرافات التعليم بسبب الخوف من العداوة على قيادات مؤسسات التعليم العالي وهذا خطأ ويستوجب ان يتم اعادة تفعل التقييم والرقابة على مؤسسات التعليم العالي سواء رقابة وتقييم رسمية او مجتمعية شعبية . 4- خلل الجامعات والمعاهد الخاصة المخالفة للشروط والمعايير بسبب التضييق على طالبي الحصول على فرصة التعليم العالي في مؤسسات التعليم الحكومية يضطر اعداد كبيرة من الراغبين في التعليم العالي الى النزوح واللجوء الى الجامعات والمعاهد الخاصة الذي للاسف الشديد بعضها لاتتوافر فيها الرشوط والمعايير المفترضة في مؤسسات التعليم العالي وهذا يتسبب في ضياع اجيال واجيال وتخرج دفعات من تلك المؤسسات وهي خالية من أي معارف او مهارات وتغرق السوق بعمالة فائضة وفاشلة عن القيام باي مهام او وظيفة في اطار التخصص الذي حصلوا على شهادات من مؤسسات تعليم لايتوافر فيها شروط والمعايير الدنيا لمؤسسات التعليم وللاسف الشديد ان هذا الملف الخطير ملف مؤسسات التعليم العالي الخاصة المخالفة للشروط والمعايير لم يتم معالجته بشكل كامل ويتم ترحيلة من عام الى اخر ويتساقط الكثير من طلاب التعليم العالي ضحايا الاهمال وعدم المعالجة والترحيل لتلك الاختلالات فمتى سيتم المعالجة الشاملة كون تلك المؤسسات المختلة تشوه التعليم العالي الخاص وتجعل الكثير يحجم عن الالتحاق بها وبسبب ذلك تتضرر مؤسسات التعليم العالي الخاصة المتميزة الذي تتطابق معايير ها ومواصفاتها مع المعايير والمواصفات القانونية . 5- غياب البحث العلمي : من أهم ابجديات والنتائج المفترضة من التعليم العالي هو البحث العلمي الذي تعالج مشاكل مجتمعية هامه وهذا للاسف الشديد ايضاً غائب بسبب ضعف مؤسسات البحث العلمي وعدم وضع البحث العلمي ضمن اولويات الدولة والمجتمع الذي لن تتقدم أي دولة الا بتطوير البحث العلمي فيها والذي تقوم معظم دول العالم بتخصيص نسبة كبيرة من دخلها القومي للبحث العلمي كونه من يملك البحوث العلمية المتميزة هو من يسيطر على مقاليد ومجالات الحياة الاقتصادية والتجارية واالصناعية وغيرها من المجالات ومن يضعف البحث العلمي فيها تتخلف وتتكاثر المشاكل المجتمعية دون معالجة لعدم تطوير اليات البحث وتحفيز المجتمع للبحث العلمي الذي للاسف يتم صناعة عقبات وعراقيل امام الباحثين لاعاقتهم عن البحث العلمي . 6- موائمة مخرجات التعليم العالي مع احتياجات سوق العمل من أهم اسباب ضعف التعليم العالي وفشلة هو بسبب الاخفاق في ربط التعليم العالي بسوق العمل بحيث تغطي مخرجات التعليم العالي احتياجات سوق العمل حيث تسير مؤسسات التعليم العالي في طريق مختلفة عن طريق واحتياجات وسق العمل ومنها على سبيل المثال لا الحصر احتياجات سوق العمل لتخصصات الهندسة والطب الذي للاسف الشديد مازالت مخرجاتها ضعيفة ولاتغطي احتياجات السوق الوطنية مما يكثف الضغط على عدد قليل من الكوادر ويتسبب في الاخفاق والفشل ويفترض ان يتم اعادة النظر في اليات القبول في تخصصات التعليم العالي ويتم الحد من القبول في التخصصات المشبعة منها ويتم تحفيز قبول الطلاب في التخصصات العلمية المطلوبة والذي يحتاجها السوق الوطنية . ولم يتحقق ذلك الا بموائمة وتنسيق كامل بين التعليم العالي والسوق الوطنية . 7. ضياع المنح الدراسية لم يتوقف خلل التعليم العالي في الداخل بل تفاقم ووصلت اضراره الى خارج الوطن حيث تضيع سنوياً الاف فرص المنح الدراسية بسبب غياب الاهتمام بها وتفعيل اليات ووسائل اتاحة فرص الحصول عليها والذي بالامكان الحصول على نسبة كبيرة من المنح والفرص الدراسية في العالم وتمكين الراغبين بالحصول عليها ومعالجة كافة العوائق الذي تعيق حصولهم على فرصة المنح الدراسية كما ان معظم المنح الدراسية المخصصة لوطننا تضيع لمصلحة ابناء المسؤلين والتجار الذي يتقاسمونها بينهم ويتم حرمان عدد كبير من ابناء الشعب الذي كان بامكانهم الابداع في تخصصاتهم العلمية اذا ما اتيحت لهم فرصة الحصول على منح دراسية وفقاً لمعايير وشروط شفافة وعادلة بعيداص عن الفساد والواساطات الذي حرفت المنح الدراسية لتتحول من فرصة للتعليم والتطوير والتنمية الى فرصة للاستجمام السفر خارج الوطن بلاهدف ولادافع ايجابي . والذي يستوجب دراسة اسباب ضياع فرص المنح الدراسية وغياب الاستفادة الحقيقة منها والذي لو تم الاستفادة من كافة المنح الدراسية لحدثت نهضة عملاقة لوطننا ولكن للاسف الفساد والنفوذ عطل كل شيء بمافيها التعليم العالي . وفي الأخير : نؤكد على خطورة اختلالات التعليم العالي ووجوبية الاهتمام به ومعالجته باعتباره أهم ركائز نهضة الاوطان والذي لاتحقق أي تنمية بلاتعليم عالي ذا جودة عالية ومتاح للجميع للانخراط في التعليم العالي ذو جودة عالية وفقاً لشروط ومعايير الكفاءة بعيداً عن الوساطة والمحسوبية الذي تقتل الابداع والمبدعين وتحصر فرصة الحصول على التعليم العالي في فئة قليلة سواء في داخل الوطن او في منح دارسية خارج الوطن . غياب البحث العلمي والتعليم العالي في وطني يتسبب في تفاقم المشاكل في جميع المجالات بسبب عدم وجود بحوث علمية تشخصها وتعالجها وتسير بوطننا نو مستقبل افضل فلامستقبل بلايتعليم عالي تخصصي يثمر عنها خبرات متفوقة تبني وطن يحتاج لهم . وهنا اتسائل كم هي نسبة المخصصات المالية للبحث العلمي من اجمالي الدخل القومي اذا ماتجاوزت 10% عشرة في المائة فنحن في الطريق الصحيح وان لم تتجاوز نسبة 10000, % واحد من عشرة الف في المائة فهذا خطير جداً وستستمر المشاكل بلا معالجة وسيستمر وطننا في استيراد الخبرات من الخارج الذي لايتوائم مع احتياجات الوطن الحقيقية الذي لايعرفها ويؤمن بها الا أهلها وابناء شعبها المحرومين من حق مواصلة التعليم العالي بكفاءة وجودة عالية اما بسبب النفوذ والاستحواذ على جميع فرص التعليم العالي داخل الوطن او خارجه وحصرها في اشخصا معدودين او الروتين البطيء والممل والجامعات ومؤسسات التعليم الخاص الذي تشكو من ارتفاع اختلالاتها وتحويلها من صروح عملاقة للتعليم والبحث العلمي الى مؤسسات تبحث عن جمع اكثر من المال ولو بطرق غير قانونية وغير واقعية ومنها مواضيع الموازي ونفقة الخاصة والتعليم عن بعد الذي قتل التعليم العالي في وطني في مهده بسبب غرقها بالفلوس ولو على حساب الجودة بسبب انحراف التعليم عن مساره الصحيح بسبب الاختلالات والفساد في ملف التعليم العالي واستمرارية الفشل كون الحق في التعليم العالي ينتهكه الفساد والخلل عضو الهيئة الاستشارية لوزارة حقوق الانسان + النيابة العامة [email protected]