أن كل مقدمات لها نتائج و لكل ثورة مقدماتها فاذا ما حدثت تلك المقدمات كانت النتائج التى توجب حدوث الثورة و اذا ما اردنا ان نمنع حدوث ثورة فعلينا ان نعالج مقدمات و اسباب حدوثها اولا بالاساليب العملية و العلمية و يترتب على ذلك عدم حدوث الثورة و ليس العكس فلا يمكن ان نتخيل علاج خاطىء لاسباب الثورة و ننتظر عدم حدوثها. ما يعيشه و يعانى منه المجتمع و الشعب المصرى الان هو ارهاصات و مقدمات لثورة قادمة. و قبل ان اتطرق واتوغل فى الحديث احب ان اقول و اكرر مقولة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر زعيم الامة العربية و افريقيا من انه قد ذكر بعد قيامة بثورة 23 يوليو العظيمة من انه كان لا ينقصه شىء قبل قيامه بالثورة. ان لم يستجب الرئيس السيسى لمتطلبات هذه الثورة قبل ان تحدث سيكون هو اول ضحاياها و ليس آخرهم . فالبعض يعتقد متوهما ان الشعب المصرى من الشعوب التى تستطيع ان تحيا بالماء و الخبزوحده دون النظر الى متطلبات الحياة الاخرى كالمتطلبات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و الدينية الخ. كمفاجأة طال انتظارها جاءت للمصريين ،عن تظاهرات مناهضة للرئيس المصري في ميدان التحرير وحراك واسع في الميادين الرئيسية بالعديد من المحافظات الأخرى. وامتلأت المحطات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي بالصور وبالبث المباشر لتنقل هتافات بإسقاط النظام ومطالبات رحيل السيسي. إنها فرصةٌ لليسار والليبراليين وأولئك من ذوي النفوذ السياسي أو الاقتصادي لإطلاق حملة للتصويت ب»لا»، ولحماية الناس من البلطجة أو الترهيب في مراكز الاقتراع، اعتماداً على روح الثورة في التنظيم. إنها فرصةٌ لاستعادة لبعض القوة السياسية التي فقدناها. هي أكبر انتفاضة شعبية مناهضة للسيسي وأوسعها انتشاراً منذ توقف الفعاليات الكبرى الداعمة للشرعية منذ نحو خمس سنوات، وإن كانت تمتاز عن هذه الأخيرة بكونها أكثر تنوعاً وتعبيراً عن قطاعات أوسع من المصريين. هناك مؤشرات عدة تشير إلى ضلوع أجهزة أمنية أو بعض قياداتها في التخطيط لهذا المشهد، أو التواطؤ معه على الأقل، وأهمها مؤشران: ترتيب ظهور محمد علي، المقاول والفنان المنشق عن النظام، ورسائله السياسية التي يرسلها بعناية، وطريقة تصعيده أمام الرئيس المصري وإدارته للأحداث، وثانياً أن سلوك الأجهزة الأمنية مع المتظاهرين كان أقل قمعاً وأقل ارتباكاً من المعتاد، مما جرأ المتظاهرين على التوافد على الشوارع. يتضح من رسائل محمد علي أن المقصود هو السيسي وعائلته بشكل حصري ومباشر، وأن ذلك لن يتبعه استهداف لمؤسسات أو الانتقام من قيادات أخرى، لكن من غير المؤكد إن كان الهدف هو الإطاحة بالسيسي أم فقط ممارسة ضغوط عليه من هذه الأطراف لإحداث تغيرات في النظام السياسي أو تقديم بعض التنازلات لبعض الأجهزة والمؤسسات بعد إثبات ضعف وفشل الأجهزة المنافسة. ما الذي دفع هذه الأجهزة أو هذه القيادات إلى التدخل بهذا الشكل للإطاحة بالسيسي أو إضعافه في هذا الوقت بالذات! حالة ارتباك تتحدث عن رفض محمد بن زايد لاستقبال اسرة الرئيس عبدالفتاح السيسي والانباء ايضا تتحدث ان الشيخ محمد رافض استقباله ايضا، وأن يرمي الرئيس عبدالفتاح السيسي في ملعب السعودية ، في حال هروبه من مصر ، وعليه ان لايغلق خط العودة معه ، والانتظار الى ماستؤول عليه الامور. الأمر غير واضح: ربما اعتراضاً على سيطرته هو وابنه ورجاله المقربين على الأجهزة الأمنية بطريقة شكل لها استفزازاً أو إهانة، وربما غضباً من سوء إدارته لملفات حيوية مثل أزمة سد النهضة أو الإرهاب في سيناء أو الملف الاقتصادي، أو أن ذلك في سياق التنافس المؤسساتي الذي لم يحسن السيسي قراءته أو تعامل معه باستخفاف. حتى الآن تبدو الأجهزة الداعمة للسيسي فعالة، الخطاب الإعلامي سواء في الإعلام الخاص أو الرسمي لم يتغير، وهناك قبضة أمنية مازالت تمسك بزمام الأمور، اتصالات مكثفه بين الأجهزة الامنيية في أبوظبي والاستخبارات السعودية ، للوقوف على تصريحات متقاربة ، عما يجري في مصر والاجهزه الامنية ستقوم بتوجيه تصريحات وزراء خارجية الدولتين لما لها من حساسية الوضع الراهن. وتواصل مباشر مع الشاباك الاسرائيلي لمعرفة المستجدات اول باول ، ومعرفة مايلزم اتخاذهكما أن سلوكه -بالسفر في مثل هذا التوقيت إلى خارج البلاد- ينم عن أنه مازال مطمئناً إلى موازين القوى، سيتحدث السيسي في اقرب فرصة ممكنه ، موجهه لمؤيديه ، وذلك بعد الحصول على بعض التأكيد من بعض القيادات العسكرية المواليه له. لأن الاحتمال الآخر وهو أنه تم تضليله بالكامل من قبل مؤسساته يبدو مستبعداً. الظرف الإقليمي والدولي يبدو مرتبكاً، وكثير من اللاعبين الإقليميين منشغلون بقضاياهم الأخرى، ورغم أن حلفاء السيسي الثلاث الأساسيين في الإقليم في أوضاع غير مستقرة (نتنياهو بسبب انتكاسته في الانتخابات الأخيرة، والسعودية بسبب التصعيد الإيراني ضدها، والإمارات بسبب تراجعها في ليبيا واليمن) لكن لا أظن أن أيا من هذه الأطراف – مهما كان انشغالها – سيترك حليفه الأهم في مثل هذه الظروف، أو يعجز عن محاولة التدخل للتأثير على تداعيات الأحداث في مصر حاليا تبدو كل الخيارات مفتوحة، بدءا من وأد الحراك بشكل كامل إلى حدوث ثورة شعبية واسعة، ورغم أن الأحداث تبدو حتى الآن تحت السيطرة وتسير وفق خطة مرسومة إلا أن احتمال حدوث مفاجآت غير متوقعة أمر وارد بشدة في مثل هذه البيئة المعقدة والسائلة، وقد يكون تصرفات رجل الشارع العفوية غير المحسوبة هي التي ستحدد مسار الأحداث في قابل الأيام.