صنعاء - شاكر أحمد خالد: طرحت أحزاب اللقاء المشترك مؤخرا فكرة إنشاء حكومة ظل تضطلع بها أحزاب المعارضة بحسب ما هو معمول به في بعض الديمقراطيات الناضجة.. حكومة الظل التي أكد مصدر قيادي في أحزاب المعارضة ل"ناس برس" بأنها ما تزال مجرد فكرة ودراسة قابلة للنقاش وردود الفعل. وتعني بحسب تعريف دليل المصطلحات السياسية قيام الحزب المعارض الرئيسي بتشكيل ما يشبه الحكومة من بين أعضائه داخل البرلمان فيكون شخص من الحزب مسؤولا عن شؤون الصحة وأخر عن شؤون الخارجية وثالث عن الكهرباء إلى غيرها من المناصب الرئيسية في الحكومة بحيث يختص كل واحد من هؤلاء بمراقبة سلوك نظيره في الحكومة الأساسية وتقييمه، كما يعد الحزب المعارض أعضاء حكومة الظل لديه لتولي نفس المناصب في حال فوزه بالانتخابات. علي الصراري رئيس دائرة المنظمات الجماهيرية في الحزب الاشتراكي اليمني كان قد كتب مقالين متتاليين نشرا في صحيفة الثوري أشار فيهما إلى هذا الموضوع، مؤكدا ان حكومة الظل ستشكل إضافة مهمة للنظام السياسي وتطوير مضامينه، وفي نفس الوقت ستشكل تطورا نوعيا يرتقي بأداء المعارضة واغناء دورها في إطار النظام السياسي. لكن أول رد على هذه الفكرة جاء في الصفحة الأخيرة لجريدة "الميثاق" المعبرة عن لسان حال المؤتمر الشعبي العام، إذ اتهمت الصحيفة صاحب الفكرة بالجنون، وتساءلت عن الأشخاص الذين سوف يشكلون هذه الحكومة وموقعه الشخصي فيها. وأضافت تقول "أنه الجنون بعينه الذي يشاطره فيه بقية زملائه من عباقرة التآمر المشترك وفي مقدمتهم محمد قحطان وعبد الكريم الخيواني ومحمد الصبري ومحمد المقالح وأمثالهم ممن يعيشون في نفس الوهم ويتخيلون في أنفسهم القدرة على تغيير العالم وشقلبة الكون كله .. ان المرء ليشفق على أحوال هؤلاء الواهمين المأزومين الذين يبرهنون كل يوم على حاجتهم الماسة والعاجلة إلى الدخول في مصحات نفسية لمعالجة تلك العلل والأمراض التي يعانون منها في أجسادهم وعقولهم." إلا أن الصراري اعتبر في تصريحه ل"ناس برس" ان ما ورد في صحيفة الحزب الحاكم يعبر عن سياسة ثابتة في المؤتمر الشعبي العام لم تفارقه بعد، من حيث التزام الخط الثابت في مهاجمة المعارضة والتشكيك بكل ما يأتي منها، بل وممارسة نوع من الإساءات والاتهامات ضدها. ومع تأكيده على ان حكومة الظل ليست موضع اتفاق بين السلطة والمعارضة، فقد طالب الحكومة الحالية بأن تقبل بوجود حكومة الظل وتتعامل معها، وتمكنها من المعلومات التفصيلية، وفي نفس الوقت يجب عدم النظر إلى هذه الحكومة بأنها فكرة انقلابية او أنها تسعى للإطاحة بالنظام السياسي " ولكن الآن بعد الانتخابات الرئاسية وبعد ان أثبتت المعارضة بأنها شريك وطني وسياسي حقيقي وليس مفتعلاً، على الحكومة الحالية ان ترتقي بمستوى التعامل مع وظيفة المعارضة والتي تشكل حكومة الظل جزءً من وسائلها." وحول سؤاله، ألا يفترض ان تمارس الأحزاب السياسية في هيئاتها الإدارية وظيفة هذه الحكومة، قال الصراري " هذا طبعا يفترض من الناحية النظرية خاصة وان الأجهزة الإدارية والفنية للأحزاب شبيهة إلى حد ما أو مقابلة للتكوينات الحكومية، ولكن الفارق هنا ان حكومة الظل ستكون بشكل ارقى وستتجاوز العموميات إلى الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة جدا، كما ان حكومة الظل ستجعل معارضتنا اكثر واقعية وملموسية لأننا سنتحدث في تفاصيل التوجهات والسياسات والخطط الحكومية وسنراقب بدقة ما تعمله الحكومة، وسنكون مطالبين بأن نقول هنا الصح وهنا الغلط." موضحا انه من المهم جدا ان تتعامل السلطة بجدية مع موضوع حكومة الظل، لانه في حال قامت الحكومة الأساسية بحجب المعلومات عن حكومة الظل ستكون هناك صعوبة حقيقية في أداء مهامها. كما ترى المعارضة ان حكومة الظل هي إحدى البدائل المطروحة امام اللقاء المشترك فيما يتعلق باضطلاعه بدور فعال في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وما يمكن ان يعنيه هذا الأمر من خلق معارضة تنخرط في كافة المجالات الصحية والتعليمية وغيرها. وفيما أكد رئيس الهيئة التنفيذية لأحزاب اللقاء المشترك بأن لدى أحزاب المعارضة حكومة ظل مشكلة من قبل وهي غير معلنة. وقال محمد قحطان في تصريحات صحفية ان " حكومة الظل تعد شيئا طبيعيا لان ذلك من مهمة أحزاب المعارضة في الأنظمة التعددية، حيث من الطبيعي ان تكون لديها حكومة ظل لمهام كثيرة منها المساءلة والمحاسبة داخل مجلس النواب." مشيرا إلى ان حكومة الظل المشكلة لديها ملفات عن كل وزارة ولمتابعة كل القضايا. وأوضح الدكتور ياسين سعيد نعمان، أمين عام الحزب الاشتراكي، ان حكومة الظل إحدى البدائل المطروحة امام اللقاء المشترك حتى لا يكون عمل أحزابه عملا إعلاميا عاما. ويقول نعمان : "هو نوع من تقسيم العمل في إطار المعارضة بحيث يمكنها التعرف على القضايا المختلفة وبعد ذلك لا يهم ما سيكون اسمها.. حكومة ظل أو وزارة على ان يكون المضمون في التخصص، وهو ما كانت المعارضة تنتقد في ان عملها إعلامي فقط." الحكومة لا تتناسب مع واقع اليمن: وخلافا لرؤية أحزاب المعارضة حول الموضوع، يرى الدكتور عبد الله الفقيه - أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء - ان أحزاب اللقاء المشترك تحتاج خلال المرحلة القادمة إلى تطوير أدائها بمختلف الأساليب وبطريقة تعكس للناس درجة معينة من مماثلة اللقاء المشترك لمؤسسات الدولة. لكنه يقول في تصريحه ل"ناس برس": "لكني لا اعتقد ان فكرة حكومة الظل تتناسب مع واقع الجمهورية اليمنية لعدة أسباب. أولا، فكرة حكومة الظل في الديمقراطيات المستقرة تهدف إلى تحقيق درجة معينة من التخصص في العمل، كما تهدف أيضا إلى خلق القيادات وتطوير الخبرات وإعداد الكوادر المؤهلة لتولي المواقع المختلفة في الدولة عن خبرة وتجربة، فوزير المالية في حكومة الظل مثلا يصبح المرشح الأول لشغل المنصب في حال وصلت المعارضة إلى السلطة. بالنسبة للوضع في اليمن فلا اعتقد ان المعارضة ستتسلم السلطة في وقت قريب مثل السنة القادمة أو التي بعدها". وأضاف "ثانيا، تنشأ حكومة الظل عادة داخل البرلمانات وليس خارجها وفي ظل توازن معقول للقوى الممثلة في البرلمان وليس كما هو عليه الحال في الجمهورية اليمنية حيث يوجد اختلال كبير في توزيع القوة بين السلطة والمعارضة.. وثالثا، تحتاج حكومة الظل كي تنجح إلى توفر شروط موضوعية مثل حق الحصول على المعلومات وحرية امتلاك وسائل الإعلام بمختلف وسائلها ووجود قضاء مستقل وبنك مركزي لا يتبع السلطة، إلى غير ذلك من الشروط التي لا تتوفر في الجمهورية اليمنية." ويضيف: "أنا لست ضد حكومة ظل يشكلها اللقاء المشترك لكني أخشى وفي ظل غياب الاستقرار السياسي ان تؤدي الفكرة إلى خلق حساسيات أو خلق حقوق مكتسبة أو تكريس ثقافة توزيع المناصب سواء في السلطة أو المعارضة، كما أخشى ان تجد أحزاب المعارضة في الفكرة مجالا للهروب من الاستحقاقات النضالية التي عليها القيام بها لخلق التوازن السياسي المطلوب". وفيما كانت قيادات في المؤتمر الشعبي العام فضلت عدم إبداء رأيها في الموضوع حتى تتضح رؤية المعارضة حول حكومة الظل ومطالبها من هذه الحكومة، بحسب تعبير هذه القيادات ل"ناس برس" نسب الموقع الرسمي للمؤتمر الشعبي العام إلى الأمين العام المساعد سلطان البركاني قوله أن حكومة ظل التي تطالب بها المعارضة مجرد أحلام. إلى ذلك أكد رئيس دائرة الفكر والثقافة والإعلام بالمؤتمر الشعبي العام طارق الشامي ان من حق المعارضة ان تمارس أي نشاط يكفل لهم تقديم أنفسهم للمجتمع وفي إطار الدستور والقانون، وتمنى ان تكون لدى المعارضة بدائل حقيقية سواء من خلال حكومة الظل أو من خلال ما يتم تقديمه من رؤى وأفكار حول القضايا التي ترى فيها مخالفة أو قصور. وقال الشامي في تصريحه ل "الجزيرة نت": إننا في المؤتمر الشعبي العام نمد أيدينا لكافة القوى السياسية الحريصة على نمو البلاد وتنميته، سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي والثقافي، وبعيدا عن المناكفة السياسية والمزايدات الحزبية". لكنه أشار إلى أن المعارضة قد شاركت في الحكم وقد جربها الشعب اليمني سواء خلال الحكومة الائتلافية بين المؤتمر والاشتراكي عقب قيام الوحدة أو الائتلاف الثلاثي الذي ضم المؤتمر والاشتراكي والاصلاح، ولكن للأسف لم تكن قادرة على ممارسة مهامها بالشكل المطلوب، وبما يلبي تطلعات وطموحات الجماهير اليمنية.