صعد حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في اليمن من حملته الهادفة إلى حشد تأييد النخب السياسية المستقلة والمنظمات الحقوقية لقانون تحديد سن زواج الفتيات، والذي قوبل برفض التيار المتشدد في حزب التجمع اليمني للإصلاح ، أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد. وانتقد رئيس مجلس الشورى اليمني عبدالعزيز عبدالغني "الأصوات المتشددة" الرافضة لتحديد سن زواج الفتيات، معتبرا أن إصدار القانون المحدد لسقف الزواج القانوني للفتيات ب 17 عاما بات يمثل ضرورة ملحة في ظل تفاقم تداعيات ظاهرة زواج القاصرات والتي وضعت اليمن في صدارة الدول الأكثر في معدل وفيات الأمهات. وانتقد عبدالغني في ندوة نظمها معهد الميثاق التابع لحزب المؤتمر الشعبي الحاكم الدعوات التي أطلقها حزب التجمع اليمني لمناهضة القانون المحال للبرلمان والمتضمن تحديد سن زواج الصغيرات ب 17 عاما وتكريس منابر بعض المساجد للترويج لفتاوى تحرم إقرار هذا القانون، معتبرا أن هذه الدعوات تفتقد للحد الأدنى من الموضوعية ولا ترتكز على سند شرعي صحيح. واستعرضت الندوة عدداً من الفتاوى الشرعية منها فتوى جماعية أصدرها كبار علماء المسلمين أشادت فيها بالقانون المحال إلى البرلمان اليمني والمتضمن تحديد سن زواج الفتيات ب 17 عاما باعتبار أن مضمونها يحقق مصلحة عامة تتمثل في الحد من التداعيات الصحية الناجمة عن زواج القاصرات. من جهته هاجم القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام أحمد عبيد بن دغر حزب التجمع اليمني للإصلاح، معتبرا أن موقفه المتشدد إزاء تحديد سن زواج الفتيات يكشف عن التوجهات الأيديولوجية الحقيقية للحزب والقائمة على التشدد وتكريس الدين في المزايدة السياسية. واعتبر النائب في البرلمان شوقي القاضي أن إفتاء بعض العلماء بجواز تزويج الصغيرات استند إلى اعتبارات ومعايير مشددة من أهمها أن يكون الزواج محققا لمصلحة، معتبراً ان "زواج الصغيرات لغير المصلحة غير منعقد من الأصل ويجب على الحاكم التفرقة بين الصغيرة ومن يتزوجها". وشهدت الأسابيع القليلة الماضية حالة غير مسبوقة من الجدل والمعارك الكلامية في أروقة البرلمان اليمني عقب تصعيد كتلة حزب التجمع اليمني للإصلاح المنضوية في إطار كتلة أحزاب اللقاء المشترك لموقفها الرافض لمناقشة وإقرار قانون يحدد سن زواج الفتيات في اليمن ب 17 عاما وفرض عقوبات تتراوح بين السجن والغرامة المالية على كل ولي أمر تثبت مخالفته لنصوص القانون الجديد. وقوبل القانون بانتقادات حادة وجهها نواب في كتلة حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم للحزب واتهامات وصلت إلى حد اعتبار موقف حزب الإصلاح المناهض للقانون المحال من الحكومة للبرلمان أنه " تكريس للدين في خدمة أهداف سياسية ضيقة" ، قبيل أن تنتقل المعارك الكلامية إلى الصالات المغلقة عبر تنظيم كلا الجانبين لندوات وفعاليات تروج لمواقف كل منهما من القانون المثير للجدل. وترى الناشطة في منظمة "صحفيات بلا قيود" توكل كرمان أنه "يجري تداول مشروع قانون زواج الصغيرات بحذر وعلى استحياء من قبل أعضاء مجلس النواب والذين يفترض أنهم رعاة حقوق الإنسان في اليمن، وبالتوازي وبصوت مرتفع يجري ضخ أكوام هائلة من الغثاء ترى في الدعوة لسن قانون يحظر زواج القاصرات دعوة للعهر المبكر". وقالت إن "الرافضين لهذا الزواج ومن يساندهم من العلماء والمشتغلين بالدعوة والفكر الإسلامي ذوو حظوظ متدنية من الروحانية والالتزام".