انتقلت المعركة الحامية بشأن تحديد سن زواج الفتيات في اليمن من تحت قبة البرلمان ومنابر المساجد ومظاهرات المؤيدين والمعارضين من المتشددين ، الى الساحة السياسية اذ خرجت قيادات في المؤتمر الشعبي العام الحاكم وان متأخرا وعلى استحياء عن صمتها وبعد اشهر من الجدل للاصطفاف بجانب المطالبين بسن قانوني لزواج القاصرات ، باعلان عدم إبقاء هؤلاء المؤيدين فريسة وضحايا للمتربصين . وكان خطباء مساجد تابعين للتجمع اليمني للاصلاح المعارض شنوا هجوماَ عنيفاَ في خطب الجمعة المنقضية بعديد من مساجد اليمن ضد مؤيدي تعديلات قانونية تضمن سن 18 لزواج الفتيات ، ووصف متشددين من هؤلاء الخطباء ، المؤيدين ب" دعاة الفسق والفجور " لكونهم "يتبنون تطبيق اتفاقيات الكفرة واسقاطها على المجتمع اليمني المسلم" ، معتبرين ان كل من يدعو لتحديد سن الزواج انما يروج للدعارة والفجور والاختلاط - حد زعمهم . كما شددوا على اولياء الامور الخروج لرفض هذا التشريع الذي وصفوه ب" منكر يستهدف الاسرة المسلمة ويسعى الى تفكيكها طبقاَ لدعوات غربية" . وفي ندوة عقدتها صحيفة الميثاق لسان حال الحزب الحاكم السبت بصنعاء ، قال رئيس مجلس الشورى عبد العزيز عبد الغتي ان عدم تحديد سن معين للزواج، ليس من مصلحة الفتاة القاصر، ولا المجتمع، ولا الوطن الذي يحتاج الى أمة تتمتع بالصحة والعافية والرشد، لتنهض بأعبائه لا لتضيف أعباء عليه ، موضحا ان عدم تحديد سن للزواج سيبقي الفتاة القاصر، ضحية مباحة، لكل متربص بالزواج منها، بغض النظر عن فارق السن وشرط الكفاءة. الندوة العلمية بعنوان (الأدلة الشرعية والصحية والاجتماعية على جواز تحديد سن الزواج) شهدت حضور كثيف لمختلف اولوان الطيف السياسي والمدني أكد فيها رئيس الشورى على مسئولية الجميع تجاه هذه القضية بالغة الأهمية،معتبراَ أن توجه مجلس النواب، نحو تعديل قانوني، يسمح بتحديد سن الزواج، لن يخرج عن منهج الشريعة الإسلامية ، ما دام يرمي الى تأكيد مقصد شرعي معتبر، يتمثل في ضرورة بلوغ الفتاة او الفتى سن الرشد، أي سن التكليف، شرطا قانونيا للزواج. واعتبر " عبد الغني" تنظيم صحيفة الميثاق لهذه الندوة قبيل أيام من تصويت مجلس النواب على قانون تحديد سن الزواج، دليل على الاهتمام الذي يوليه المؤتمر الشعبي العام بقضايا الأسرة منذ وقت مبكر باعتبارها الأساس المتين لرقي وتطور المجتمع اليمني، مشيرا كذلك إلى إفراد المؤتمر حيزا واسعا في أهدافه وخططه وبرامجه لقضايا الأسرة ، مستشهدا بمضامين البرنامج الانتخابي لفخامة الأخ علي عبدالله صالح – رئيس الجمهورية – رئيس المؤتمر الشعبي العام. وقال : كما أن قيام صحيفة (الميثاق) بتنظيم هذه الندوة المهمة شاهدا على اهتمام المؤتمر الشعبي العام بقضايا الأسرة والتعبير عن همومها وتطلعاتها والسعي للارتقاء بها وتوفير كافة الضمانات الشرعية والقانونية والصحية والاجتماعية التي تكفل لها البناء القويم، مؤكدا أن تحديد سن الزواج من أهم المسائل الأولية والأولوية التي تتأسس عليها الأسرة السعيدة التي تعد نواة للمجتمع الصالح ، وأضاف: (وعلى هذا الأساس، يجب أن يكون واضحاً، بأن تأييد الحاضرين في هذه الندوة لتحديد سن الزواج، لا يمثل مجابهة مع ما يقضي به الدين الحنيف، وليس إنكارا لما علم منه بالضرورة.). وقال: (لا أعتقد أن عاقلا يستطيع أن ينفي وقوع الظلم في زواج القاصرات، فالقاصر إذا وقعت ضحية زواج كهذا فإن ذلك يعني أنها لم تستشر في مستقبلها، هذا إذا كان سنها يسمح لها أصلاً بإدراك مصلحتها).وهي مسئولية يتحملها بالضرورة ولي الفتاة القاصر، الذي ينبغي عليه أن يتحرى مصلحتها، كشرط لصحة ولايته عليها، وإلا سقطت ولايته، كما يرى الفقهاء. وأضاف مخاطبا المعارضين لتحديد سن للزواج:(ألا يعني لكم أيها المعارضون ذلك شيئا، ألا تحرم الفتاة القاصر، بسبب زواجها المبكر من حق قانوني ملزم، هو التعليم؟!!). الأمين العام المساعد لقطاع الفكر والثقافة والإعلام والتوجيه والإرشاد بالمؤتمر الشعبي العام الدكتور/ احمد عبيد بن دغر قال:( إذا اعتبرنا هذه القضية فرعاً، من فروع الشريعة، وهي ليست كما يبدو لي كذلك). وأضاف بن دغر متسائلا:(على أي حال هل يحق لنا أن نبحث في قضايا لا يحكمها نص واضح، أو سنة متفق عليها.. بعد أربعة عشر قرناً هل يبقي باب الاجتهاد مغلقاً .. وهل هذه قضية دينية بحته أم دنيوية.. وإذا كانت كذلك( دنيوية) أليس درء المفاسد مقدماً على جلب المصالح.. أليس هو القائل( صلى الله عليه وسلم) أنتم أعلم بأمور دنياكم في حديث آخر). وشهدت الندوة مداخلات ونقاشات ساخنة بين فقهاء وقيادات في منظمات مجتمع مدني حيث اتهم أحد الفقهاء منظمات مثل اللجنة الوطنية للمرأة بترويج لدعوات انفتاح غربي تتبناها عبر اتفاقية السيداو التي تبيح الاختلاط والدعوة للفسق والفجور لفتيات المسلمين ، في حين عبر الناشط الاصلاحي شوقي القاضي -الذي يعارض حزبه (التجمع اليمني للاصلاح الديني ) في تبنيهم عدم تحديد سن للزواج- عبر عن اسفه لوجود مثل هذا التفكير الذي وصفه ب"المتخلف" منتقداَ هذه العقليات التي قال انها "لا تقبل بالراي الاخر وبوجهات النظر الاخرى "، فيما شهدت الندوة عرض بالرسوم الاضرار الكبيرة طبيا لزواج الفتاة واختناقاتها المميتة أثناء الولادة ، حيث لا يتحمل جسمها إفرازات الحمل وتكون النتيجة الوفاة . وكانت تظاهرات لمئات اليمنيات المطالبات بتحديد سن الزواج وأخرى لمعارضة القانون الذي لا يزال في أروقة مجلس النواب ولا زال الجدل دائراَ بين منظمات المجتمع المدني ومتشددين في حزب التجمع اليمني للاصلاح المعارض ، قبل أن يدخل المؤتمر الشعبي العام على خط الجدل الساخن حول سن زواج الفتاة .