سجل الطب الحديث انتصارا تاريخيا أمس الأول الجمعة عندما نطق شاب في الثلاثينيات من عمره بأول كلمات له منذ خمس سنوات ولكن بشفتي غيره وكان الرجل قد فقد انفه وفكه. أما مكان الفم فقد تحول إلى مجرد ثقب تحفه الندبات، ولكنه دخل التاريخ من أوسع أبوابه عندما أصبح أول شخص في العالم تجرى له زراعة وجه كامل. وقبل العملية، لم يكن الرجل، وهو مزارع في الثلاثينيات من عمره، يستطيع أن يتنفس أو يبتلع أو يتكلم. وكان الشاب المسكين قد نسف معظم أجزاء جسمه بما في ذلك انفه ببندقية من خمس سنوات. ومنيت تسع عمليات سابقة لإعادة بناء وجهه بالفشل الذريع. وشارك في العملية الجراحية التي أجريت بستشفي فال دهبرون ببرشلونة 30 جراحا وأطباء تخدير وخبراء طبيون آخرون. وتلقى الرجل الذي لم يُكشف النقاب عن اسمه أعضاء جديدة شملت عضلات وجه وجلد وانف ولهاة وعظام خد. وأجريت عملية زراعة الوجه الكامل في العشرين من شهر مارس الماضي ولكن تفاصيلها نشرت مؤخرا. وتفيد التقارير بان الرجل يتعافي جيدا وسمح له برؤية وجهه الجديد. وقال جوان بيري باريت، رئيس قسم جراحة التجميل: «للمريض ندبات على جبهته وعنقه ولكنها ستختفي في المستقبل. ولقد رأى وجهه عندما طلب منا ذلك بعد أسبوع من العملية وكان رد فعله جيدا، قائلا انه راض عن النتيجة». وعلى الرغم من أن الرجل تلقى وجه شخص آخر إلا انه لن يحمل ملامح المتبرع الذي توفي في حادث مروري. وعلى العكس، فان وجهه الجديد سيكون هجينا بين وجهه الأصلي والوجه الجديد وسيحمل شبها للوجهين. وسيبقى المريض في المستشفي لشهرين مقبلين. واكبر مصدر قلق للأطباء حاليا أن يرفق جسم المريض وجهه الجديد. ولذلك فإن المريض سيتلقى أدوية قوية مثبطة للمناعة طوال حياته ومن ثم سيواجه خطرا متزايدا في الإصابة بالسرطان وأمراض أخرى مثل السكري. كما أن المريض الذي تعرض لصدمة خطيرة، وخضع لعدة عمليات جراحية، سيعاني الأمرين وهو يحاول أن يتكيف نفسيا مع آثار فقدان هويته. ومع ذلك فان الكثيرين يرون أن مثل هذه المخاطر لها ما يبررها. ومن هؤلاء الجراح البريطاني بيتر بتللر الذي كان يأمل في إحراز قصب السبق في إجراء أول زراعة وجه بالكامل في العالم بمستشفى رويال فري بلندن، الذي يقول إن هذه التقنية يمكن أن تفيد الملايين في المستقبل ويضيف: «هناك ربع مليون شخص في بريطانيا وحدها يعانون من وجوه مشوهة فشلت الجراحة في إعادة بنائها. ونوعية حياة هؤلاء متدهورة وانهم نادرا ما يغادرون منازلهم. انهم يعيشون في الظل ويتوارون عن الانظار». ويمضي الدكتور بتللر قائلا: «لا احد يقلل من شأن التحديات امام في ما ينبغي علينا ان نفعله، ولكن اذا تكللت عملية زراعة الوجه بالنجاح، فانها ستكون اول خيار يمكن ان يقدم لاولئك الذين يعيشون في العتمة. انها ستتيح لهم الفرصة لان يمشوا في الشوارع مجددا في ضوء النهار دون ان يلفت انتباه احد اليه». المصدر : الرياض السعودية الدكتور باريت مع صور إشعاعية لوجه المريض قبل الجراحة