وجه أهالي مدينة زبيد التاريخية بمحافظة الحديدة اليمنية – إحدى مدن التراث العالمي - بنداء استغاثة للسلطات ، طالبوها فيه بالتدخل العاجل لوقف ما وصفوه " محاولات تفضي إلى القضاء عليها و تحويلها لملكية خاصة لبعض أصحاب النفوس المريضة ، بحسب رسالة بعثوا بها إلى " التغيير " . و جاء في رسالة الأهالي " رغم محاولاتنا المستميتة و لجوئنا للجهات المختصة ، ثم القضاء وصولاً للنائب العام تصاعدياً و رغم صدور توجيهات قضائية بمعاقبة المعتدين إلا أن المنطقة لا تزال تحت نيران غضب هؤلاء المستقويين ، و لا زلنا نتعرض لتحرشاتهم و تهديداتهم لنا " . و كانت وقعت وزارة الثقافة اليمنية في 2002 على ثلاث اتفاقيات، لانقاذ مدينة زبيد التاريخية، والحفاظ على طابعها المعماري المتميز، اذ تضم هذه المدينة اكبر عدد من الاثار الاسلامية في البلاد. والاتفاقيات الموقعة بين وزارة الثقافة وبرنامج التراث الثقافي الحضري الممول من الحكومة الهولندية، تنص الاولى منها على انشاء صندوق للطوارئ، مهمته تقديم القروض الميسرة، لاصحاب المنازل ذات القيمة التاريخية من المدينة، لتمكينهم من ترميمها وصيانتها وفقا للنمط المعماري الاصيل للمدينة. وستقدم الحكومة الهولندية في هذا السياق مبلغ 50 الف دولار كنواة لتأسيس هذا الصندوق، والذي يتوقع دعمه من قبل الحكومة اليمنية والدول المانحة. وتنص الاتفاقية الثانية على انشاء محارق تقليدية للآجر (الطوب) والمواد التقليدية الاخرى بمبلغ مليون ريال «يمني،لتوفير مواد البناء اللازمة لصيانة المباني التاريخية، بعد ان ظل هذا الامر معضلة على مدى السنوات الماضية، جعلت المواطنين يلجأون لاستخدام مواد البناء الحديثة بكل ما فيها من تشويه وطمس للمعالم التاريخية. اما الاتفاقية الثالثة فتتضمن اقدام الحكومة الهولندية على ترميم أحد المباني التابعة للاوقاف بالمدينة واستغلاله كمقر لوحدة تنسيق الحفاظ على مدينة زبيد خلال فترة عمل البرنامج. ويجد المسؤولون في الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية وبرنامج التراث الثقافي الحضري والهيئة العامة للآثار والمتاحف والمخطوطات، انفسهم الان في سباق مع الزمن، لتسريع جهود الحفاظ على مدينة زبيد بعد ان اصبحت ابرز معالمها وآثارها عرضة للاندثار. وكانت زبيد، التي يرجع تاريخها الى بدايات القرن الهجري الاول قد ادرجت ضمن قائمة التراث الانساني العالمي، الذي تشرف عليه منظمة اليونيسكو، الى جانب مدينتي صنعاء القديمة وشبام في حضرموت عام 1993، لاعتبارات عديدة، اهمها الطابع المعماري التاريخي والمميز للمدينة، وما تضمه من آثار ومعالم تاريخية بالغة الدلالة والاهمية. وحسب عبد الكريم السالمي مدير مكتب الاثار بمدينة زبيد، فان ابرز ما يهدد الطابع المعماري للمدينة التاريخية، البناء العشوائي واستخدام مواد البناء الحديثة كالاسمنت والحديد في عمليات ترميم المباني القديمة، الى جانب غياب الضوابط التي تحمي الطابع المعماري والتاريخي للمدينة من هجمة الامتدادات السكنية الحضرية، وما يمثله ذلك من مساس وطمس للبعد التاريخي والاثري لزبيد. هذا، وتضم زبيد اكثر من 86 مسجدا ومدرسة اسلامية، يرجع تاريخ معظمها الى العقد الاول من القرن الاول للهجرة، بالاضافة لمئات المنازل القديمة وعدد من القلاع والحصون التي هي جزء من العمارة العسكرية الاسلامية، والابواب التاريخية والمكتبات التي تحوي آلاف المخطوطات النادرة والمصاحف التي يزيد عمر بعضها عن الف سنة. وتشمل جهود الحفاظ على مدينة زبيد وضع حد لاعمال نهب وتهريب المخطوطات القديمة على يد عصابات الاثار، والتي استنزفت تراث هذه المدينة بصورة لافتة ومثيرة للقلق خلال السنوات العشر الماضية.