شرعت الحكومة اليمنية في اتخاذ سلسلة من التدابير والإجراءات الاقتصادية والمالية والمعيشية التي تستهدف تهدئة الشارع اليمني في ظل استمرار التظاهرات التي تشهدها العاصمة صنعاء ومدن أخرى مطالبة بإصلاحات تطيح برموز الفساد وتوفر فرص عمل للشباب وتضع حداً للارتفاع الجنوني في أسعار السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية. وأكدت وزارة الخدمة المدنية اليمنية أنها ستوفر هذا العام 60 ألف فرصة عمل لخريجي الجامعات اليمنية، من بينها 48 ألف درجة وظيفية وفقاً لتوجيهات الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بتوفير 25% من الخريجين المسجلين لدى وزارة الخدمة المدنية والبالغ عددهم 192 ألف خريج. وقال نائب وزير الخدمة المدنية نبيل شمسان ل"العربية.نت" إن صندوق دعم الخريجين الذي وجه الرئيس صالح بإنشائه سيتم من خلاله اعتماد 10 آلاف وظيفة في إطار الموازنة العامة للدولة لعامي 2011/2012, مضيفاً أن هذه الدرجات ستسهم بشكل مباشر في الحد من البطالة بنسبة 30% في أوساط الخريجين، وأنه سيتم استيعاب بقية الخريجين عبر الصندوق المشار إليه خلال السنوات القادمة. وفي إطار ما عزاه محللون وخبراء سياسيون واقتصاديون إلى تأثيرات أحداث مصر وتونس كان الرئيس اليمني قد أعلن في وقت سابق عن زيادة في مرتبات وأجور العاملين في القطاعين المدني والعسكري والمتقاعدين وتنفيذ الاستراتيجية الثالثة للأجور والمرتبات, كما وجه بإطلاق العلاوات الخاصة بموظفي الدولة عقب تطبيق استراتيجية الأجور, إضافة إلى إقرار الحكومة تخفيض ضريبة الدخل على الموظفين بنسبة 50%. ولمعالجة أوضاع الفئات والشرائح الاجتماعية الأشد فقراً أقر مجلس الدفاع الوطني الذي يرأسه الرئيس صالح اعتماد 500 ألف حالة ضمان اجتماعي جديدة، ليصل عدد الفقراء الذين تقدم الحكومة اليمنية معونات شهرية لهم نحو 3 و5 ملايين مواطن. كما أقر ترشيد الإنفاق الحكومي وتقليص سفريات المسؤولين والوزراء غير الضرورية والسماح فقط بالمشاركات الخارجية ذات الأهمية, ووجه الحكومة بخفض حصة الوزراء والمسؤولين من الوقود وبدل المواصلات بنسبة 25%. ومطلع الشهر الجاري كان الرئيس اليمني علي عبدالله صالح قد أقال وزير الصناعة والتجارة السابق يحيى المتوكل على خلفية زيادات سعرية مفتعلة من قبل التجار فشلت وزارته في وضع حدها ما أدى الى حالة سخط عكستها المظاهرات والاحتجاجات الأخيرة. وفي غضون ذلك شهد هذا الأسبوع وبصورة يومية اجتماعات مشتركة للمجلس الأعلى للقضاء والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد والجهاز المركز للرقابة والمحاسبة لوضع آلية عمل وتشكيل لجان مشتركة للمتابعة والتنسيق واستكمال الترتيبات لعقد لقاء تشاوري بين أطراف المنظومة الوطنية لمكافحة الفساد. وعلمت "العربية.نت" من مصدر مسؤول في هيئة مكافحة الفساد - فضل عدم الكشف عن اسمه - أن هناك توجيهات رئاسية غير مسبوقة للتسريع بفتح ملفات كبار المسؤولين والوزراء المتورطين في قضايا فساد. واعتبر المصدر أن ملفات كبار المسؤولين كان من الصعب الاقتراب منها قبل التطورات الإقليمية والمحلية الأخيرة والمتمثلة بثورتي الشباب في تونس ومصر, وتزايد الفعاليات الاحتجاجية في عديد من المدن اليمنية والمطالبة بإحداث إصلاحات حقيقية ومكافحة الفساد والفقر والبطالة إضافة الى المطالب السياسية والديمقراطية.