ينظر اليمنيون بحذر إلى مستقبل ثورتهم التي نادت منذ مطلع العام 2011 بإسقاط نظام الرئيس علي عبد الله صالح وانتهت بتسوية سياسية بين الموالاة والمعارضة بالتوقيع على المبادرة الخليجية، التي لا يعترف بها الثوار. ولا يزال مئات الآلاف من اليمنيين في الساحات والميادين العامة في 18 محافظة يهتفون ضد المبادرة الخليجية منذ التوقيع عليها في نوفمبر/تشرين الثاني، ويعتبرونها لا تعنيهم ويؤكدون عزمهم على الاستمرار في الثورة حتى إسقاط النظام برمته من موالاة ومعارضة . وغدت المبادرة الخليجية التي ارتضاها أطراف الصراع في اليمن محل تجاذب، ما دعا نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي لتحذير الأطراف المتصارعة من مغبة التلاعب بتطبيق بنودها . وقال هادي ليونايتد برس انترناشونال" أي محاولة للالتفاف على تنفيذ المبادرة الخليجية من قبل الأطراف السياسية سيكون موضع رفض من قبل المحيط الإقليمي والدولي ". وأكد على أن إدارة المجتمع الدولي بشأن إنهاء الأزمة اليمنية تترجم عن طريق المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية والمحددة بقرار مجلس الأمن 2014، الذي صدر نهاية أكتوبر الفائت. ويتولى هادي، نيابة عن صالح،، منذ توقيع الأخير على المبادرة الخليجية أواخر نوفمبر الماضي بالعاصمة السعودية الرياض، إدارة شؤون اليمن لفترة انتقالية أولى، تنتهي بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة أواخر فبراير/ شباط القادم. وكرر صالح الإعلان بأنه إذا تخلى عن حكم اليمن فإنه سينتقل إلى المعارضة عبر توليه رئاسة حزب المؤتمر الشعبي العام، لكن هذا الإعلان يشوبه الكثير من الشك إثر كشف مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن جمال بن عمر أن صالح سيسلم مقاليد السلطة إلى نائبة هادي ويتوقع أن يكون خروجه من اليمن نهائيا. ومن أجل خروج اليمن من الأزمة التي يمر بها قال ماجد احمد من الحزب الاشتراكي اليمني ليونايتد برس انترناشونال" نحن مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بتكاتف الجهود والتعاون مع كل من يقدم يد العون لليمن ولن يكون بالإمكان تجاوز المحيط الإقليمي والعالم" . وأضاف احمد" لا بد من تفعيل المبادرة الخليجية والترحيب بدور أمريكي هو الأقرب إلى مصالحنا .لقد انتهى حكم صالح فعليا ولم يبق سوى الفوضى، والمخرج المتاح الاحتكام الثورة الشعبية والمبادرة الخليجية". وتنص المبادرة على إنهاء رئاسة صالح رسميا، بيد أنها تمنحه حصانة من المقاضاة، والأمر الأكثر أهمية أن أقرباءه لا يزالون في السلطة، كما أن عائلته حرة في أن تشارك بسياسة الدولة، والاهم من ذلك أن أقرباءه لا يزالون يقودون الجيش والأجهزة الأمنية. وقال مسؤول التنسيق الخارجي في ساحة الحرية بمدينة تعزجنوبصنعاء، عبد الجبار الحاج ليونايتد برس انترناشونال إن ثوار الساحات يرفضون مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي . وأضاف الحاج "إن تشكيل ما يسمى بحكومة الوفاق الوطني من قبل أصحاب التسويات سوف لن يثني الشعب اليمني الثائر عن مواصلة ثورته حتى إسقاط النظام بكامله مع كل مؤسساته ". ولم يخل موقف الثوار من التشكيك بالمبادرة الخليجية ووصفها بأنها"خيانة" من قبل السياسيين اليمنيين . وقالت وفاء الوليدي، إحدى قياديات الثورة ليونايتد برس انترناشونال إن "المبادرة الخليجية أو المؤامرة الخارجية من بنودها أن يصبح عبد ربه منصور هادي القائم بأعمال الرئيس،ولكن لم يكن هناك بند يقول ماذا لو مات هادي بحادث أو بأزمة قلبية من سيكون الرئيس وقتها؟ أليس علي صالح؟". وأضافت الوليدي أن" المضحك المبكي أنهم تطرقوا إلى إعادة هيكلة الجيش باستحياء وبأقل من سطر دون تحديد آلية وكيفية هذه الهيكلة وعلى من ستكون؟ ثم كيف ستقوم دولة مدنية في ظل وجود قيادة عسكرية يحكمون ويتحكمون بها" . ولم يخف رئيس حكومة الوفاق التي تشكلت بموجب المبادرة محمد سالم باسندوه ، مخاوفه من العقبات التي ستواجه بلاده عقب انتهاء نظام صالح . غير أن محمد العابد عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي قال ليونايتد برس انترناشونال " إن حالة التقاسم والمحاصصة لحكومة باسندوه لا توحي إلا بوجود خلاف بين أقطاب السلطة والمعارضة على نصيبهم". وأشار إلى أن حكومة باسندوة لم تراع تضحيات الثوار، متسائلا " وكأنه لم يكن هناك دماء ولا شهداء ،وكأنه لم يكن هناك مطالب أساسية أدت للخروج إلى الساحات أصلا ". لكن الكاتب والصحافي عارف أبو حاتم يعول على حكومة الوفاق في" نزع فتيل الحرب الأهلية التي سعى نظام الرئيس صالح إلى إشعالها بكل وسائل الإغراء والترهيب وشراء الأفواه والسواعد ". وقال حاتم ليونايتد برس انترناشونال" كادت الحرب أن تشتعل في صنعاءوتعز وأبين، واستخدم نظام صالح كافة أنواع الأسلحة ضد الثوار، بما فيها الطيران والقصف المدفعي " . ورأى الباحث علي غرامه، المتخصص في القانون الدولي بجامعة عدن " "أن الاتفاقية الخليجية تنطوي على بعض نقاط الضعف لأسباب عدة، فهي صفقة بين حزب صالح الحاكم ومجموعة من الأحزاب المعارضة في المعروفة باسم (اللقاء المشترك)". ويعتقد غرامة " أن الثورة لازالت مستمرة ولن تتوقف إلا بسقوط النظام ". وأشار إلى" أن الاتفاق أو مبادرة الرياض، كما يسميها، استثنت المحتجين في الشوارع والحوثيين الذين يسيطرون الآن على شمال اليمن، إضافة إلى الحراك الجنوبي الذي يطالب بالانفصال وتشكيل دولة جديدة". ولم يتحدد بعد محور السلطة في اليمن بعد رحيل صالح، لكن أحمد أكبر أبنائه يقود الحرس الجمهوري، ويسيطر ثلاثة من أبناء أشقائه على وحدات الأمن والمخابرات في البلاد، الأمر الذي يجعل السلطة الفعلية في أيديهم. وعلق الأستاذ المحاضر بجامعة صنعاء، معتوق الرعيني على مستقبل الثورة قائلا ليونايتد برس انترناشونال" لم ينته حكم صالح، والدليل أن جميع المنظومات السياسية والإدارية والقيادية ما زالت مستمرة، ونائب الرئيس يمارس صلاحيته كنائب رئيس، وكرئيس للجمهورية بالوكالة ". وهدد وزير الصناعة والتجارة اليمني سعد الدين بن طالب بتقديم استقالته ما لم تنفذ حكومة الوفاق لتي يرأسها باسندوه المطالب التي خرج الثوار من أجلها. وقال طالب الذي كان احد أعمدة نظام صالح في ندوة بساحة التغيير بجامعة صنعاء " إذا لم تنفذ الحكومة المطالب التي خرج الثوار من أجلها سأقدم استقالتي من الحكومة فوراً"، معتبراً أن المبادرة الخليجية" ليست ملزمة لأبناء الشعب إذا رفضوها"، وداعياً الثوار إلى "الاستمرار في فعالياتهم من أجل تحقيق كامل أهداف الثورة". وناشد وزير الثقاقة السابق الدكتور عبد الوهاب الروحاني العمل على نجاح الثورة وقال ليونايتد برس انترناشونال " لنجاحها يجب التأسيس لحوار وطني يقود إلى معالجة القضايا الساخنة، من حراك جنوبي، وحركة حوثية، وإعمار ما خربته الحرب هنا وهناك " . وطالب بمعالجة الأزمة الاقتصادية، واستئصال تنظيم القاعدة وبناء دولة مدنية حديثة، تتجسد فيها معاني الوطن، وتبرز فيها مفاهيم الوحدة اليمنية السلمية . هكذا بعد عام ما يزال اليمنيون يعولون على أن تتجلى قيم ومبادئ ثورتهم، التي ضحى من أجلها الشباب، وهيأ لها المستنيرون الرافضون للقهر والمتطلعون للحرية والمبشرون بإشراقه الزمن الجديد في خضم رياح تغيير تطال دولا عربية وتستثني أخرى .